عانت الشعوب العربية من قسوة حكامها وسياستهم، ومازالوا يعيشون تحت رحمة الملك والرئيس، فلم ترَ الحرية والعيش الكريم الذي كان موجودا من قبل، واصبحت البلدان اسيرة لتلك الصراعات السياسية والمادية والطائفية، وبات الجميع مهددا في ظل الازمات التي شهدتها المنطقة اخيرا. ومن اهم الازمات هي الازمة المادية فمن الصعب ان يكون البلد الذي تعيش فيه بلد فقير فرضت عليه الدول ضرائب وفوائد، ولا تعرف اين صرفت هذه الاموال، وفي الوقت نفسه غني بالموارد الطبيعية التي تغنيه عن القروض لو استخدمها الحاكم بطريقة صحيحة بعيدا عن الصراعات والتقسيم، وبما ان الضحية هم الشعوب فبقيت تقاتل من اجل توفير لقمة عيش او فرصة عمل تعينهم على صعوبات الحياة، فبات كل شيء زهيد الثمن، وازدادت نسبة البطالة والفقر، وكثرت السرقات والاعتداء على املاك الغير، وعند محاسبتهم سيجعلون من الفقر والحاجة السبب الاكبر في دفعهم الى ارتكاب الجريمة واختلاس الاموال.
بينما نجد ان الاسلام حارب نظرية الفساد المالي وجعل هناك تحديات وضوابط للحاكم في الحكم من ضمنها هو مراعاة الشعب في مالهم وعرضهم وارضهم، ومنحهم جميع حقوقهم للعيش في حياة كريمة تليق بالدولة اسلامية تحمل اسم (لاله الاله محمد رسول الله علي ولي الله،) لا يجوز أن يجوع مسلم أو يعرى او يشعر بالبرد، على صعيد الجانب الاقتصادي وايضا على الجانب المعنوي ايضا فقد اوجب الدين الاسلامي على الحاكم ان يوفر فرص فرص التعليم والعمل بهذا الجانب، والتمتع بالجوانب الصحية والمادية والشعور بالأمن والغنى في وطنه، وحتى لا يكون الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة، كما وصف ذلك الامام علي عليه السلام، ورغم ما يشهده العالم من تطورات في بناء الدولة لا إنه يفتقد الكثير من الاسس التي جاء بها الامام علي المستنبطة من القرآن الكريم والسنة، فلم نرَ حاكما كالامام علي عليه السلام يتوسد الارض ويجالس الناس ويعاشرهم معاشرة الاب الرحيم، لم يسمع يوما عن فقير او جائع وان كان فليس من المسلمين، فقد شدد في حكمه على محاسبة الفاسدين وتصليح امور الدولة وارجاع الاموال المسروقة من بيت المال وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين كرواتب شهرية تدفع لهم بصورة سرية حفاظا على كرامتهم.
الأساس المالي في حكومة الامام علي..
عيّن الإمام (عليه السلام) عامر بن النباح أميناً لبيت المال في الكوفة وكان مؤذن لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وقد جاء ابن النباح يوماً الى أمير المؤمنين وقال: أمتلأ بيت المال من الصفراء والبيضاء، فقال الامام (صلوات الله عليه): الله أكبر، ثم أمر بتوزيع الاموال على أتباع عاصمة الدولة الاسلامية في الكوفة وهو يقول (يا صَفراءُ! وَيا بيضاءُ! غُرِّي غَيْري) ولم يبق دينار في بيت المال وصلى كعادته ركعتين لله بعد أن يفرغ بيت المال.
وفي موطن اخر طلب عقيل وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب المساعدة، وكان موقفه عندما أبلغ أهل الكوفة إنه لن يأخذ حصته من العطاء، حيث قال:«يا أهل الكوفة، إن خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي وغلامي، فأنا خائن» وكذلك عندما أتاه عبد الله بن زمعة يطلب مالاً، إذ قال له:«إن هذا المال ليس لي ولا لك، إنما هو فيء المسلمين».
وحديث اخر «لو كان المال مالي لسويت بينهم فكيف والمال مال الله»..
لذا لم يأتِ في تاريخ البشرية بعد الامام علي حاكما عادلا.
اضافةتعليق
التعليقات