كان رمضان كمحطة تغيير لأنفسنا وتجديد لها، كمرحلة لإنطلاقةٍ جديدة بأعمالٍ جديدة وأهداف أسمى وأرقى، في رمضان ستجد الكثير من الطاعات التي تؤدى فقط هكذا، لا تيأس من بعض الأصناف من الناس الذين يتغيرون فقط في رمضان، فقراءة القرآن مثلاً قد تكون سببا في هدايته وسبباً في أن تصبح هذه الأفعال جزءا من عاداته اليومية، احرص على أن تكون ربانياً لا رمضانياً، واجعل لرمضان فيك أثر يبقى بعد انتهائه ويستمر معك لعام قادم.
رمضان فرصة للتغيير، رمضان راحة للنفوس، رمضان صحة ونشاط، رمضان علاج للغضب وليس العكس، رمضان بوابة كبيرة للجنة، رمضان دليلك لعمل الخير ولبذل الصدقات لمستحقيها، رمضان عنوان الفرحة الحقيقة لقوله عليه السلام: "للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه"، لتنال الاجر بإذن الله راحة وثواباً جميلا.
هناك بعض الدراسات التي اكتشفت أن الجسم يحتاج للامتناع عن الطعام لفترة معينة، وقدرت هذه الفترة ب 30 يوما وهي تماما كصيامنا لشهر رمضان، رمضان فرصة التغيير الأكيدة، فإذا استمريت على عملٍ معين لمدة 30 يوم هذا يعني أن العمل صار جزء منك وعادة من عاداتك، لذلك فلنعلم ان الأيام تجري ولاتنتظرنا فما علينا الا ركوب قطاره قبل رحيله.
ها قد بدأ يلملم نفسه وركب سكته الرحمانية ليعود مودعا سكانه الذين عاشوا لحظاته ثانية، ثانية في توجههم إلى المعبود وإحيائهم لياليه الروحانية، فلنلحق به قبل فواته فساعاته تمضي وأجراسه قد ترن في ساعة محددة، فما بقي إلا القليل للصعود معه بأعمالنا المرضية المليئة بالحب والدعاء، حينما نرفع ايدينا خالية من الذنوب في تلك الساعات قد اخذها معه وبدلها لنا بأجمل قدر، فإذا قرر الرحيل ونحن غير مستعدين، وحمل معه رسائلنا ليوصلها الى الرحمن ليسجل عمل كل واحد فينا، فلنسرع ونتسابق للحصول عليه بأغلى شيء، قبل ان تمضي اقدارنا لنجعلها تمضي بيضاء خالية من الذنوب والمعاصي.
فما بقي إلا أيام وساعات ويودعنا ويرحل راكبا سكته لعام قادم ان وجدنا فيه، او ربما لانكون فلنحمل حقائبنا مقدماً ونشد أحزمتنا بالدعاء والتوجه الحقيقي، توجه العبد العاصي المذنب المقصر بحق حرفٍ من حروف آياته الكريمة، لنتلوها صفحة.. صفحة، وليسجل عملنا الصالح فيه، ها هو قد ذهب هلاله وبدأ يرحل ويعد للرحيل، لذا علينا حزم امتعتنا في هذه الساعات القليلة الباقية من عمره، فإن رحل لايعود إلا في سنة جديدة، ربما لا نكون فيها فكما قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاث دعوات لا ترد، دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر.
فلا تبخل على نفسك من استجابة دعاء يتحقق فيه حلم كنت ترجوه لسنوات، فلنغتنم الفرصة قبل ان يفوت الأوان فإن "الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود"، لتكون عودتنا وذهابه خالياً من الذنوب، وصفحات عمرنا بيضاء لا شائبة تشوبها، فلننطلق بين يديه بهذه الايام القصيرة جداً ولنمضي معه، ولتكون معانيه راسخة في قلوبنا إلى العام القادم، فها هو يسلّم ويقول: استودعكم الله لعام قادم .
"اللهم اختم رمضان وانت راضِ عنا يا ارحم الراحمين".
اضافةتعليق
التعليقات