لم تعد كسابق عهدها، فهي تحتاج الى ان أُعيد عليها طلبي وسؤالي مرارا وتكرارا كي تجيبني، هاتفها المحمول لا يفارقها، نصائحي لها بتركه باتت سُدى.
ابتدأت أشعر بالغيرة من هذا الجماد الذي اصبح طرفا ثالث ليفرق بيننا، هل حصل شيئا من هذا القبيل لأحدكم من قبل؟
أشعر بالوحدة والتشتت والضياع في منزلي ،لم يعد المنزل يسمع ضحكاتها وكلامها، وابتدأت تعيش بعزلة ليس عني فقط بل عن الأولاد أيضا..
المتابعة التي كانت تبديها لهم سابقا قلّت لدرجة انّ ملابسهم تبقى لعدة أيام في حوض الغسيل، مما يُضطَر بهم الامر لارتداء الملابس المتسخة.
اعلم جيدا انها ليست خادمة ولكن منزلنا بغيابها الحاضر افتقد للتدبير.
محاولتي المتكررة ان احل معها الموضوع لم تنفع وأشعر انّ الطريق أمامي وصل لمرحلة الخطر،
فالتجأت لوالديها وهما الحل الوحيد امامي لكنها لا تبدي أي تقبل للنصائح.
اشعر ان ساعة الصفر قد تحل قريبا، كلامي الممزوج بالحب والود لم يعد يغير حالها، أصبحت كمدمنة لمواقع التواصل الاجتماعي في نهاية المطاف.
جهازها اللوحي يشعرها بالأمان حسبما تقول، وهي لا تستطيع ان تستغني عنه فهو وسيلتها للتواصل مع العالم الخارجي، ولكن من انا؟؟
ألم اكن سابقا الوطن، والروح والقلب والزوج والحبيب، ما الذي قلب الموازين؟
طريقنا العكر بدأ من هذا الجهاز حتى شعرت انه يحتوي على لعنة تناثرت بيني وبينها بدخوله المنزل.
سألتها ألا أعني لك شيئا؟؟ اجابتني انت كل شيء ولكنني لا استطيع ان امنع نفسي عن مواقع التواصل الاجتماعي فهي تشعرني بالراحة لدرجة انني انسى همومي واحزاني وتخفف علي من لبكة واجباتي واخذت تبرر وتبرر لنفسها وبالنهاية تركتني قبل ان اكمل الحديث قائلة قبل انصرافها.. اذا وجدتني مقصرة اتجاهكم في الاعمال المنزلية فينبغي ان تمد لي يد العون فانا لست الخادمة انا سيدة المنزل وانا و انا وابتدأت تتكلم بكلمات لم اسمعها منها من قبل.
وجدت نفسي عاجزا عن التفكير وما كنت اخشى حصوله وهو الجدال قد حصل، ولعلمي جيدا ان الجدال بين الأزواج يحدث نتيجة الاختلاف في التفكير وهو التمهيد لمراحل اكثر قسوة ومرارة.
خرجت من منزلي لعلي اجد حلا لما سيحدث قبل وقوعه، وأخيرا توصلت لحل ان أعطّل شبكة الانترنيت وهذا ما فعلته بعد رجوعي الى المنزل، لكنها لم تبدِ لذلك الموضوع أهمية فاتصلت بالأنترنيت على شبكات الهاتف المحمول، وهكذا لم يكن حلي ناجعا.
استمرت جدالاتنا ومشاجراتنا بسبب تقصيرها اتجاهي واتجاه الأطفال فاضطررت لان اخبر والدها لكنها لم تتعظ ولم تبدِ اهتماما وادّعت بانها تقضي اوقاتها على الانترنيت بسبب انشغالي الدائم عنها.
هل ما تفعله صحيحا؟! ان ترتبط بمواقع التواصل فتتسبب بتفكك الترابط الاسري، ألا يوجد حلا في منتصف الطريق، الا يمكن ان ترضي جميع الأطراف، ألا تستطيع ان تقسم وقتها حسب الأولويات فتبدأ بالأولاد والزوج ثم الأمور الأقل أهمية كالأنترنيت؟
ألا يمكن ان تكون اكثر حرصا على علاقة الزواج والارتباط من حرصها على علاقاتها مع صديقاتها والمجاميع في مواقع التواصل الاجتماعي.
النصائح كثيرة ولكن ما من احد يسمعها، وزوجتي منهم ، فقد وضعت سدادات في اذنها فلا تسمع من أي احد شيئا، لكن صبري بدأ ينفذ ولم اعد اتحمل ان تنظر زوجتي لجماد اكثر مما تنظر الينا، حذرتها انّ ساعة الصفر ستدق قريبا، وانّ ما تفعله سيتسبب بانفصالنا الى الابد، لكنها ما عادت تبدي اهتماما.
وفي منتصف ليلة ما وبينما أصوات الاشعارات تدق على مسامعي اخبرتها ان غدا صباحا ستنتقل للعيش مع والداها لأنني لا اريدها زوجة بعد الان، وانني عزمت ان اتزوج ، لم تصدق ما قلته لها واعتبرته مزحة لاني هددتها بانني سأتزوج مرارا لكني لم افعل محاولا افساح المجال لعلاقتنا بالاستمرار، لكن ما اعتبرته هزلا اصبح في الصباح حقيقة.
اضطررت لذلك لم اكن ممن يبيع العشرة او ينسى المعروف او ينكر الأيام الجميلة، لكنني رجل احتاج الى الاهتمام واولادي يحتاجون للرعاية ونحن في غياب المسؤولة عن ذلك لا نستطيع ان نعيش.
اضافةتعليق
التعليقات