ألمت به زوابع الأفكار السالبة الشحنة، هاجمته كفريسة سهلة المنال، خطواته المثقلة خطت سفرا لآهاته المكبوتة، إنه يحاول فك عقد طال مكوثها على صدره الواهن، حشرجات تنتابه بين فينة وأخرى يكاد يختنق بها.. آن أوان إفراغ ما فاض به كأس تحمله..
لكل منا قدرة وطاقة معينة، نستعين بها في درء الرزايا والخطوب بل وحتى المواقف الصغيرة التي تتراكم لتشكل جبلا من هموم وأحزان تتساقط منه أحجار الخيبة والندامة أو الخذلان..
فكيف يتعامل الايجابيون ليغفوا قريري الأعين مستريحي البال؟؟
فلسفتهم في الدنيا بسيطة للغاية، تركوها تعدو خلفهم، لم يلهثوا وراء حطامها فذلك سيجعلها تتسلل من بين أصابع الكف لا محالة، إنها معادلة لا تحتاج درسا خصوصيا بل تتطلب مسح غشاوة البصيرة ببضع قطرات من مزيل الشغف الزائد للذات فانية، وإدارة مقود الحياة باتجاه اكثر ربحا وقربا..
فها هي أوراق الأيام تتساقط كأوراق الخريف المصفرة لتحال سمادا ينمي شجرة الخبرة قوة وصلابة، نعم إنها دورة منسوجة بإحكام بخيوط القدر، لابد أن تكتحل عيناك بسواد ليل أدهم لتبصر بعدها شعاع شمس الفرج، فلا يشعر بلذة الطعام إلا من احترق جوفه بحرارة الجوع ولا يستشعر راحة النوم إلا من أُنهك جسده في كدح وسعي مستمرين..
فلا بأس ببوح خفي وأنت تهوي بين يدي رحمن رحيم، لتتبخر همومك كسحابة صيف عابرة، انفث ما يلوج في خاطرك كتمتمات يسمعها من هو أقرب إليك من حبل الوريد، قلب صفحات النور لتتناهى إلى مسمعك نفحات الخالق الرؤوف، ثم اشدد حيازيمك والتق برفاق الدرب - و إن قلوا - تقاسم معهم رغيف التوكل مغموسا بماء اليقين..
اشعل موقد إيمانك اجعل دفئه يسري في عروقك في صقيع العمر، فما هي إلا قنطرة اشحن تلافيف دماغك بهذه الفكرة، ستهون عليك الساعات والأيام بل السنين التي تجثم على فؤادك ككابوس لا ينتهي..
خالط الصغار واترك جديتك وأنت تلهو معهم، ثم اجهد لتصادف كبار السن وارهف حواسك لتتلقف طرائف الحكم الممزوجة بخميرة الحب، فاعوجاج ظهورهم تحكي لك ضربات الزمان التي لم تفتئ تقرعها بمطارق الصدمات، استلق على عشب رطب ودع رائحة الطين تزيح ما علق من غبار الشقاء، أجلُ بصرك بباسقات النخيل والأشجار المثمرة، سترد لك جميل زرعك بنقي الهواء..
تذكر أن نهاية سعيك إن كانت خيرا، ستنسيك طعم العلقم الذي ذقته بعد أن ترتشف معينا لا تظمأ بعده أبدا..
اضافةتعليق
التعليقات