من المعتاد ان جميع العالم على حد سواء، يقضون مايقارب إثني عشرة سنة بين جدران المدرسة، يكتسبون مهارات جديدة، ويتعلمون الاداب والعلوم المختلفة، حيث تعتبر هذه المرحلة من المراحل المهمة جدا في فترة حياة الإنسان، مما تترك في نفسه اثار لاتزول من ثناياه حتى اخر ايام حياته، وتتوسع لديه افاق المعرفة كما إنه يحضى بمعلمين طيبين وصداقات محترمة.
قبل الف سنة تقريبا، كانت تقدم الدروس التعليمية في الدول الاسلامية في المساجد، ففي ذلك الوقت لم يلاحظ أي فرق بين الدين والعلم، فقد كانت المساجد محل العبادة والعلم في نفس الوقت، لذا نجد تلاحم كبير بين الدين والعلم لم نشاهده في اي عصر وحتى بلد.
ويشير المؤرخ الدنماركي "يوهان بدرسن" بأن التعليم مسبقاً كان جزءا لايتجزأ من الدين، فالشخص الذي يفني حياته بالدين والعلم كان يشعر بالرضا النفسي إضافة الى الرضا الالهي التام، لذلك نجد أهل العلم مقتنعين بترهل وضعهم المادي ولايثيرون أي اهتمام له، بل كانوا يتصرفون مع الوضع بإيجابية تامة مستغلين جميع الفرص من أجل مساعدة الغير.
جعل الرسول محمد (ص) المسجد مكاناً لطلب العلم والمعرفة، فلم تقتصر هداية الناس على معرفة الله و تدبر القران، بل تخطى ذلك ليشمل المعرفة في جوانب الحياة والعلوم المختلفة.
إذ بنيت تسعة مساجد في القرن الأول الهجري من زمن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، في المدينة المنورة ومدن أخرى في _السعودية حاليا_ وكان المعلمون، واهل الحكمة والعلم يعيشون في رضا ذاتي عميق.
أشار "إبن حوقل وجغرافي دان" واللذان يعتبران من الداعين والمبلغين في القرن الرابع الهجري، الى إن هنالك 300 معلم اقاموا دورات تعليمية إبتدائية في مدينة بالرمو.
وكان لإفتتاح اول مدرسة عام 12هـ.ق، أثر كبير لإشتعال العلم في نفوس العالم، حتى تم إنشاء مدرسة اخرى في سورية عام 127هـ.ق، دمشق تحديداً، كما إن مدينة قرطبة في إسبانيا لم تخلو من المدارس، ففي نهاية القرن الثاني الهجري كانت هنالك مدرسة إبتدائية لتعليم الفتيات والأولاد في أي مسجد موجود في البلد.
فقد كانت كلفة التعليم في ذلك الوقت قليلة جدا، حيث إستطاع جميع الأولاد والبنات من التعلم في المساجد، (ماعدا أطفال الاثرياء الذين كانوا يحظون بمعلمين خاصين)، فقد كانوا يتعلمون كتابة أسماء الله الحسنى، وسور من القران الكريم، إضافة الى تعليم الحساب (الرياضيات).
وفي القرن الرابع الهجري، توسع العلم ليخرج من نطاق المساجد وينتقل الى مرحلة التعلم في بيوت المعلمين، حتى تطور هذا الموضوع ليصل الى إنشاء المدارس بشكل مستقل، فقد تم إنشاء اول مدرسة مستقلة في "ايران"، وفي عام 1066م عندما هجمت النورمان على بريطانيا، أنشأت السلاجقة مدارس نظامية، وتمت تسميتها وفق الإبلاغ القائم لنظام الملك، ووزير السلاجقة، فقد كانوا هم اول من بدؤوا بإنشاء مدارس مستقلة تتكون من مساحة فارغة وحولها عدد من الايوانات، وغرفة خاصة بالمعلمين، إضافة الى الحمامات وأماكن خاصة بالوضوء ومكان للصلاة، كما إن المدرسة كانت تخضع لرقابة الحكومة وكل معلم يمتلك هوية عمل وتجويز من الحاكم.
اضافةتعليق
التعليقات