تناولت ملحمة عاشوراء العديد من الروايات الصادمة وذلك لطريقة التعذيب المتوحشة والتي تنتهي بالاستشهاد لكل أصحاب الحسين وأبناء عمومته وأهل بيته (عليهم السلام) ومن بين تلك الروايات التي سجلها التاريخ العاشورائي الدموي قصة استشهاد الذبيحين العلويين الطاهرين محمد وإبراهيم ابني مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب (عليهم السلام).
موكب أصحاب الحسين (عليه السلام)
تتمثل احياء عاشوراء بمراسيم مختلفة منها مواكب العزاء ومواكب الأطعمة ومواكب الشراب من العصائر أو الشاي وايضا تتخللها مواكب التشابيه إذ تنفرد مواكب التشابيه بتمثيل مسرحي على أرض الواقع لمجريات واقعة الطف بشخوصها فكان لموكب أصحاب الحسين (عليه السلام) لوحة تشبيهية لاستشهاد أصغر غلامين علويين وهما أولاد مسلم (سلام الله عليهما) حدثنا الحاج أبو سلام أحد مؤسسي الموكب قائلا:
بعد انتهاء ليلة العاشر والدفن نستعد بتجهيز موكبنا الذي يشكل رمزية خاصة عن واقعة استشهاد أولاد مسلم (عليهما السلام) حيث نختار اطفال اعمارهم متقاربة لعمر الطفلين والافضل يكون نسبهما علوي أي بما يعرف (سادة) يسرد الموكب الحادثة بتفاصيلها منذ ان لاذا بالفرار بعدما اضرمت النار في الخيام خوفا واضاعا الطريق الى اخر الحدث وهو نحرهما على نهر الفرات.
كما يتخلل الموكب عزاء واهازيج تنوء بوقع المصيبة وهولها ويشارك ايضا العزاء العديد من الموالين المعزين وهناك مواكب اخرى تشبيهية تسرد احداث القصة ذاتها يقدمها العديد من الحسينيين في اماكن متفرقة في مزارات المدن الاخرى وليس فقط في مدينة كربلاء المقدسة.
وتحدثت السيدة أم رقية قائلة وقد لازمتها العبرة: انه لشرف لي ان اقوم بتأدية دور السيدة التي احتضنت ابناء مسلم خوفا عليهما من بطش الظالمين اذ جرت العادة على مشاركتي للسنة العاشرة بتقديم هذا الحدث العظيم عبر مسرح التشابيه، وفي كل مرة ينتابني الشعور ذاته بالحزن والاسى اذ اتمنى ان اكون فعلا قد عشت حقبة ذلك الزمن لأحمي الطفلين وانال الشهادة لحمايتي لهما.
قرية أولاد مسلم (عليهم السلام)
يذكر المؤرخون أن أولاد مسلم خمسة؛ عبد الله ومحمد استشهدا يوم الطف، واثنان قتلا بالكوفة، ولم يقفوا على شيء من أمر الخامس.
وقد سميت قرية اولاد مسلم الواقعة في مدينة بابل قضاء المسيب تيمناً بالذبيحين اذ المكان منسوب إلى ولدي مسلم وهو مكان مقتلهما وأغلب الظن أنه موضع دفنهما أيضاً حيث فُصل رأساهما عن الجسدين الطاهرين بعد مقتلهما وألقيا في نهر الفرات باستثناء الرأسين.
وبحسب ما دونه المؤرخين أن (محمد الأصغر) كان قد ولد سنة 52هجرية، (وإبراهيم) ولد سنة 53هجرية، فيكون عمر الأول عشر سنوات والثاني تسع سنوات (رضوان الله عليهما)، وترتبط قصة شهادة محمد وإبراهيم (عليه السلام) بواقعة الطف في كربلاء التي حدثت سنة 61هجرية، فقد كانا صبيين صغيرين رافقا أسرتهما التي انضمت إلى موكب الإمام الحسين (عليه السلام) وقدمت معه من مكة إلى كربلاء، وفي اليوم العاشر من محرم لما انجلى غبار المعركة عن مصرع الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، هجم الأعداء على الخيام فأحرقوها وأرعبوا النساء والأطفال وهذا ما أجبر الأطفال على الفرار صوب الصحراء لكنهما أضاعا طريقهما حتى أُسرا وأودعا السجن ثم هربهما السجان ليلجئا عند امرأة، وتكررت معهما قصة أبيهما فقبض عليهما الحارث الهمداني وقطع رأسيهما على شط الفرات وحمل الرأسين إلى عبيد الله بن زياد لعنهما الله، ويذكر ايضا إن الذي تولى دفن ولدي مسلم هم جماعة من القبائل الذين شهدوا مقتلهما.
محطة استراحة
يقع مزار أولاد مسلم (عليهما السلام) في منطقة تمتاز بطابعها الزراعي وتكثر فيها بساتين النخيل والحمضيات، ويتشرف أهل هذه المنطقة بخدمة الزوار الوافدين إلى مرقد ولدي مسلم بن عقيل (عليه السلام) في الزيارات العامة والخاصة مثل زيارة الأربعين، إذ تعد هذه المنطقة بوجود المرقد المقدس محطة استراحة لملايين الزائرين ذهاباً وإياباً لمناطق بغداد ومناطق الصويرة والحفرية وجبلة، مما يجعلها منطقة ذات طابع سياحي مهم يقصدها الزائرين من جميع دول العالم.
اضافةتعليق
التعليقات