حين نتعرض إلى توبيخ من قبل مدير العمل أو المسؤول أو الأهل ونحن في صدد أداء عمل معين هذا يدل على أن هناك مشكلة في العمل وعدم اتمامه بصورة صحيحة أي أن هناك قصور في بعض الأمور التي أدت إلى ذلك بطريقة أو بأخرى وبالتالي فإنه يتم معالجة تلك المشكلة حسب طبيعة الأمر.
وهذه لا تعتبر مشكلة بحد ذاتها لأنها مجرد تقصير يتم العمل على حله وتجاوز الخلل الحاصل آنذاك إلا أن المشكلة الحقيقة هي القصور في الأفكار الذي يحدد الشخص وفكره وطموحه يعمل على تأطيره ضمن إطار محدد يجعل الشخص يعاني من الفراغ الواسع في ذاته ويتسم بالحكمة الجرداء في الظاهر، فإن تقوقع الفرد وعدم اطلاعه على ثقافات أخرى تحد من مواكبته للتطور والذي لا ينتج أفراداً مثقفة فاعلة بالمجتمع سلطوية على هؤلاء الأفراد سواء كانت أسرية أو بالمدرسة أو غيرها من قبل المسؤولين.
مما يدفع الفرد إلى الارتباط العاطفي بأمور الغيب والآخرة والتأثير بكثير من التنظيمات أو الاعجاب بالغرب كما يدفعه إلى تبني الأفكار الانغلاقية التطرفية أو التحررية التي يروجها الاعلام المتباين الذي أصبح في متناول الجميع والذي يتعارض ويتقاطع مع ما يسود بالمجتمع من قيم ومبادئ وأفكار وثقافة ويكون تبني الأفكار في كثير من الأحيان ليس ظاهرياً مما يدفعه إلى الانطواء أو العزلة.
كذلك فهو يسعى لتحريض تلك الأفكار لتتناسب مع ما هو متوفر لديه لتسود في المجتمع مع زملائه هذا يؤدي إلى الازدواجية في الرأي وازدواجية في التفكير ويعزا هذا العجز والنقص إلى غياب مثقفين فاعلين في تغير أسلوب التربية سواء التربية الأسرية أو التوجيه الاعلامي وتعزيز وتقوية ضعف الشخصية لدى الكثيرين من أبناء المجتمع لمواجهة جهل الفرد بين المتغيرات والقناعات الشخصية بسبب المتدخل في فكره وشخصيته ومواجهة أي نضج فكري غير سليم.
أما جانب التأثير النفسي على الفرد في ذلك المجتمع ينتج في كثير من الأحيان عن تعارض وتنوع الاعلام المهيمن مع واقع ذلك المجتمع فيتعمق بالذات الانسانية فيستورد الفرد ثقافات وأفكار غريبة تحررية وتطرفية متناقضة فيصبح هناك ارتباك فكري في شخصيته وسلوكه أيضاً مما يسبب ازدواجية فكرية ويسبب ضعفا بالايمان الوسطي السلمي الحقيقي إلى ايمان تطرفي أو تحرري فيسعى الفرد لتحقيق مبتغاه بنفسه أو بمساعدة آخرين منظمين.
اي يتعرض الفرد إلى ضغوطات تتضمن ايدولوجيات مختلفة ومتعارضة وتناقض في الأفكار والمبادئ كذلك فإن ثقافة العيب التي تسود تلك المجتمعات يكون سببها صاحب العمل بأسلوب تعامله السلطوي مع العامل وعدم ارضاءه مالياً حسب القوانين المتعارف عليها والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي وغيره ليبقى العمل في مهب الريح وأسلوب التوبيخ والتخويف والاستغلال حتى بعد العمل لخدمة المصلحة الفردية والشخصية وبذلك يبقى هذا الأسلوب يعزز الصراع الطبقي.
يضاف إلى ذلك الخطاب الديني غير الدقيق في تسليط الضوء على مصادر وينابيع الفكر النير والعلم العظيم المتكامل في صورته وفي شتى مجالات الحياة وهو علم وفكر أهل البيت "عليهم السلام" فيتطرقون إلى من يدخل في عمق الأمور الفارغة وابعادها لوجود العديد من النواقص وعدم توفر العدل والمساواة بين الطبقات المجتمعية وانتشار الفساد ونهب المقدرات فيصبح هناك تعارض بين الخير والشر وتعارض بين الشهوة والفضيلة والتي تدفع الفرد إلى الجدل الداخلي المتأرجح بين ما هو واقع وبين ما هو سائد في مجتمعات أخرى.
فتكون هناك ثورة الذات لدى الفرد الراغب في التغير معبرة عن المطالب المتعددة وبسبب العجز الفكري والثقافي وبفشل العقل في ترجيح الفكر الصحيح والنير والسلمي لذلك علينا أن نبني طاقات بشرية فكرية ثقافية مجتمعية نملكها في تلك المجتمعات لبناء العقل السليم لدى الأفراد وفكر ناضج وأسلوب لإدارة الأزمات وتصحيح الاعتقادات الخاطئة ومواجهة الفكر المتطرف والتشجيع على الانتاج وتبني المباديء السليمة وتجديد الأفكار لضمان سلامة مرجعية السلوك الايجابي وتجاوز مشكلة الانفعال الذاتي وتحمل المسؤولية الوطنية اتجاه المجتمع بالنضج الفكري لصناعة الانسان في ظل تغيرات مجتمعية وفكرية متسارعة.
اضافةتعليق
التعليقات