(إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة) كلمة قيلت بلسان صادق العترة _ عليه السلام _ حين دنو الأجل، وما أعظمها من كلمة لها دلالات عميقة على لسان اصدق الناس، وأشبههم بلسان جده الصادق الأمين صلى الله عليه وآله، فالصدق ليست كلمة تقال على لسان، بل هي أفعال تتجسد ومواقف تُرى وتُلمس، وهي بالتالي إحدى تجليات التقوى حين تكون لأحدهم دثارا.
إن المستخف بصلاته سيبوء بالحرمان من شفاعة الأئمة عليهم السلام، وهي خسارة عظيمة لمن يعرف قدر الشفاعة في يوم الفاقة والحسرة والندامة.. ويا لها من عاقبة سوء لا يمكن تحمّلها، ويالتعاسة امرىء لو انتهى به الحال صفر اليدين من شفاعة ذوي النهى، يوم الورود على الله سبحانه.
وما روي عن مولانا الصادق عليه السلام من كون صلاة المستخف غير مقبولة وإنما تردّ إليه ولا ترفع يقول عليه السلام: "والله إنه ليأتي على الرجل خمسون سنة وما قبل الله منه صلاة واحدة، فأي شيء أشدّ من هذا؟ والله إنكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها، إن الله لا يقبل إلا الحسن فكيف يقبل ما يستخف به"؟. ( ١)
فإن أراد أحدنا أن يعرف مقدار قربه لأهل بيت النبي ما عليه سوى النظر إلى صلاته، إنها بوصلته لنيل الشفاعة، ومؤشره لقياس القرب والزلفى.. وهي بالتالي قربان كل تقي لا يقطع وصاله بالسماء.
فعَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَمِيدَةَ أُعَزِّيهَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَبَكَتْ وَبَكَيْتُ لِبُكَائِهَا ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَوْ رَأَيْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عِنْدَ الْمَوْتِ لَرَأَيْتَ عَجَباً فَتَحَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ اجْمَعُوا كُلَّ مَنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ.
قَالَتْ: فَمَا تَرَكْنَا أَحَداً إِلَّا جَمَعْنَاهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: إنَّ شَفَاعَتَنَا لَا تَنَالُ مُسْتَخِفّاً بِالصَّلَاةِ ( ٢).
فطوبى لمن يحافظون على صلواتهم.. وطوبى للذين لم يستخّفوا بها ولم يجعلوها تنتظر وهم عنها لاهون وإلى غيرها منصرفون.. وطوبى لمن هم للشفاعة أهلا.. يوم يقال لهم قوموا وشفعّوا لمن تبتغون.
فيا ايها الصادق وكلكم صادقون: نحن سادتي يتامى عشقكم واسارى قيد عطفكم وحنانكم، تحنّ الارواح الى مهابط وحي الله في عرصاتكم، لتتجلى سموا واقتدارا في سماء فيضكم، فهلّا دعوتم لنا أن نكون لهذا أهلاً فنكون معكم معكم وفي كنفكم وتحت ظلالكم؟
ولأي المرافيء ترسو سفينة عشقي وولائي؟ وصوب أي اتجاه أدير دفة مركبي؟ وكل مرافئكم سادتي مزدحمة بمراكب العشق والولاء.. أتراني أبحرت بسفيني وانا أؤمل بأن تغطيني أمواج عزكم وكرامتكم وسؤددكم فلا أعود خائبة بخفي حنين؟.. فيا سادتي ويا كل مواليّ لكم لا لسواكم تشد رحال العاشقين، وبكم لا بغيركم تسعد نفوسا أرهقها الحنين إلى لقياكم، فهل إلى لقاء من سبيل؟.
ياصادق العترة ياجعفر بن محمد أيها المظلوم حاضرا وماضيا أتيناك كي نصنع من حروفنا لوحة عشق تتغنى بصدقكم وطهركم السماويين.. فخذها منا _ ياسيدي _ صافية لا غبش فيها ولا كدر، وتقبّلها _ ياسيدي_ منا بقبول حسن، واجعلنا من جملة محبيك ومريديك.. ولا حرمنا الله شفاعتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم.
اضافةتعليق
التعليقات