• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

يقظة قلب

بشرى حياة / الأثنين 16 حزيران 2025 / ثقافة / 487
شارك الموضوع :

القصة الفائزة بالمرتبة الأولى في مسابقة "الغدير.. وعد السماء للمؤمنين"

بقلم: مريم مهدي

في حيٍّ يعجُّ بصخب الحياة اليومية، حيث يلهو الأطفال في الشارع، وتصدح أصوات الباعة المتجولين في الأفق، كان عبد الله يركض عائدًا من المدرسة، يلهث من فرط السرعة، حتى وصل إلى الباب. ألقى السلام بعجالة، ثم اندفع إلى غرفته وأغلق الباب خلفه.

لكن، قبل أن يحكم إغلاقه، سمع الطرقات الهادئة المعهودة. طرقات أخته مريم، التي كانت دائمًا ملاذه الآمن، لكنها اليوم حملت إيقاعًا مختلفًا.

عبد الله (بصوت متوتر): “ادخلي”

دخلت مريم، أختُه الكبرى، وهي تكتف يديها، تتفحّص ملابسه المتّسخة كأنها تقرأ في ثناياها قصة هروبه المتكرر.

مريم (بهدوء حازم): “ملابسك متسخة مجددًا، يا ولد! أهربت من المدرسة لتعمل مع ذلك الرجل؟”

عبد الله (مندهشًا، يحاول إخفاء ارتباكه): “كيف عرفتِ؟”

مريم (تجلس على طرف السرير، بنبرة تجمع بين الحنان والحزم): “عبد الله، الامتحانات على الأبواب، وأنت في مرحلة حاسمة. الإعدادية ليست مجرد محطة عابرة، إنها الأساس! إن لم تجتهد الآن، ستضيع منك سنوات ثمينة. لماذا لا تستغل هذه الفرصة لتحجز مكانًا في أفضل الجامعات؟”

عبد الله (بابتسامة ساخرة، يحاول التهرب): “جميل… هل ستُطعمنا الكتب؟”

مريم (بحزن يخفي خلفه خيبة أمل عميقة): “يؤسفني أن أقول هذا… لكنك لا ترى من الحياة سوى المال.”

ثم أغلقت الباب بهدوء، تاركة خلفها صمتًا أثقل من العتاب نفسه.

كان يعلم أنها لن تخبر والده، فقد وعدها بالبقاء في المدرسة والاستعداد للامتحانات. لكنه كان يدرك في قرارة نفسه أن الوعود شيء… والواقع شيء آخر.

مرّت أسابيع قليلة…

كان عبد الله جالسًا في الصف، لكن ذهنه كان غائبًا. عيناه تراقبان عقارب الساعة، كأنها تعد اللحظات المتبقية قبل أن يهرب. ما إن دق الجرس، حتى خرج من الباب الخلفي للمدرسة، يركض عبر الأزقة الضيقة، مبتعدًا عن كل ما يذكره بالدراسة، يهرب من ذلك المصير الذي لطالما سخر منه.

وصل إلى المنزل مبكرًا، وبينما كان يمر عبر الممر المؤدي إلى الصالة، توقف فجأة.

كانت مريم هناك. جالسة على الأريكة، تنظر إليه نظرة أختٍ تعرف ما يدور في عقل أخيها قبل أن ينطق به.

مريم (بهدوء يشوبه التحدي): “عبد الله… أين كنت؟”

شعر عبد الله بثقل السؤال، لكنه حاول كعادته المراوغة.

عبد الله: “ما الغداء؟ أنا جائع!”

مريم (بحزم): “أجب أولًا.”

عبد الله (متنهّدًا بغضب، يكشف عن صراع داخلي عنيف): “أكره المدرسة! لماذا كل هذا التعقيد؟ أستطيع العمل وكسب المال الآن. لماذا أضيع وقتي؟”

تنهدت مريم، ثم رفعت نظرها إليه، وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة.

مريم: “عبد الله، والدانا في زيارة لعمي، ولدينا متسعٌ من الوقت للحديث… اجلس.”

