كانت الحياة بينهما قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من المشاكل والكلام الجارح وتسجيل المواقف على بعضهما حتى تعدت مرحلة الاحتمال، وفي أحد الأيام اشتدت بينهما المشاجرات ووصلت إلى مرحلة تجوازت جميع الحدود وقالت له: أنا لا أريدك زوجا بعد اليوم، أنت مجرد انسان بلا مشاعر والحياة معك متعبة وأنا امرأة أمتلك جميع مقومات الحياة والأنوثة وباتت حياتي تنتهي معك ومشاعري تبرد اتجاهك، والآن أنا لا أشعر بأي مشاعر نحوك، الحب الذي كان يجمعنا قد خرج من الشباك، كل الحب الذي كنت أكنّه لك قد انتهى، أنت لاتحس بما أنا أشعر به، أنت انسان أناني تفكر في راحتك النفسية ومن اليوم لن يربطني بك سوى أطفالنا.
نعم فهي قد وصلت إلى مرحلة القمة من الفتور في علاقتها الزوجية وهي المرحلة التي تقتحم حياة أغلب الأزواج. فالفتور العاطفي من أخطر وأكبر المشاكل في العلاقة الزوجية لأنها تزيد من المشاكل وتكبر فجوة البعد بين الزوجين وفي بعض الأحيان في حالة تفاقمها وعدم الاسراع في حل هذه المشكلة تؤدي إلى الانفصال.
وهي عندما تحدثت هكذا كانت تظن أنها تستطيع أن تقود زمام الأمور بدونه فهي كالعادة الأم والأب ولديها واردها الخاص الذي تصرف به على أطفالها وهي الطباخة والغسالة والمدرس الخصوصي لأطفالها وكل شيء في أسرتها ولا يستطيع أطفالها الاستغناء عنها وباستطاعتها اكمال مسيرة حياتها بدونه، على اقل اعتبار إنها ستتخلص من المشاكل التي كانت تدور بينهما وترتاح أسرتها من كابوس الحرب القائمة بين الأب والأم.
خاصة أنه بات مؤخرا لا يشعرها بأنوثتها ولا يعاملها كما كان يعاملها في بداية زواجهما ونسيت الكلام الجميل منه فلم تسمع منه سوى: أين طعامي ولماذا لم تكوي ملابسي، وذمها إن أخطأ أحد أطفالها وتوبيخها إن حصل تقصير منها في البيت.. وعندما تكون كل الأمور على مايرام لاتسمع كلمة شكر أو امتنان منه فقط تسمع كلمات اللوم لذا اتخذت هذا القرار وهو التخلص من زوجها الأناني!.
أما هو فقد كان هذا القرار بمثابة قرار الافراج عن سجين محكوم عليه بالإعدام، كانت فرحة له لأنه تعب من ازعاج زوجته والحاحها عليه عند دخوله المنزل، وتعب من اهمالها له والاعتناء بالبيت وأطفالها، حتى بات يكره الجلوس في البيت ولايطيق صوت أطفاله وعندما يدخل للبيت يكون متثاقلا من دخوله بسبب الأسئلة التي ستستقبله بها، أين كنت، ولماذا تأخرت، وأطفالك كذا وكذا. وعند جلوسه في البيت سيدخل في دوامة الملل ودراسة الأولاد والضوضاء وزوجته فقط تتذمر وهو لايشعر بأي شيء. لذا فرح بقرار زوجته المزعجة الأخير.
واتفقا الابتعاد عن بعضهما لفترة حتى يتخذا القرار السليم. ولكن بعد فترة ليست بطويلة على تنفيذ القرار ربما أيام قليلة اكتشف الاثنان خطأ هذا القرار، فهي أيقنت أنها هي روح البيت ولكن الأب هو الحياة لأسرتها فهو سقف البيت وبدونه البيت مهزوز ليس له أي قيمة، وإنه كان يعينها ويساعدها بالكثير من الأمور ولكنها لم تشعر بذلك بسبب انشغالها المفرط بالحياة.
وقد أحسّت بغيابه في ملامح أولادها فهو السكر لحياتهم، ذهبت تلك البهجة الجميلة من البيت وأصبح المنزل بلا معنى، وأطفالها يلتزمون الصمت وعيونهم تسأل عن والدهم، أسرتها مكسورة وهي شعرت بضعف كبير فهو كان سندها وقوتها، وكل شيء أصبح بلا معنى، فهي تحتاج إلى ذلك الأناني لا بل اكتشفت أنه ليس أناني بل كان يغرقهم بحبه واهتمامه على طريقته الجميلة التي كانت تظنها أنانية.
أما الزوج فعندما ترك البيت اشتاق إلى الحاح وأسئلة زوجته المتكررة واستفقد رنة هاتفها وهي تسأل عنه وإلى رسائلها وهي توصيه باحضار الاحتياجات المنزلية معه، اشتاق إلى ازعاجها أو ماكان يسميه ازعاجا فتأكد أن هذا كان حبا واهتماما وليس ازعاجا.
اشتاقَ إلى صوت أطفاله وأيقن أن تلك سعادته الكبيرة بالجلوس بينهم لا الفرار منهم. وعرف أن زوجته تتعب كل هذا التعب حتى تكون عائلته سعيدة، شعر بالذنب لتقصيره اتجاه عائلته التي هي جنته في الحياة. هنا اتفق الاثنان أن قرارهما كان خاطئا.
من هنا عزيزتي الزوجة أنتِ عمود أسرتك وبيدك تهدمين تلك الأسرة أو تبقيها مزهرة، اجعلي وقت من يومك للاهتمام بزوجك كما تهتمين بطفلك الصغير، فالزوج يغار على زوجته من أطفالهم، اجعلي وقتا مخصصا له وسترين الفرق.
أما أنت أيها الزوج اسقِ زهرتك يوميا بكلماتك الجميلة وابتسامتك بوجهها واشكرها على ما تفعله لكم وسترى تلك الزهرة كيف ستكون متفتحة تسعدكم بعطرها الجميل.
وعند ضغط الحياة عليكما، إما أن تأخذان إجازة من الحياة وتستمتعان مع بعضكما في رحلة قصيرة لتجديد الطاقة، أو تأخذان إجازة من بعضكما لمدة يومين وستكتشفان أنكما لن تستغنيان عن بعضكما وأيضا تكتشفان أخطائكما تجاه بعض.
اضافةتعليق
التعليقات