• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

كيف يتحقق الاحترام عبر اللهجة العراقية؟

سمانا السامرائي / الأحد 04 آيار 2025 / ثقافة / 479
شارك الموضوع :

ألا يُذكر الاسم في المحادثات العامة مطلقاً، باعتباره حرمة من الحرمات، فيُستعاض عنه بـ "عفواً"

يعتمد الوعي الإنساني بالآخر على عدة عوامل، بعضها يحتاج إلى الخبرة والدراية لفهمها وفهم أبعادها، وإن كانت تترك أثراً فورياً على الشعور، والبعض الآخر أبسط قليلاً، كما في "الكلمة" التي يفهمها السواد الأعظم.

وفي مجتمعنا العربي عامة، والعراقي تحديداً، نستخدم لغة عالية الاحترام، شديدة التهذيب، ننتقي المفردات كما ينتقي المرء من الجواهر أفضلها وأنقاها، وهو ما يجعل الآخر مستريحاً في حدوده الشخصية، قادراً على التركيز على أهداف اللقاء المُعلَنة، بعيداً عن ثقل المشاعر الشخصية والاعتبارات غير الضرورية الأخرى.

ثم جاءت الموجة الأمريكية التي آمن بها الجميع دون نقاش، والمستلة من قواعد قد تكون مناسبة للمجتمع الأمريكي بأحسن تقدير، والتي قد تكون – في حقيقة الأمر – غير مناسبة، وغير لائقة بأحد مطلقاً، سوى مجموعة من المهرطقين على الإنترنت الذين مُنحوا منصات للتحدث والتشدق ونيل الشهرة.

ومن بين أجمل ما كان سائداً في اللهجة العراقية أمورٌ أربعة أقف عندها بكثير من التقدير:

أولها: ألا يُذكر الاسم في المحادثات العامة مطلقاً، باعتباره حرمة من الحرمات، فيُستعاض عنه بـ "عفواً"، "بلا زحمة"، "من رخصتكم"، وما إلى ذلك، للفت الانتباه قبل طلب شيء ما أو التحدث عموماً. وعند الاضطرار لاستخدام الاسم، يُسبق بلفظة "أستاذ/ست"، "دكتور"، "مهندس"، "حضرتك"، وغيرها، لإضافة غلالة على الاتصال البشري تُذكّر بحفظ حدود الود والاحترام، وتؤكد على ضبط النفس، وتقديم التفهم والتعقّل على التسرّع ودفقات الشعور المهتاجة.

ثانيها: استخدام صيغة الجمع وعدم استخدام الضمائر المفردة عند التحدث مع الأشخاص الأكبر سناً، أو الأعلى مقاماً، أو الغرباء، أو ممن لا تربط بينهم علاقات خاصة، بل علاقة عامة.

إن هذا الأسلوب يُؤطر العلاقات بوضوح، ويرسل رسالة مفادها أن ما يحضر في هذه اللحظة الاتصالية هي الذوات العامة، وأنك تتحدث حينها لا كفرد يطفو في الزمن، بل ككيان يحمل إرثاً وتأريخاً، مستحضراً شرف أسرتك وسموّ قيمك وعمق نظرتك، ومستودِعاً الكلام سمعتك المستقبلية. وهذا الثقل الممنوح للكلمة يُهذّبها ويزيدها رزانة وسداداً، فهي ليست عابرة، بل هي تعبير عنك، وكل ما يرتبط بك، وتمتدّ منه ويمتدّ منك، هي حالة دائمة من رسمٍ لقصتك بكلماتك.

ثالثها: إن اللغة العربية، واللهجة العراقية تحديداً، غير آمرة إلا مع الطفل أو عند شحذ الهمم، ففي الحديث المعتاد نقول: "إذا تسمحون"، "من يصير لكم وقت"، "بلا زحمة عليكم"، "بلا أمراً عليكم"، "من فضلكم"، "لو تحبون"، "حسب ما تشوفون"، وغيرها من العبارات التي تضمن عرض الموضوع بصراحة، وتترك مساحة للآخر أن يقرر ما يشاء دون ضغط، مع كثير من الاعتبار لتجربته الحياتية ورؤاه الشخصية.

وأخيراً: التورية، فلا يُصرَّح بالمواضيع الحساسة، أو التي لها وقع أليم أو مزعج أو مقلق، أو ببساطة تشكّل جزءاً من الخصوصية، بل يُستعاض عنها بكلمات أخف، وتُستخدم كلمات تدل على المعنى، مثل "ذلك المرض" إشارة إلى "مرض السرطان"، و"ارتباط"، "العائلة"، "أم/راعي البيت" بدلاً من "زواج" و"الزوج/الزوجة"، لما في المفردات الأصلية من ألم أو درجة عالية من الخصوصية.

