• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الوحش الذي صنعه الصمت

زينب شاكر السماك / الخميس 10 نيسان 2025 / ثقافة / 577
شارك الموضوع :

التحرش الجنسي بالأطفال ليس مجرد حدث مؤلم يمر وينتهي، بل هو جرح غائر يرافق الطفل حتى الكِبر

قدماه ترتجفان كأنهما تحملان جبلاً من الذنوب، ويداه المرتعشتان تفتحان باب الغرفة بعنف. ألقى بجسده المنهك على الكرسي الهزاز، كجثة فقدت روحها، بينما عيناه معلقتان بسقف الغرفة، كأنه يبحث عن خلاص لا يجده. ذهنه شارد، قلبه يخفق بجنون، والعرق يتصبب من جبينه كأنه يغسل خطاياه التي لا تُغسل.

فجأة، قطع شروده صوت قطرات ماء تتساقط بإلحاح. التفت نحو الصنبور فوجده مغلقًا، فازدادت حيرته. من أين يأتي هذا الصوت؟ بدأ يراقب المكان بعينيه المتعبة، لكنه لم يستطع تحريك جسده المثقل بالألم. ثم لمح قطرات الدم تتساقط من يده! نظر إليها بذهول، لا أثر لأي جرح، ولكن الدم مستمر بالجريان.

ركض نحو الحوض وفتح الماء بأقصى قوة، بدأ يفرك يديه بجنون، لكن كلما غسل، زاد تدفق الدم. جرب الصابون، الفرك العنيف، لكنه كلما اجتهد، كلما ازدادت اللعنة. في تلك اللحظة، دوّى في أذنه صوتها... الصرخة التي مزقت كيانه، الصوت الذي حاول نسيانه لكنه ظل يطارده في يقظته وأحلامه. تراجع إلى الخلف وغطى أذنيه بيديه الملطختين بالدم، جلس منهارًا، يدرك أن هذا الصوت، وهذا الدم، ليس إلا ذنبه المتجسد.

عاد بذاكرته إلى الوراء... إلى الطفلة التي سلب منها براءتها ثم قتلها بيديه المرتعشتين. لم يكن وحشًا بطبيعته، لكنه أصبح كذلك. كان في صغره ضحية مثلها، تعرض للتحرش لكنه صمت خوفًا، لم يجد من يحميه، لم يجد من يمد له يد العون. كبر وهو يحمل جرحه بداخله، وهو يعلم أن هناك خطأ ما في روحه، لكنه لم يعرف كيف يصلحه. لم يسأل أحد، لم يعترف لأحد.

حتى تحول إلى وحش يبحث عن ضحية أخرى ليعيد مشهد ألمه على جسدها الصغير. لكنه لم يدرك أن الجريمة لا تنتهي بفعلتها، بل تظل تنزف داخله، تتجسد في صرخات، في دماء، في نظرات الضحية التي تطارده حيثما ذهب.

وحين وقف أمام الطفلة التي اغتصبها، لم يكن يرى فيها شخصًا، بل كان يرى نفسه. كان ينتقم؟ ربما. كان يحاول إعادة المشهد؟ ربما. لكنه في تلك اللحظة، كان قد تخطى الحاجز الذي يفصل الإنسان عن الوحش.

وعندما انتهى منها، عندما سلب منها روحها، عندما تحول من الضحية إلى الجاني، اعتقد لوهلة أن الأمر انتهى. لكنه لم يكن يعلم أن الجريمة الحقيقية لا تحدث لحظة الفعل، بل تبدأ بعده. تبدأ عندما تغلق الأبواب، عندما يصبح الجاني وحيدًا، عندما يواجه نفسه في المرآة، عندما يسمع الصوت، عندما يرى الدم يقطر من يديه رغم أنه لم يلمس شيئًا.

رفع رأسه إلى المرآة، نظر إلى نفسه، لكن ما رآه لم يكن وجهه. كان وجه ذلك الطفل الذي كانه يومًا، الطفل الذي تعرض للتحرش، الطفل الذي صمت، الطفل الذي كبر ليصبح وحشًا. الطفل كان يحدق فيه، يملأ عينيه بالخوف، بالأسى، بالخذلان. لم يحتمل النظر أكثر. أغمض عينيه، لكن الصورة لم تختفِ.