عبد الله (مترددًا، يشعر وكأنه أمام محكمة): “ماذا هناك؟”

مريم: “سؤال واحد فقط… من تحب من العترة الطاهرة؟”

عبد الله (بشيء من التردد، لكنه يجيب بصدق): “الإمام علي…”

ابتسمت مريم، وكأنها وجدت الخيط الذي كانت تبحث عنه.

مريم: “عليه السلام، كنت أعلم ذلك. ولهذا أحضرت لك هذا.”

أخرجت دفترًا صغيرًا، بغلاف مزخرف بنقوش بسيطة، ثم فتحته وبدأت تقرأ بصوت خاشع، يلامس شغاف القلب:

 “يا كميل، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها… والناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع.”

توقفت لحظة، لتتأكد من وقع الكلمات عليه، ثم أكملت:

 “همج رعاع… أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.”

رفع عبد الله نظره إليها، وقد بدأ شيءٌ داخله يتغير.

عبد الله (بصوت منخفض، كأنه يكرر كلمة لم يفهمها من قبل): “همج رعاع؟”

أومأت مريم برأسها، ثم وضعت يدها على كتفه، وكأنها تزرع فيه بذرة أمل:

مريم: “عبد الله، المال لا يصنع مستقبلًا، لكنه قد يضيّعه. حين تفضله على العلم، تخسر الاثنين معًا. الإمام علي قال: ‘العلم خيرٌ من المال؛ العلم يحرسك، وأنت تحرس المال.’”

ثم أشارت إلى الدفتر في يده وأضافت:

“اقرأ كلمات أمير المؤمنين، مرة بعد مرة، وافتح عينيك… قبل أن يفوت الأوان.”

تأمل عبد الله الدفتر، غارقًا في الصمت، وكأن شيئًا داخله قد بدأ يتغيّر.

مرت السنوات…

ها هو عبد الله، في قاعة التخرج، يقف مرتديًا بدلة سوداء وربطة عنق تزيده هيبة، ووشاحًا يزين كتفيه، كأنه فارس انتصر في معركته مع الجهل.

اعتلى المنصة، تتقدمه نظرة واثقة، بينما عائلته تتابعه بفخر، وكأنهم يشهدون قصة نجاح لم يكن لها أن تحدث لولا ذلك اليوم.

عبد الله:

“بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. أما بعد، أختتم كلمتي بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

 ‘من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع.’”

صفّق الجميع بحرارة.

نزل عبد الله من المنصة متجهًا نحو والدَيه، قبّل يديهما عرفانًا، ثم التفت إلى مريم التي كانت تمسك بدفترها الصغير، وعلى وجهها ذات الابتسامة التي رافقته منذ البداية، ابتسامة أخت فخورة بأخيها.

مريم (بفخر): “ها قد أوفيت بوعدك…”

ابتسم عبد الله، وهمس لها وهو ينظر إلى الدفتر الذي غيّر حياته:

“لم أعد ذلك الذي تهيم به الرياح مع كل ناعق… لم أعد همج رعاع.”

الامام علي
عيد الغدير
قصة
العلم
المال
السلوك
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    ماهو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط؟

    النشر : الخميس 09 حزيران 2022
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    الرسائل الفكرية في القضية الحسينية

    النشر : الأثنين 09 آب 2021
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة

    النشر : الأربعاء 02 تموز 2025
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    لوحة عشق في محضر الصادق

    النشر : الأثنين 07 كانون الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    صور من الإبداع النسوي.. آلاء طاهر أنموذجا

    النشر : السبت 07 ايلول 2024
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    (الحقوق خارج المألوف): دورة ثقافية تنظمها جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    النشر : السبت 05 تشرين الاول 2024
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 475 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 411 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 361 مشاهدات

    دليل المرأة المسلمة في العشرة الزوجية المباركة

    • 359 مشاهدات

    الرأسمعرفية: المفهوم والدلالات

    • 339 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1192 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1091 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1078 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1061 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 660 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 25 دقيقة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 28 دقيقة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 31 دقيقة
    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة
    • الأثنين 15 ايلول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة