لطالما احتضنت كربلاء المشاريع الثقافية الهادفة التي تنم عن مدى اهتمامها لهذا الجانب المهم حيث تبنت العديد من المهرجانات والعروض المسرحية على خشبات مسارحها سواء في مسرح البيت الثقافي أو مسارح الجامعات الحكومية أو الاهلية إذ تركت بصماتها الثقافية في كل الجوانب الاجتماعية والدينية.
فقد تناولت العروض المسرحية قضايا تنم عن رسائل معبرة للجمهور المحب لهكذا نشاطات وفعاليات جمعت كل من الأدباء والمتذوقين والهواة.
وللتعرف أكثر عن مزايا المسرح وأبعاده الثقافية التقت (بشرى حياة) الفنان والأستاذ الجامعي حيد عطا الله الحاصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة الفنون المسرحية تخصص فن التمثيل.
نبذة تعريفية
حيدر عطا الله إنسان يسعى أن يكون أفضل، اختار التخصص المسرحي حباً بالتمثيل، إذ كان يسعى أن يكون ممثلاً يشار له بالتميز سواء في المسرح أو في مجالات الإبداع الأخرى، وهو الآن في مستوى التمثيل.
حدثنا قائلاً: تراودني فكرة الاخراج السينمائي والتلفزيوني لكنني أجدها تتطلب دراسة متقدمة في معاهد عالمية لها حضورها الفاعل فنيا، لأن الاخراج فن يركن إلى الفلسفة في الطرح فضلاً عن العلم والإبداع، ولربما لست مستعدا إلى هذه الخطوة الآن.
وحول الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد وإن كانت قد أثرت على المسرح وجعلته يعيش نوعا من العزوف قال:
الاقتصاد عصب الحياة، والمسرح يتطلب انتاجا، وهكذا يتأثر بشكل واضح، لا سيما وأن عائدات المسرح تعتمد على بطاقة الجمهور الذي ساهم الاقتصاد بعزوفه، فضلا عن دخول مواقع التواصل الاجتماعي على خط الترفيه، وتوقف المشاريع الحكومية في تبني ثقافة مسرحية فاعلة.
وعن منجزاته الفنية والتدريس أضاف:
في المسرح نحن ناشطون مذ كنا طلبة، قدمنا أكثر من عمل مسرحي كممثل منها (كيمياء الألم) وكمخرج منها (افتراض ما حدث فعلا) فضلا عن تمثيل مسلسلات تلفزيونية منها (بنت السركال وروح) أما الجانب التدريسي فهو لم ينقطع الآن حيث أعمل كتدريسي في كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد.
وسؤالنا عن كيف ينظر الدكتور حيدر للمسرح الكربلائي أجاب:
لا يوجد مسرح في كربلاء الآن، توجد محاولات مجتهدة نخبوية من أحباب المسرح ولا توجد صناعة، فالمسرح يعني سلسلة عروض هادفة تستقطب جمهور وهذا غير موجود.
وفيما يخص الرقي بالعمل المسرحي الوطني تابع:
العمل المسرحي صناعة تتطلب دخول الدولة على خط الإنتاج، وإعداد برنامج تطويري يستهدف الجماهير بطريقة محافظة تناسب ثقافات المدن كمدينة كربلاء وهكذا لابد من مراعاة ذلك في الموضوعات التي تطرح والمعالجات الاخراجية فضلا عن نوع الأزياء التي تعتمد .
إن المنافس للمسرح بقوة هي مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى نأتي بالناس إلى المسرح لابد من خطة حكومية فاعلة.
وحول مشاركاته في مناقشات خاصة برسالة الماجستير واطروحات الدكتوراه وهل نال بدراسته الهدف المنشود الذي كان يتوق له قال:
كانت لنا مشاركات متعددة في الإشراف والمناقشة لرسائل الماجستير خارج العراق في تخصص الإعلام بحكم عملنا السابق كأستاذ في قسم الصحافة، فضلا عن رسالة الماجستير واطروحة الدكتوراه التي تحولت فيما بعد لكتاب عنوانه (الاستعارة في المسرح، دراسة في أداء الممثل) ولدي بحوث متعددة منشورة منها (الأداء الثقافي للجسد في المسرح النسوي، مسرحية قفص نموذجا، وتأثير الحرب على أداء الممثل المسرحي من وجهة نظر الخبراء) فضلا عن بحوث أخرى مقبولة للنشر .
