ورد مصطلح التنمية الاقتصادية في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) لفظا ومعناً حيث قال الامام علي (عليه السلام): "الاقتصاد ينمي القليل، "الاقتصاد ينمي اليسير".
ومفردة القليل واليسير، يمكن أن يكون مالاً أو موارد طبيعة أو ما شابه ذلك، ويلاحظ ورود لفظ (النمو) في المعنى المتداول وهو الأكثر من الانتاج باستخدام مواد قليلة، ورود المعنى بلفظ التثمير وهو يعني استثمار الموارد المتاحة للحصول على أكبر قدر من الثروة، يقول الامام في استخدام هذا اللفظ: "وبعضهم يحب تثمير المال". وهو وضع المال في مجالات الاستثمار ليعطي نتائج جيدة.
فالتنمية عند الامام علي (عليه السلام) هي الزيادة الحاصلة في المال وفي الموارد نتيجة العمل عليها وإذا جمعنا النصين المذكورين مع النصوص التي سنأتي على ذكرها فإننا سنحصل على نظرة متكاملة للتنمية معناها أهدافها وأساليبها ولا غرابة في ذلك فإن التنمية كأسلوب لزيادة المال والانتاج كان قاتماً منذ زمن بعيد ومن الخطأ أن تتصور أن المفهوم بدأ بالتطبيق بعد الحرب العالمية الثانية، لكن هذا المفهوم كان قائماً من عصور عديدة وقد شهد تطبيقات عديدة.
ومنذ الخطوة الأولى التي خطى فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) في طريق الخلافة وبنى الأهداف الاقتصادية يمكننا درجها ضمن مفاهيم التنمية الاقتصادية، ويقول الامام علي (عليه السلام): (لا نعمة في الدنيا أعظم من طول العمر وصحة الجسد). ومن النصوص المتقدمة نستطيع استنباط هذه الأهداف.
أولا: الوصول إلى درجة الغنى بزيادة الدخل الفردي والقومي.
ثانيا: بناء المجتمع المعافى من الأمراض.
وأكد في موضوعات سابقة أن الاسلام يبني مجتمع الأغنياء ولا يرضى بوجود فقير واحد في دولته بخلاف الأديان المحرفة والمذاهب الفكرية والسياسية فالمسيحية المحرفة تعتقد بأن الفقير هو الضريبة التي يجب أن يدفعها الانسان عقاباً على الخطيئة التي ارتكبها غيره.
أما الرأسمالية فهي مجتمع الأقلية الغنية والأكثرية الفقيرة وقد عمد النظام الرأسمالي إلى إنهاء حالة الفقر بأخذ الضرائب من الأغنياء واعطاءها للفقراء، لكن هذه الضرائب تذهب في العادة لجيوب الأغنياء أي تعود لجيوب أصحابها تسديداً لفوائد الديون المستحقة لهم على الدولة، ولم يكن من نصيب الفقراء شيء، أما الشيوعي فهو يساوي الغني بالفقير بأن يجعله فقيراً أو موظفاً صغيراً في جهاز الدولة.
ومن بين الديانات يقف الاسلام شامخا مرفوع الرأس في نظام اقتصادي مريح يسعد الفقير وجعل نظام الاقتصاد تحت اطار ـ التنظيمية ــ الصحة العامة ــ زيادة قوة العمل ــ إطالة العمر.
فبواسطة التقدم الاقتصادي عبر التنمية تتوفر الأموال المطلوبة لتغطية مشاريع الخدمات وتوفير المرافق التي تتدخل في الأوضاع الصحية للمجتمع.
ويقول الدكتور ابراهيم دسوقي أستاذ علم الاقتصاد في الجامعات المغربية: "إن قضية التنمية الاقتصادية ليست قضية اقتصاد فقط، كما قد يتبادر إلى أذهان بعض الناس ولكنها أيضا قضية عقيدة وثقافة وسياسة واجتماع وأخلاق ولابد لاطلاقها واستمرارها من توافق البيئة أو المحيط الملائم لها، إذ يغير قيام هذه البيئة أو ذلك المحيط، ولا يمكن ان نتصور للفرد إنطلاقا، وللمجتمع تقدما على درب التنمية المضني الطويل".
اضافةتعليق
التعليقات