لم يكن أول مشروع لي فكرة عابرة. كان حلمًا كبيرًا، صممت له شعارًا، وبنيت له موقعًا، وبقيت أسهر الليالي أضع الخطط، أحلم بالعوائد، وأتخيل كل السيناريوهات الناجحة… إلا واحدًا: الفشل.
بدأت بموقع إلكتروني يقدم خدمات تسويقية رقمية للشركات الناشئة. الفكرة كانت جميلة، بل حتى السوق كان واعدًا. ما الذي يمكن أن يخطئ؟ كنت متحمسًا، واثقًا، وربما… مغرورًا قليلاً.
الخطأ الأول؟ لم أقم بأي دراسة جدوى حقيقية. افترضت أن الجميع سيحتاج خدماتي، وأن الجودة وحدها ستكفي لجذب العملاء. لم أفكر في التكاليف الخفية، أو في كيفية الوصول للعملاء، أو حتى في كيفية إدارة الوقت بين الخدمة والتسويق والدعم الفني.
الخطأ الثاني؟ الاعتماد الكامل على النفس. حاولت أن أكون المصمم، والمسوق، والمبرمج، ومدير خدمة العملاء… باختصار: “سوبرمان”، لكن الحقيقة أنني كنت أتآكل ببطء. الضغط كان هائلًا، والإرهاق بدأ يسرق الشغف.
الخطأ القاتل؟ تجاهل السوق. لم أستمع لتعليقات القلة التي استخدمت خدماتي. كنت أظن أنني أعرف ما يحتاجه العميل أكثر منه! وكلما خفّ الإقبال، زدت الإنكار. وعندما بدأت الخسائر تتراكم، كانت نفسيتي تتدهور بالمقابل.
وفي يوم ما، نظرت في المرآة وسألت نفسي سؤالًا واحدًا:
“هل تحب ما تفعل؟ أم أنك فقط متمسك به لأنك لا تريد الاعتراف بالخسارة؟”
كان الاعتراف صعبًا. لكنني أغلقت المشروع.
لكن هل خسرت حقًا؟
ربما ماليًا نعم، لكنني خرجت من تلك التجربة إنسانًا مختلفًا. تعلّمت أن الحماس لا يكفي، وأن الخطأ ليس عارًا، وأن الفشل جزء من النمو. اكتشفت قوتي في المواجهة، وتواضعي أمام الواقع، وصبري في التعلم.
عرفت أنني لا أريد أن أكون مجرد رائد أعمال “ناجح” في الظاهر، بل إنسانًا متزنًا، يفهم نفسه قبل أن يحاول فهم السوق.
قد تخسر مشروعك، وقتك، أو حتى مالك… لكن لا تجعل الخسارة تأخذك أنت.
ربما لا تربح شركتك الأولى، لكنك ستربح شيئًا أهم: نسخة أنضج وأقوى من نفسك.
ابدأ من جديد، لكن ابدأ بوعي. الفشل ليس نهاية الطريق، بل جزء من خريطته.
اضافةتعليق
التعليقات