ويرى عطا الله، أن الطلبة يستفيدون من مختلف الدراسات المطروحة بيد أن الدراسة هدفها الأول هو حل المشكلة التي ترتكز عليها الدراسة في مجال التخصص .
وفيما يخص إن كان بإمكان المسرح أن يطرح الواقع بتفاصيله ويكون مؤثرا بالمشاهد لإثارة الجمهور استرسل قائلا:
المسرح يطرح ما يشابه الواقع، هو واقع مصنع تم انتقاءه بصورة قصدية جمالية هدفها متعة المتلقي وإيصال رسالة ثقافية انسانية له بهدف افادته وهكذا يكون مؤثرا، بيد أن التأثير يعتمد على جودة الصناعة من مؤلف ومخرج وممثل .
وعن امكانية اثبات المسرح لوجوده بشكل أقوى وفعال في المجتمع ودور المسرح المدرسي قال:
سابقا كان للمسرح حضوره الفاعل، إلى درجة أن المسرحية تبقى على خشبة العرض سنوات أما الآن وبحكم ما أصاب البلاد من دمار فتراجعت مختلف مرافق الحياة ومنها المسرح عموما، والمسرح المدرسي خصوصا فنحن بحاجة إلى درس خاص بالمسرح في المدارس لنعلم الأطفال والمراهقين كيفية التكاتف والدخول في جو الجماعة وإخراج المنعزلين منهم ومخالطتهم بالآخرين، وتشجيعهم على قبول الرأي والرأي الآخر من منطلق أن المسرح هو أحد العناوين المهمة للديمقراطية .
وفيما يخص امكانيات رفض وقبول النصوص المسرحية وتقيد المخرج والممثل والمؤلف وفق ضوابط معينة تابع بالقول:
المسرح لا يرفض المسرح يقبل كل شيء لأنه مساحة حرة للنقاش، المجتمع يرفض والمؤسسات ترفض وتحدد العروض بضوابط خاصة بها.
بيد أن المؤلف والمخرج يخضعون تارة للمؤسسات لأنهم دون موافقة لا يمكنهم تقديم نتاجاتهم بحكم أننا بلد لا يحمي المختلف وإن ادعينا عكس ذلك .
وسؤالنا عن رأيه كيف يرى الشباب المسرح اليوم، هل ما زال في نظر البعض محطة للتسلية ولا يجدي نفعا، قال:
المسرح محطة للنفع والتسلية بل حتى إن التسلية وحدها هي نفع بشكل أو بآخر إذا ما قدمت دون ابتذال فالشباب اليوم محدود الرؤية لا يقرأ لا يثابر ولا يجتهد وغالبا هو لا يفكر وهذا ما يؤسف له .
وحول تجربته في مجال التدريس قسم الصحافة أضاف:
تخصصي الدقيق فنون مسرحية (تمثيل) أرى المسرح هو أول مؤسسة إعلامية منظمة في التاريخ، بيد أن الكثير من الاعلاميين تغيب عنهم هذه الحقيقة فهو يبعث برسائل للجمهور، فهو (مرسل ورسالة ومرسل إليه) واليوم يدرس في الاعلام ضمن مادة الاتصال الجماهيري، التجربة بالنسبة لي كانت ممتعة جدا وأحسب أنني نجحت فيها وانفتحت من خلالها على العمل الاذاعي، حيث عملت في اذاعة المحافظة معدا ومقدما ولدورتين أو أكثر كنت مديرا للبرامج، كما أنني عبرها تمكنت من الاشراف على رسائل ماجستير عدة في تخصص الإعلام خارج العراق بحكم الممارسة وحكم التخصص الذي هو يندرج ضمن أبواب الاعلام المتعددة كما يراه العالم .
ختم الدكتور حيدر حديثه فيما حققه خلال مسيرة عمله وما كان يصبو إليه بالقول: لقد حققت جانبا بأن أكون أستاذا في كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد متخصصا في التمثيل، بيد أنني أطمح للمزيد من التجارب العملية لا سيما في تخصص التمثيل، فالتمثيل بالنسبة لي هواية وطموح ومهنة تحقق شغفي وأنا عازم على تطوير مهاراتي فيها بشكل غير قابل للتوقف.
اضافةتعليق
التعليقات