يعاني بعض الأفراد نوعًا من اضطرابات النمو العصبي يسمى باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، يبدأ في مرحلة الطفولة ويستمر مدى الحياة، قد يختلف من طفل لآخر إذ يكون بدرجات متنوعة، تظهر الأعراض بصعوبة اتباع التعليمات وعدم القدرة على التحكم بالتصرفات، لذا يكون الطفل في حالة دائمة من التشتت وعدم التركيز مع إلهاء دائم بأشياء صغيرة، ما يجعله عاجزًا عن إتمام مهمة محددة لينعكس ذلك سلبًا على اندماجه بالمجتمع وتحصيله الدراسي.
يشعر مريض نقص الانتباه مع فرط النشاط بأنه في سباق دائم مع الوقت ويحاول جاهدًا عدم الوقوع في الموقف الذي يقلقه مجددًا، ويدخل في صراع: ماذا كنت سأفعل لو عاد بي الزمن للوراء؟ ويصعب تشخيص الحالة في كثير من الأحيان، إذ يختلط مع العديد من الحالات الأخرى كالقلق وإدمان المخدرات.
تكون نظرة المجتمع سلبية تجاه هؤلاء الأشخاص، فيشعر الفرد بقلة الثقة مع نظرة دونية لذاته، لذا أجريت دراسات كثيرة لإيجاد حلول مناسبة وجعل هذا المرض قابلًا للعلاج. وقد وجد الباحثون عدة استراتيجيات سلوكية تحسن نوعية الحياة لدى هؤلاء الأفراد، قد يضاف إليها العلاج الدوائي في الحالات الشديدة.
أشار أحد مختصي علم النفس في جامعة كولورادو أنشوتز الطبية إلى عدة خطوات قد يساعد تنفيذها على تحسين نمط حياة المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، والمساعدة على اندماجهم في المجتمع.
تنظيم المهام وترتيبها حسب أولوية كل منها
يمكن توجيه تركيز الفرد إلى نشاط محدد وذلك باستخدام دفتر ملاحظات أو تطبيق على الهاتف المحمول، تصمم عليه قائمة المهام الواجب تنفيذها مع تحديد مواعيدها بدقة، يكون التطبيق مزودًا بمنبه للتذكير بالمواعيد يوميًا مع التحديث المستمر لها.
يمكن للتطبيق أن يصنف المهام بعد جدولتها حسب الأولوية، تبدو هذه المهمة شبه مستحيلة بالنسبة لغالبية المرضى، لذا ابتكر الباحثون طريقة تسهل التصنيف تسمى بمصفوفة آيزينهاور التي تقسم المهام إلى أربع مجموعات:
مهم وعاجل: عمل يجب تنفيذه فورًا.
غير مهم وعاجل: عمل يمكن أن يؤديه شخص آخر.
مهم وغير عاجل: عمل يجب تنفيذه لاحقًا.
غير مهم وغير عاجل: عمل لا ضرورة لإتمامه.
إن أغلب النشاطات التي تسهم في تحفيز مصابي اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط نشاطات عاجلة ولكنها غير مهمة، وفسر الباحثون ذلك بأن تلبية طلبات الآخرين بسرعة قد يترك أثرًا إيجابيًا لدى المريض الذي يشعر دومًا أن طلبات الآخرين الملحة أهم من حاجاته. تفيد هذه الطريقة بإعطاء الأولوية للأمور الأكثر أهمية مقابل الأمور التي تحقق شعورًا إيجابيًا فوريًا.
إدارة الوسط المحيط والحد من العوامل التي تشتت الانتباه
أشار الباحثون إلى عدة خطوات يمكن من خلالها جعل البيئة المحيطة بالفرد وسطًا ملائمًا للإنتاج، إذ أكدوا على ضرورة الالتزام بإنجاز مهمة واحدة خلال وقت محدد ومدروس والابتعاد عن العوامل المساهمة في تشتيت سير العمل.
قد يشكل التفكير المستمر بالزمن اللازم لإنجاز عمل ما عائقًا أمام الكثير من الأمور الأخرى مثل الطعام والنوم وغيرها.
أكد المختصون ضرورة الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي في أثناء أداء الفرد لعمله (سواء أكان واجبًا مدرسيًا أو إنجاز مشروع موكل إليه)، فنصحوا باستخدام وضع الطيران للهاتف المحمول أو الحاسوب.
ينصح أيضًا بتحديد فترة محددة للعمل مع أخذ استراحات خلالها، ما يسهم في زيادة تركيز الفرد على المهمة الواجب إنجازها خلال هذه الفترة. فعند البدء بعمل ما مثلًا، يفضل الاحتفاظ بدفتر الملاحظات وتسجيل كل المهام التي قد يتذكرها الشخص في أثناء أدائه لهذا العمل، ثم تصنف هذه المهام بعد الانتهاء حسب أولويتها، فإذا كانت مهمة وعاجلة تُنجز في فترات الاستراحة بينما يُكلّف شخص آخر بها إن كانت غير ذلك.
مجموعات الدعم
تعد مجموعات الدعم طريقة مهمة جدًا في تعزيز المسؤولية لدى الفرد، وحصوله على التحفيز اللازم لممارسة نشاطاته كما يجب.
قد تشمل مجموعة الدعم الأصدقاء وأفراد العائلة والمعالج ومنتديات التواصل الافتراضية، تهتم جميعها بمشاركة العقبات والأهداف.
أشار الباحثون إلى طريقة جديدة لتقديم الدعم وهي وجود المرافق، إذ ينجز الفرد مهمته بوجود رفيق يشاركه العمل ذاته، ما يعزز شعور التعاون والتشاركية، ويزيد رغبته بالعمل.
الحصول على ساعات نوم كافية
يعاني معظم المصابون باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط اضطرابات النوم بأنواعها المختلفة، مثل النوم المتقطع والأرق وعدم القدرة على النوم العميق، ويؤثر ذلك سلبًا في نشاط الفرد اليومي وينقص من قدرته على التركيز في مهامه اليومية المعتادة، ويجعله شخصًا سريع الانفعال وينقص قدرته على التحكم بردود أفعاله.
يوصي الباحثون بالنوم والاستيقاظ وفقًا لمواعيد محددة، والابتعاد عن تناول المنبهات مثل القهوة والشاي، وضرورة تجنب الوجبات الكبيرة أو شرب الكحول قبل النوم بفترة قصيرة.
قد يعاني الشخص لفترات محددة اضطراب نوم ما وخاصة الأرق، وذلك تبعًا لظروف معينة اجتماعية أو مهنية، لذلك ينصح الباحثون بممارسة تمارين الاسترخاء عند مواجهة صعوبة في النوم بدلًا من الانتظار ومراقبة الوقت.
يعد مريض نقص الانتباه مع فرط النشاط الأكثر كرهًا للروتين ويفضل الإبداع والتميز، ما يجعله قد يبدو غريب الأطوار أحيانًا، لذا ينصح باتباع الخطوات المذكورة سابقًا لأنها تسهم في تحسين حياة الفرد وجعله أكثر اندماجًا بالمجتمع وتعزيز شعور الثقة بالنفس لديه.
اضافةتعليق
التعليقات