إن إحدى المخاطر التي تواجه شبابنا، هي خطر الهجوم الثقافي، إن هدف الغزو الثقافي في المقام الأول الأجيال الجديدة، والتي -تكون من جهة- لم تتشبع بأفكار ومعتقدات هويتها بعد، ومن جهة أخرى قابلتها لتبني أفكار معتقدات لم تكن الفوارق بين الصحيح منها والخطأ واضحة لهم، وذلك لقلة خبراتها كأجيال صاعدة، وكثرة وكثافة التأثيرات والمؤثرات التي يعتمدها صناع الغزو الثقافي، فيقوم بدفع القيم والأفكار التي يريد زرعها في عقول الشباب على أكثر من صعيد حتى يجد هذا الجيل الصاعد نفسه محاصراً أينما ذهب بتلك الأفكار والقيم حتى يعتاد عليها ويألفها.
فالغزو الثقافي يسعي كركيزة أساسية لعمله إلى استبدال الثقافة المحلية للمجتمع بأخرى أجنبية، وتلك الممارسة لا تقل خطراً عن الاحتلال التقليدي المباشر للدول، فهي تؤدي نفس الغرض بل أخطر.
من مظاهر الغزو الثقافي
ومن مظاهر هذا الغزو ما نشاهده من أعمال سينمائية وبرامج وأفلام وغيرها من الأعمال الفنية التي تتسق مع أهداف هذا الغزو بتغير قيم المجتمع وإحلال قيم أخرى بدلا منها.
إن التصديق بوجود تلك الهجمة يُعد من أهم سبل الوقاية منها وصد هجماتها، فالكثير من المجتمعات تتعرض في وقتنا الراهن لتلك الهجمة الشرسة، فتسعى لضرب كل المجهود الثقافي والتعليمي المحلي للمجتمعات المستهدفة.
بعض الأفراد يظنون أن الهجوم الثقافي أمر عادي، كأن يكون على شكل مجلة أو صحيفة أو إذاعة أو قناة فضائية.
وللحقيقة نقول: إن الهجوم الثقافي يُعد من أخطر الأمور في هذا العهد، وذكر الفقية الراحل مثالين متباينين عن الهجوم الثقافي.
المثال الأول: جاء رجل من إحدى النواحي وقال أن شاباً في منطقته اختفى عن الأنظار وهو شاب في حدود الثلاثين من العمر، وقد بحث عنه أبواه ولم يعثرا له على أثر، وبعد حوالي ثمانية أيام، عثروا عليه مرمياً في خربة ساقطا على وجهه ميتاً وقد بدت على بدنه آثار الانتفاخ بسبب حرارة الجو، وقد ملأت المكان رائحة نتنه .
وقال: لم يتمكن أهله وأبواه من الاقتراب منه، فإستأجروا عاملين ليضعوا هذا الولد الميت في كيس وينقلوه إلى المقبرة ثم يدفنوه، يقول: جاء العاملان وأخذا معهما مسحاة وقلبا هذا الشاب الذي كان منكباً على قفاه، فوجدا في يده حقنة من المخدرات، وهذا تجسيد للهجوم الثقافي .
إن الهجوم الثقافي الغربي يريد أن يجرّ شبابنا إلى خط الفساد والإنحراف والإدمان على المواد المخدرة، ففي بعض بلاد الخليج وقبل ثلاثين عاماً لم تكن ظاهرة المخدرات موجودة، لكنها تحولت إلى ظاهرة في ذلك البلد الخليجي.
وهناك مجموعة من الشباب ماتوا على أثر الإدمان على المخدرات.
البعض يقول: إن الأفلام التي تبثها الفضائيات تنتهي، وينتهي معها كل شيء، كلا؛ إن وراء هذا الفيلم إنحرافاً أخلاقياً وإدماناً وموتاً بحقنة خاطئة أو جرعة خاطئة، ولذا إن لم نحفظ شبابنا فانهم سيكونون في معرض خطر عظيم.
أنقل لكم نموذجاً ثانياً أخطر من الأول، النموذج الثاني: أخطر بكثير، عندما يذهب الشاب إلى بلاد الغرب، وهناك يقوم الغربيون بغسل دماغ هذا الشاب فكرياً وثقافياً، فينمو هذا الشاب في أجوائهم، ثم يعود هذا الشاب إلى بلادنا، وتتم بواسطة هذا الرجل إراقة دماء الملايين من المؤمنين، وإعتقال الملايين من المؤمنين وتعذيبهم، ولا أظن أن بقعة من بقاع العالم لم يصل إليها شرّ هذا الشاب، هل تعلمون من هو هذا الشاب؟ هو ذلك الذي جاء بصدام الى الحكم، إنه ميشيل عفلق، ذلك الشاب الذي ذهب إلى الغرب ثم جاء إلى بلادنا وبنى القاعدة الفكرية للبعث وعلى أساس هذه القاعدة الفكرية ولد البكر وصدام والبعثيون، كل ذلك من آثار ذلك الشاب.
إن الهجوم الثقافي يخلق عفلقاً كما يخلق البهلوي الأول والبهلوي الثاني ويخلق أتاتورك، وهذا الأخير هو من الذين أثّر الغرب على عقلياتهم، أنتم لا تقولوا: إن هذه الأفلام إنَّ هذه الفضائيات أن هذه المجلات ما هو أثرها ما هو خطرها؟ خطرها أنها تخلق عفلق وتخلق أتاتورك وتخلق رضا بهلوي وتخلق أمثال هؤلاء؛ ولذلك في الواقع نحن المتديّنين يجب علينا أن نحاول حفظ أنفسنا وحفظ شبابنا من هذا الخطر.
أولاً: نحفظ أنفسنا، ولا يَقُل أحدنا: إن هذا مجرد فيلم أشاهده ثم ينتهي كل شيء، يقول الله تعالى: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)، إذ للشيطان سياسة الخطوة خطوة، في البداية يقول: شاهد هذا الفيلم، بعدها يقول: إذهب إلى المكان (الفلاني) للقاء شلّة جالسين هناك، وهم مشغولون بالحديث والسمر، ثم بعدها يمكن أن ينزلق الإنسان إلى الإدمان ثم إلى الموت.
في ذهني مجموعة من الشباب تعرضوا لهذا الخطر وكانوا شباباً متديّنين، لذا يجب علينا أن نحاول أن نحفظ أنفسنا ونحفظ شبابنا.
اضافةتعليق
التعليقات