• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الوحش الذي صنعه الصمت

زينب شاكر السماك / الخميس 10 نيسان 2025 / ثقافة / 688
شارك الموضوع :

التحرش الجنسي بالأطفال ليس مجرد حدث مؤلم يمر وينتهي، بل هو جرح غائر يرافق الطفل حتى الكِبر

قدماه ترتجفان كأنهما تحملان جبلاً من الذنوب، ويداه المرتعشتان تفتحان باب الغرفة بعنف. ألقى بجسده المنهك على الكرسي الهزاز، كجثة فقدت روحها، بينما عيناه معلقتان بسقف الغرفة، كأنه يبحث عن خلاص لا يجده. ذهنه شارد، قلبه يخفق بجنون، والعرق يتصبب من جبينه كأنه يغسل خطاياه التي لا تُغسل.

فجأة، قطع شروده صوت قطرات ماء تتساقط بإلحاح. التفت نحو الصنبور فوجده مغلقًا، فازدادت حيرته. من أين يأتي هذا الصوت؟ بدأ يراقب المكان بعينيه المتعبة، لكنه لم يستطع تحريك جسده المثقل بالألم. ثم لمح قطرات الدم تتساقط من يده! نظر إليها بذهول، لا أثر لأي جرح، ولكن الدم مستمر بالجريان.

ركض نحو الحوض وفتح الماء بأقصى قوة، بدأ يفرك يديه بجنون، لكن كلما غسل، زاد تدفق الدم. جرب الصابون، الفرك العنيف، لكنه كلما اجتهد، كلما ازدادت اللعنة. في تلك اللحظة، دوّى في أذنه صوتها... الصرخة التي مزقت كيانه، الصوت الذي حاول نسيانه لكنه ظل يطارده في يقظته وأحلامه. تراجع إلى الخلف وغطى أذنيه بيديه الملطختين بالدم، جلس منهارًا، يدرك أن هذا الصوت، وهذا الدم، ليس إلا ذنبه المتجسد.

عاد بذاكرته إلى الوراء... إلى الطفلة التي سلب منها براءتها ثم قتلها بيديه المرتعشتين. لم يكن وحشًا بطبيعته، لكنه أصبح كذلك. كان في صغره ضحية مثلها، تعرض للتحرش لكنه صمت خوفًا، لم يجد من يحميه، لم يجد من يمد له يد العون. كبر وهو يحمل جرحه بداخله، وهو يعلم أن هناك خطأ ما في روحه، لكنه لم يعرف كيف يصلحه. لم يسأل أحد، لم يعترف لأحد.

حتى تحول إلى وحش يبحث عن ضحية أخرى ليعيد مشهد ألمه على جسدها الصغير. لكنه لم يدرك أن الجريمة لا تنتهي بفعلتها، بل تظل تنزف داخله، تتجسد في صرخات، في دماء، في نظرات الضحية التي تطارده حيثما ذهب.

وحين وقف أمام الطفلة التي اغتصبها، لم يكن يرى فيها شخصًا، بل كان يرى نفسه. كان ينتقم؟ ربما. كان يحاول إعادة المشهد؟ ربما. لكنه في تلك اللحظة، كان قد تخطى الحاجز الذي يفصل الإنسان عن الوحش.

وعندما انتهى منها، عندما سلب منها روحها، عندما تحول من الضحية إلى الجاني، اعتقد لوهلة أن الأمر انتهى. لكنه لم يكن يعلم أن الجريمة الحقيقية لا تحدث لحظة الفعل، بل تبدأ بعده. تبدأ عندما تغلق الأبواب، عندما يصبح الجاني وحيدًا، عندما يواجه نفسه في المرآة، عندما يسمع الصوت، عندما يرى الدم يقطر من يديه رغم أنه لم يلمس شيئًا.

رفع رأسه إلى المرآة، نظر إلى نفسه، لكن ما رآه لم يكن وجهه. كان وجه ذلك الطفل الذي كانه يومًا، الطفل الذي تعرض للتحرش، الطفل الذي صمت، الطفل الذي كبر ليصبح وحشًا. الطفل كان يحدق فيه، يملأ عينيه بالخوف، بالأسى، بالخذلان. لم يحتمل النظر أكثر. أغمض عينيه، لكن الصورة لم تختفِ.

عزيزي الأب، عزيزتي الأم، إن الطفولة هي المرحلة الأكثر حساسية في حياة الإنسان، حيث تتشكل فيها شخصيته، وتتبلور نظرته للعالم، وتُرسّخ فيها قيمه النفسية والأخلاقية. لكن هذه المرحلة، بكل براءتها ونقائها، قد تكون أيضًا الأكثر عرضة للخطر إن لم نكن يقظين كفاية لحمايتها.

-، وقد يتحول إلى وحش صامت ينهش روحه ويشوّه إدراكه لنفسه وللآخرين. كثير من الجناة الذين ارتكبوا جرائم لا تغتفر كانوا يومًا ضحايا، لكن غياب الدعم والاحتواء حولهم من متألمين إلى مؤذين.

رسالة أخيرة:

أبناؤكم أمانة في أعناقكم، فكونوا درعهم الأول، كونوا أصواتهم عندما يخافون، وكونوا أيديهم التي تنتشلهم إن تعثروا. لا تستهينوا بأي إشارة، ولا تتركوا أطفالكم يواجهون الخوف وحدهم، فوحوش الماضي قد تخلق وحوشًا جديدة في المستقبل إن لم نقف بوجهها اليوم.

الطفل
التربية
العنف
قصة
السلوك
التحرش
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    تربية الأبناء على مبادئ عاشوراء: كيف نُنشئ جيلاً حسينياً؟

    صراع الروح وتجلّي الحق

    نشأة الذكاء الأصطناعي وتطوره

    هل يؤثر حرّ الصيف على فعالية الأدوية؟... خبير يجيب!

    ينزع قرطيها الأقوى

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    آخر القراءات

    تعرف على أهم فوائد الفطر

    النشر : الأربعاء 27 تشرين الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    تبعات كارثية لنقص الرضاعة الطبيعية في باكستان

    النشر : الأحد 04 كانون الأول 2016
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    الامام الباقر.. مؤسس الثورة العلمية

    النشر : الثلاثاء 28 تموز 2020
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    جسمك وصحتك النفسية بعد الولادة.. كيف تتعاملين مع هذه التغيرات؟

    النشر : السبت 02 نيسان 2022
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    موسم الاضطهاد: مرحلة تعرقل الوصول لتحقيق الذات

    النشر : الأربعاء 17 آب 2022
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    غذاء الروح أم غذاء الجسد؟!

    النشر : الخميس 31 آيار 2018
    اخر قراءة : منذ 22 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 822 مشاهدات

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    • 429 مشاهدات

    الميثاق الذي لم يُكتب: عبد الله الرضيع وولادة قانون الطفولة

    • 400 مشاهدات

    كيف أجعل حب الامام الحسين مشروعًا دائمًا؟

    • 377 مشاهدات

    7 أخطاء قاتلة يرتكبها كل رائد أعمال في البداية.. هل تقع فيها أنت؟

    • 344 مشاهدات

    النوم مع نافذة مفتوحة - مخاطر صحية لا يعلمها كثيرون!

    • 324 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1267 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1188 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1120 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 822 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 661 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 656 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    تربية الأبناء على مبادئ عاشوراء: كيف نُنشئ جيلاً حسينياً؟
    • منذ 19 ساعة
    صراع الروح وتجلّي الحق
    • منذ 19 ساعة
    نشأة الذكاء الأصطناعي وتطوره
    • منذ 19 ساعة
    هل يؤثر حرّ الصيف على فعالية الأدوية؟... خبير يجيب!
    • منذ 19 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة