توقفت المطابع وجفّ الحبر.. هذا ماكتبته صحيفة ذي اندبنبنت البريطانية في العدد الورقي الأخير الصادر قبل أيام لتعلن تحوّلها الى الصحافة الرقمية بشكل كامل.
وتابعت في افتتاحيتها الاخيرة لكن مع إغلاق فصل، يفتح لآخر، وستواصل روحية ذي اندبندنت الازدهار.
ولم تكن هذه الصحيفة الأولى التي تتخذ هذه الخطوة فقد قامت بها صحف كثيرة، ولكن السابقة الخطيرة هي في إلغاء الصحيفة الورقية نهائيا، فالعديد من الصحف حافظت على نسختها الورقية ونقلت المحتوى الى موقعها الالكتروني وأصبح لها نسخة رقمية خاصة بالصحيفة لتواكب اتجاه الناس الى العالم الافتراضي وبرامجه المتنوعة.
فلا يخفى على أحد دور الثورة التقنية في جميع مجالات الحياة وليس فقط الاعلامية، فالبنوك ايضا واكبت هذه التطورات وبدأت بالتعامل بالتجارة الالكترونية وبعض المدارس كذلك استغنت عن الكتب والدفاتر واستعانت بأجهزة الكترونية حديثة كالايباد.
فهل هذه الاجراءات التي اتخذتها الكثير من الصحف تُنبّئ بنهاية الصحافة الورقية؟!
يقال أن عهد الصحف الورقية سيطوى مثلما طوي عهد القطار البخاري،
فالصحف الورقية اليومية باتت عاجزة عن منافسة نظريتها الرقمية في سرعتها لنقل الأخبار العاجلة والمباشرة، وهي تخسر شيئا فشيئا قرّائها ومتابعيها، فالناس لايهتمون بطبيعة الحال بشراء الصحيفة الورقية وهم يعلمون مسبقا الأخبار والمواضيع التي حدثت قبل يوم أو ساعات.
والعوامل وراء أزمة الصحافة المطبوعة كثيرة ومتشعّبة ، ومنها العولمة والتطور التقني والتكنولوجي، وعدم الحاجة في الالكترونية الى دفع رسوم فبكبسة زر تصل الى ماتريد ولاتستغرق العملية ثواني معدودة، كما أنها تمكنهم من متابعة الاخبار من أي مكان وعن أي بلد مهما تباعدت مواقعهم.
فتحصل الصحف الرقمية والمواقع بذلك على أكبر عدد من القراء، وتدعمها بالصور والفيديوهات، وكذلك قامت الكثير من الجهات الاعلامية بتأسيس صحف الكترونية مستقلة لعدم الحاجة لوجود مقر للعاملين فيها على عكس الورقية ، وامكانية القارئ الى مراجعة الارشيف للصحف الالكترونية والاطلاع على مافيها بسهولة والتفاعلية المباشرة والتعليقات التي تفتقدها الصحف المطبوعة.
وقد رأى بعض الخبراء الاعلاميين أنّ الحل الناجع في المحافظة على الورقية من الاندثار والانقراض هو تجديد المحتوى و إلغاء الأخبار الفورية التي تنقلها القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتكون الصحيفة الورقية فقط للأخبار الرئيسية والمستقبلية وكذلك التحقيقات والمقالات النقدية.
فاللصحافة الورقية تاريخ عريق ، وله جمهوره العريض الذي يرفض إلغائه بهذه السهولة، وللورقية ميزات لا تمتلكها الالكترونية مثل، متعة القراء، والتركيز الاكبر والتأني في المطالعة، والانتقائية في نشر المواضيع فالكثير من الصحف والمواقع الاكترونية تستقبل الكتابات الضعيفة وتنشرها وهو الامر الذي أثر سلبا على ذائقة القارئ. وكذلك تتعب عين المتابع المتنقلة من عنوان الى اخر وبسبب ماتعانيه بعض المواقع من مشاكل تقنية وفنية تواجه المتصفحين او المرتادين.
و كشفت دراسة علمية عربية متخصصة ان الصحافة الالكترونية لاتتماثل مع النمو الهائل للمنشورات الالكترونية عالميا، خاصة فيما يتعلق بتناسب هذه الأرقام مع اعداد الصحف العربية وعدد سكان الوطن العربي.
وأشارت الدراسة التي قامت باعدادها جامعة شيفيلد في لندن، الى تواضع نسبة عدد مستخدمي الانترنت العرب قياسا الى العدد الاجمالي للسكان في الوطن العربي، مشيرة الى وجود ضعف في البنية الأساسية لشبكات الاتصال اضافة الى بعض العوائق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ما ادى الى تأخير في الاستفادة من خدمات شبكة الانترنت، وأثّرت بشكل رئيسي على سوق الصحافة الالكترونية.
هذا في البلدان النامية، أمّا في الدول المتطورة مثل الولايات المتحدة فالأمر يختلف فقد تراجعت مبيعات الصحف الامريكية الصادرة بمعدل 11% وتراجع خلال الفترة ذاتها جمهور النشرات الاخبارية المسائية على المحطات التلفزيونية المحلية المرتبطة بالشبكات الكبرى بمعدل 34%.
وسجّل الاقبال على 26 موقعا على الانترنت صنفت على انها الاكثر شعبية، تزايد بمعدل 70% .
مما لاشك فيه أن الصحافة الالكترونية نافست وبقوّة الصحافة الورقية فلها ميزات لايفغل أحد عنها ولكن من الصعب القول أنها ستحل محلها وتصبح بديلا كاملا عنها.
اضافةتعليق
التعليقات