وهو ما يمنح المحادثة العامة بهاءً ونبلاً، فتمرّ على القائل والسامع مروراً حسناً، فيُدرَك المعنى دون أن تمتعض النفس أو تشعر بأن حدودها مخترقة. فقبل أن تصبح أسرار العائلات على الشاشات بشكل مجاني وفاضح، كان كل شيء يُعدّ سراً من أسرار المنزل التي لا تخرج خارج الأبواب مهما حصل – ولذلك في إفراطه مساوئ لا ننكرها في مقالنا هذا –، ولذلك عندما يضطر المرء للولوج في خصوصيات المقابل، يدرك أنه في أرض مقدسة، حرم الآخر الذي يجب ألا يُهتك، لذلك يلج بكثير من الحذر والمراعاة والانتباه.

إن اللغة العربية، بلهجاتها المختلفة ومنها العراقية، تضع الاحترام عنواناً، وتُؤطّره بطرق عدة ذات قيمة عظيمة ومُهذِّبة للناطقين بها، طرقٍ صنعها تراكم الأزمان، وهذّبتها الحضارات والأديان المتعاقبة.

ووجود من يستخدمها على نحو خاطئ لا ينفي أصالتها، ولا يأخذ ببريقها، ولا يُضيّع معانيها، فهي تؤكد على حماية الشعور والخصوصية بعزلها عن الأماكن العامة، وتضع حدوداً تلقائية لمستخدمها دون جهد منه، وتجعل الأحاديث الودية الحميمة للمقرّبين، وتؤكد على استخدام لغة لائقة للمكان والزمان المناسبين، وتمنح العلاقات الإنسانية تصنيفات لا يحدث فيها لبس، ولا تشتبه فيها الصفات والمراكز والتسميات، وتُحقّق بذلك الإنجاز المنشود للأهداف المقرّرة للاجتماع الإنساني، فلا تتبدد الجهود نتيجة لطغيان "شعور الأنا" في مساحات العمل، ولا تغمر الأحاديث الخاصة سماتٌ رسمية، بل إنها تشجّع على استخدام أسلوبين مع الشخص ذاته في اليوم ذاته إن تباينت الأدوار خلال ذلك اليوم.

إن تقدير الآخرين وحماية حدودهم، لغةً وفعلاً، هو تقدير للنفس وحماية للحدود الشخصية، فهي دعوة ذات سطوة للآخر للتعامل بالمثل، وتشجيع لخلق بيئة قائمة على مبدأ "لكل مقامٍ مقال"، مما يُسكن العقل ويُذهب عنه الارتباك.

العراق
السلوك
الاخلاق
العادات والتقاليد
الشخصية
المجتمع
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بيعة الغدير وأولويات حضارة التكوين

    الإستجارة في عائلتي

    عن الغنى والفقر في الفقه واللغة

    أنت تحيا بالمعادن... فما نصيبك منها؟

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    آخر القراءات

    رسالة المرأة في منظور الإمام الشيرازي

    النشر : الأحد 02 تموز 2017
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    لا يكلف الله العباد بما لا يطيقونه

    النشر : الثلاثاء 09 كانون الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    ماهو اكتئاب ما بعد الولادة وهل هو حاد؟

    النشر : الثلاثاء 12 ايلول 2023
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    يوم المرأة العالمي: المرأة في عالم العمل المتغير

    النشر : الأثنين 08 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    ماهي مراحل نمو علاقة الصداقة بين الأشخاص؟

    النشر : الخميس 02 آيار 2019
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    من درر الأمير: لا تنفّروا النعم بقلة الشكر

    النشر : الخميس 22 تشرين الاول 2020
    اخر قراءة : منذ 18 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1034 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 405 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 352 مشاهدات

    هل للولادة القيصرية مخاطر على صحة الأم والطفل؟

    • 342 مشاهدات

    في اليوم العالمي للتبرع بالدم: امنحوا الأمل.. معًا ننقذ الأرواح

    • 339 مشاهدات

    يقظة قلب

    • 333 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3474 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1109 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1085 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1060 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1034 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 1005 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بيعة الغدير وأولويات حضارة التكوين
    • الخميس 19 حزيران 2025
    الإستجارة في عائلتي
    • الخميس 19 حزيران 2025
    عن الغنى والفقر في الفقه واللغة
    • الخميس 19 حزيران 2025
    أنت تحيا بالمعادن... فما نصيبك منها؟
    • الخميس 19 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة