يتسم شهر محرم الحرام في شوارع كربلاء وضواحيها والمدن الأخرى وحتى بعض دول الجوار بالكثير من المراسيم الدينية ومن جملتها الولائم العاشورائية التي يقوم أصحاب المواكب بتوزيعها على الزائرين والمارة من عامة الناس, وأشهر طبخة في موسم عاشوراء هي(الأرز والقيمة) والتي يتفنن بها الطهاة بتحضيرها على الطريقة النجفية كما للنساء مشاركة في تهيئة هذه الولائم في المنازل..
فما الغاية الرئيسية من هذه الموائد العامرة؟
وليس ليوم واحد بل على امتداد أيام شهري محرم وصفر حتى ذكرى أربعينية الامام الحسين(عليه السلام)..
(بشرى حياة) تجاذبت أطراف الحديث مع بعض الطهاة عن الأهداف الدينية والاجتماعية بهذه الطقوس..
منظور إنساني
الحاج أبو هادي أحد الطهاة في موكب عقيلة الطالبيين في أحد شوارع مدينة كربلاء المقدسة حدثنا قائلا: تعد هذه المبادرة من أهم صور التكافل الاجتماعي من المنظور الانساني, إذ هناك الكثير من المارة وخصوصا من يعمل بائع جوال إذ يبيع بضاعته بصعوبة وما يكسبه يكون مبلغا زهيدا لا يسعه لشراء الطعام, فنجدهم يتناولون من الموكب ما يسد رمق جوعه من سفرة الامام وهذا الأمر بحد ذاته هو من جملة الرسالة الحسينية التي خرج لأجلها سيدنا ومولانا أبا عبد الله وهي التكافل الاجتماعي ولكن بصورة أخرى.
إحدى السيدات (أم زينب) كانت تتناول الطعام مع عائلتها شاركتنا الحديث قائلة: أرى أن أغلب الطهاة الحسينيون يعشقون طهو الأرز والقيمة إذ يعد تراثاً حسينياً لا يتجزأ كما للنساء دور في تحضير هذه الوجبة الحسينية المتعارف عليها في المنازل لكن إذا كانت بكميات كبير يتصدرها الرجال وفي حقيقة الأمر هم أكثر مهارة في تحضيرها.
ختمت حديثها: توقفت مع بناتي لست لأني جائعة بل للتبرك من (زاد الامام الحسين عليه السلام).
عطر عاشوراء
من جانب آخر قال أبو تمام أحد المساعدين الرئيسيين لصاحب موكب نور الأئمة: إن أكلة الأرز والقيمة هي أكلة عراقية بحتة اشتهر بها أهالي مدينة النجف الأشرف والكربلائيون حيث اعتادوا على أن تكون الطبق الرئيسي للطعام المطهو بهذه المناسبة الدينية.
وأضاف: كما أن تحضيرها له مراحل متعارف عليها لكن يجب أن يكون وفق مقاييس محددة من المواد المضافة مثل معجون الطماطم والتوابل وغيرها وتؤكل مع الأرز غالبا.
إن من الأهداف الرئيسية لطهو الأطعمة وتقديمها هو نقل صور من التكافل الاجتماعي الانساني ومساعدة بعضنا البعض والتبرك من خدمة الامام لزائريه الذين ينهكهم عناء الطريق من بيوتهم حتى مركز المشاركة في المسيرات الحسينية.
وتابع قائلا: كما يعد طبخ الطعام في ذكرى عاشوراء تراثا حسينيا توارثناه عن آبائنا وأجدادنا حيث لا نشعر بالتعب خصوصا حينما نجد الكثير من يساعدنا في تجهيزه من المتبرعين من أبناء المحلة وحتى بعض المارين في الطريق وذلك يشعرنا بأننا عائلة واحدة.
كما هناك مساهمات أخرى من قبل البعض في تحضير وجبات أخرى غير (التمن والقيمة) مثل (الهريسة, والشوربة والزردة) وذلك تحت رغبتهم ومن مالهم إذ يعدونها نذرا يلزمون أنفسهم بالقيام به.
لذلك تستعد العوائل كل عام في هذا الشهر إلى تهيئة مستلزمات الطبخة وتكون أحيانا بكميات كبيرة, وما يميزها طعمها الأخاذ ونكهتها الخاصة بعطر عاشوراء, حيث كل الزائرين من مختلف أقطار الأرض يرغبون في تناولها ويعدون طبخات عاشوراء مميزة وفيها شفاء للمرضى وقربانا لطلب الحوائج.
ختامها نور
عام تلو آخر ومواكب العزاء وموائد الطعام تزداد، لا يكتفون بالقليل يسعون لمزيد من العطاء في كل عام يشحذون الهمة لعامهم القادم ليمطروا بذلا وخدمة على أرض الحسين(عليه السلام) في موسم عاشوراء, اللهم لا تجعله آخر العهد لتلك السواعد التي حثها الشوق حبا لخدمة زوار إمامهم، اكتب لهم الخير في خطاهم واجعل ختام أعمالهم نورا يضيء لهم وحشة قبورهم.
اضافةتعليق
التعليقات