تزداد معدلات الفقر بشكل كارثي في عالم التضخم الاقتصادي الذي نعيشه وطبقا لإحصائيات "إسكوا" فقد ناهز عدد الفقراء في العالم العربي اليوم 130 مليون شخص وتوقع التقرير أن يتواصل ارتفاع هذا العدد خلال عامي 2023 و2024 ليصل إلى 36% من مجموع سكان الدول العربية وموازاة مع ارتفاع نسبة الفقر ارتفعت نسبة التضخم في المنطقة العربية خلال العام الماضي وبلغ معدلها 14%، من المتوقع أن يعيش 8.4 في المائة من سكان العالم، أو ما يصل إلى 670 مليون شخص، وتزداد هذه الاحصائيات أكثر فأكثر مع زيادة الحروب الحاصلة في الفترة الأخيرة مع الزلازل وهذه الحوادث التي تكبد الكثير من الخسائر سواء للدول أو للأشخاص.
لو نظرنا إلى العصور الأكثر ازدهاراً أو الفترات الزمنية التي كان النظام والتنظيم فيه متقنا لوجدنا أن عصر أمير المؤمنين (عليه السلام) هو أفضلها ونجد أن رسالته إلى مالك الأشتر النخعي نموذجاً ناجحاً ودائرة تنظيم دولية مواكبة لكل الأزمان والأماكن وقدم فيها مواصفات القائد الاقتصادي والسياسي وقدم شروط ونقاط أساسية في صناعة حياة اقتصادية بكافة النواحي من الزراعة، الصناعة، التجارة، الحرف اليدوية وغيرها من أدق التفاصيل، فالرسالة هذه هي رؤية علمية مدروسة بصيغة استراتيجية على المدى البعيد وفق احصائيات واضحة المعالم.
فانطلقت الرسالة بأخلاق الحاكم ثم مقياس الحاكم الصالح وتعامله مع رعيته والخوف من الله أولاً أي بمعنى صناعة الضمير الحقيقي وترويضه وهذه النقطة الغائبة في القيادات السياسية الحاكمة في الدول الفقيرة وأهمية انتهاج العدل والانصاف في الحكم كما ركز (عليه السلام) على أهمية السيطرة على الوشاة والفاسدين والجواسيس وكذلك المرتشين في معاملات الدولة الرئيسة ومن الأحكام اللطيفة التي تلفت النظر وقد افتقدناها هي البساطة في المعاملات الإدارية بدون تعقيد وتكبير لحجم الموضوع دون الحاجة لذلك التعقيد، فالتبسيط مسألة مهمة جداً لتسهيل حياة الناس والابتعاد كامل البعد عن الحروب التي تكبد الدول الخسائر العسكرية وأكد على تثقيف الولاة والطبقة الإدارية بصيغة مركزة فهذه الطبقة تحديداً هي القبطان لسفينة الدولة متى ما مال القبطان ضاعت الدولة بين الشتات والفساد وانهيار منظومات أساسية كالتعليم والصحة ثم انتشار الفقر وتردي الأوضاع المعيشية لفئة الغالبة في المجتمع وتلحقها انتشار الممنوعات بالتالي انهيار منظومة العائلة نفسها.
وهذا كله نشهده في واقعنا الحالي بمجتمعاتنا المحلية القريبة ضمن دوائرنا الخاصة فالرابط القوي بين الحالة الاقتصادية للعائلة والاستقرار المادي له تأثير كبير على سعادة الأسرة والحالة النفسية لها فكلما انخفضت الرفاهية وزادت الضغوطات تحولت الحالة في البيت إلى طاقات مشحونة تنتظر لحظة الانفجار، من المهم أن يكون الإنسان قنوعاً ومتقبلاً لما هو عليه فهذه تحديداً نقطة انطلاق لتحسين الحالة المادية لأن القبول يجعل الشخص يفكر بطريقة أوضح وتظهر دقة التفاصيل بالتالي سيتم صناعة خطط جديدة وطريقة أفضل للعيش المادي.
اضافةتعليق
التعليقات