عزيزي الأب، عزيزتي الأم، إن الطفولة هي المرحلة الأكثر حساسية في حياة الإنسان، حيث تتشكل فيها شخصيته، وتتبلور نظرته للعالم، وتُرسّخ فيها قيمه النفسية والأخلاقية. لكن هذه المرحلة، بكل براءتها ونقائها، قد تكون أيضًا الأكثر عرضة للخطر إن لم نكن يقظين كفاية لحمايتها.

-، وقد يتحول إلى وحش صامت ينهش روحه ويشوّه إدراكه لنفسه وللآخرين. كثير من الجناة الذين ارتكبوا جرائم لا تغتفر كانوا يومًا ضحايا، لكن غياب الدعم والاحتواء حولهم من متألمين إلى مؤذين.

رسالة أخيرة:

أبناؤكم أمانة في أعناقكم، فكونوا درعهم الأول، كونوا أصواتهم عندما يخافون، وكونوا أيديهم التي تنتشلهم إن تعثروا. لا تستهينوا بأي إشارة، ولا تتركوا أطفالكم يواجهون الخوف وحدهم، فوحوش الماضي قد تخلق وحوشًا جديدة في المستقبل إن لم نقف بوجهها اليوم.

الطفل
التربية
العنف
قصة
السلوك
التحرش
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    حب الصيف واجب وطني وإيماني

    الأسر القوية.. ماهيتها وأهميتها

    ألوف الجزيئات البلاستيكية.. رئتاك تستنشقان الخطر!

    عقد مقدّس تحت سماء مكة

    "أُزهِرُ رغم التقلّب".. ملامح من سيرة الدكتورة رغدة الحيدري

    لماذا غفلتم عن الأصل؟!

    آخر القراءات

    ماهي المكملات الغذائية الضرورية بعد سن الـ50؟

    النشر : الثلاثاء 30 آب 2022
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    ما هي مفاتيح الطبيعة البشرية؟

    النشر : الثلاثاء 21 آذار 2023
    اخر قراءة : منذ 14 ثانية

    فـي رحـاب كـاظـم الـغـيـظ

    النشر : الأربعاء 11 نيسان 2018
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    ربيبة النبوة.. خُمرًا من الفواطم

    النشر : الثلاثاء 01 آب 2023
    اخر قراءة : منذ 23 ثانية

    سيد الحكماء.. واعظ للأمة

    النشر : الثلاثاء 04 شباط 2025
    اخر قراءة : منذ 24 ثانية

    المصورات الفوتوغرافيات.. لقطات ترصدها عين نسوية تجسد المعاناة

    النشر : السبت 12 آذار 2022
    اخر قراءة : منذ 37 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 855 مشاهدات

    عقد مقدّس تحت سماء مكة

    • 545 مشاهدات

    تصفح الإنترنت وأثره على العقل الباطن للإنسان

    • 453 مشاهدات

    أطفالنا والزراعة.. تأثير البستنة في تنشئة الأطفال

    • 386 مشاهدات

    الخيانة في الولاء للخونة: قراءة في حديث الإمام الجواد

    • 363 مشاهدات

    لا مَدخلية لمقدار العمر في النبوة والإمامة

    • 358 مشاهدات

    قارئة تُشعل شمعة الأمل في ظلام الجهل .. حوار مع القارئة مريم العيساوي

    • 3841 مشاهدات

    حوار مع حسين المعموري: "التعايش السلمي رسالة شبابية.. والخطابة سلاحنا لبناء مجتمع واع"

    • 951 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 855 مشاهدات

    رحيل ناعم

    • 757 مشاهدات

    عقد مقدّس تحت سماء مكة

    • 545 مشاهدات

    كيف أصبح "شات جي بي تي" مرجعاً لحياتنا؟

    • 539 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    حب الصيف واجب وطني وإيماني
    • منذ 16 ساعة
    الأسر القوية.. ماهيتها وأهميتها
    • منذ 16 ساعة
    ألوف الجزيئات البلاستيكية.. رئتاك تستنشقان الخطر!
    • منذ 17 ساعة
    عقد مقدّس تحت سماء مكة
    • الخميس 29 آيار 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة