باتت وسائل التواصل الاجتماعي المحرك الأول للرأي العام، ولهذا أصبح (التريند) في الشبكة العنكبوتية وعلى جميع المنصات ذا حضورٍ لافت، إذ يفرض نفسه على المتابعين، ولا سيما رواد السوشيال ميديا.
وقد استخدمه بعضهم في مشاريع غير مشروعة، إلا أننا نسلّط الضوء على جانبه الإيجابي، حيث تكمن خلف استخدامه قوة ناعمة ووسيلة مؤثرة في الجانب الإنساني والأعمال الخيرية.
(بشرى حياة) تأخذنا في جولة إلى عوالم (التريند) داخل الفضاء الإلكتروني...
ضوابط واضحة
تقول الإعلامية تبارك عبد الأمير، المتخصصة بمتابعة الإعلام الرقمي:
"التريند ظاهرة اجتماعية قوية، لكنه بلا ضوابط واضحة، مما جعله أداة بيد من يجيدون اللعب على وتر العاطفة، وأخطر ما فيه أن الناس لا تتأكد من مصدر المعلومة بقدر ما تندفع وراء العاطفة.
إذ يكون هناك أحيانًا خبر قصير أو مقطع فيديو مؤثر يكفي ليتصدر منصات التواصل ويصبح حديث الناس، ويتفاعل الجمهور معه بدافع الإنسانية، فيشارك المنشور ويدعم القضية وربما يتبرع، دون أن يتأكد غالبًا من حقيقة القصة، وهنا يبدأ الاستغلال.
لذلك يجب توخّي الحذر في مثل هذه القضايا، واللجوء إلى إجراء تحريات دقيقة عن أي منصة تستخدم وسيلة التريند للأعمال الخيرية وغيرها، والتأكد من مصداقيتها."
استثمار إيجابي
ينقل الحاج أبو عصام رأيه في هذا الجانب قائلًا:
"يمكن استثمار التريند في قضايا إنسانية، كالدفاع عن شخص مظلوم أو مساعدة محتاج. أنا شخصيًا أعمل في مجال الأعمال الخيرية بجمع التبرعات ومساعدة العوائل المتعففة، وأستخدم وسائل التواصل للإعلان عن النشاطات وتغطيتها وجمع التبرعات.
ولربما لا أستخدم وسيلة التريند المعروفة، إلا أنني أجدها وسيلة ناجحة إذا استُخدمت بطريقة صحيحة تكون ذات منفعة للمجتمع."
حساب وهمي
يعترف أسامة علي، صاحب مركز حلاقة للرجال، قائلًا:
"لقد كنتُ مغفّلًا حينما شاهدت مقطعًا لطفلة تبكي وتناشد المتابعين لتوفير دواء باهظ الثمن لوالدتها المريضة بالسرطان. خلال أيام جمعت الحملة ملايين المشاهدات ومبالغ مالية وفيرة عبر التحويلات، وكنتُ من بينهم.
لاحقًا اكتشف المتابعون أن الفيديو مفبرك، وأن الحساب وهمي، بينما أُغلق الحساب وجُمعت الأموال لحساب مجهول.
وفي حالة أخرى، انتشرت دعوة عاجلة لبناء منزل لعائلة أيتام تعيش في ظروف (مأساوية)، فتَعاطف الآلاف وساهموا بمبالغ مالية، وبعد تدقيق صحفي اتضح أن الصور مأخوذة من موقع أجنبي لعائلة لا علاقة لها بالقصة."
وختم حديثه قائلًا:
"من الضروري جدًا التأكد من مصداقية الحملات المُعلنة تحت مسمى (التريند)، وعلى الجهات المعنية وضع ضوابط دقيقة لا يمكن اختراقها أو تزويرها، حتى لا يفقد المتبرعون ثقتهم ولا يُستغلوا."
رؤية اجتماعية
تحدثت الباحثة الاجتماعية نور مكي الحسناوي في هذا الجانب قائلة:
"التريند في السوشيال ميديا من أشهر الكلمات في وقتنا الحالي، ويُقصد به المحتوى الذي يحظى بانتشار سريع بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك، تويتر، إنستغرام، يوتيوب) وغيرها.
يمكن أن يكون التريند مقطع فيديو أو صورة أو منشورًا أو هاشتاغًا، أو حتى يتعلق بالموضة أو التكنولوجيا أو الأخبار، أو حركة الأسعار في الأسواق المالية (أسواق صاعدة أو هابطة)، أو غير ذلك من المجالات التي تعكس توجهات الجمهور واهتماماته، والتي يمكن للمسوّقين والشركات الاستفادة منها للترويج لمنتجاتهم وخدماتهم.
وتُسهم منصات السوشيال ميديا في انتشار التريندات بسرعة كبيرة."
وأضافت:
"هناك من يستغل هذا الجانب، مما أدى إلى خيانة للثقة الاجتماعية، لأنه يضرب واحدة من أسمى القيم الإنسانية وهي التضامن. حين يكتشف الناس زيف مثل هذه الحملات، يفقدون الثقة حتى بالحملات الصادقة.
وعلى الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني أن تنظم عملية جمع التبرعات إلكترونيًا عبر منصات رسمية وموثوقة، حتى لا تُترك المسألة فوضوية بهذا الشكل، ولتكون هناك استفادة حقيقية من هذا النشاط الإلكتروني بما يخدم المصلحة العامة."
مسك الختام
إن ظاهرة التريند سلاح ذو حدّين؛ يمكن أن تكون جسرًا للخير ودعم المحتاجين إذا استُخدمت بشفافية، لكنها تتحول إلى فخٍّ قاسٍ عندما يستغلها المحتالون لجمع الأموال على حساب مشاعر الناس.
وبين وعي المتابعين وغياب الرقابة الرسمية، يظل السؤال مطروحًا:
كيف نحمي إنسانيتنا من أن تُباع في سوق التريند؟








اضافةتعليق
التعليقات