عندما يصبح الرفق منهاجاً في حياة الأسرة، وعندما تكون المرونة في التعامل شعاراً في العلاقات العائلية، حينئذٍ تتنزل البركات وتصبح الحياة أكثر جمالاً. فالأسرة التي تمضي قدماً في رفق ومرونة، بعيداً عن كل أشكال التطرف والتشدد، تمضي إلى مستقبل زاهر وحياة هانئة يغمرها الرزق والخير والنماء، حيث يقول الإمام علي عليه السلام: «من استعمل الرفق استدرّ الرزق».
تجليات الرفق في الحياة الأسرية:
١- تنامي البركات
إن الرفق في الحياة الأسرية من بواعث تنامي البركة، فهو الخير الذي يعمّ المجتمع، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: «إن في الرفق الزيادة والبركة، ومن يُحرم الرفق يُحرم الخير».
كما أن الرفق إذا ما أصبح منهجاً حياتياً، فإنه سيكافح كل صور التطرف والتشدد، وهذا ما يعود بالخير والبركات، فتحيا الأسرة في بحبوحة من السعادة. وقد قال الإمام الصادق عليه السلام:
«أيما أهلُ بيتٍ أُعطوا حظَّهم من الرفق فقد وسّع الله عليهم في الرزق، والرفق في تقدير المعيشة خيرٌ من السعة في المال، والرفق لا يعجز عنه شيء، والتبذير لا يبقى معه شيء. إن الله عزّ وجلّ رفيقٌ يحب الرفق».
وإن الاستفادة الصحيحة من إمكانات الحياة لا يمكن أن تتم إلا من خلال الرفق والمرونة؛ ذلك أن التشدد والتطرف والفظاظة والغلظة، والإسراف والتبذير، وعدم الاعتدال، هي التي تلحق الدمار بالحياة الإنسانية. وقد جاء في حديثٍ للإمام موسى الكاظم عليه السلام فيما أوصى به صاحبه هشام بن الحكم قوله:
«يا هشام عليك بالرفق، فإن الرفق خير، والخرق شؤم. إن الرفق والبر وحسن الخلق يعمّر الديار ويزيد في الرزق».
٢- السلامة والعافية
وإذا ما تطعّمت الحياة بالرفق وتشربت المرونة، وإذا أصبح للمداراة دورها في تنظيم الحياة الإنسانية، فإن الحياة الأسرية سوف تحيا في سلامة العيش وترفل بالاستقرار، حيث يقول الإمام علي عليه السلام: «سلامة العيش في المداراة».
فتكتسب الحياة من خلال كل هذا معناها الحقيقي وجوهرها المتألق؛ ولهذا فإن المداراة ستكون الضمان للسلامة والعافية. وقد رُوي عن الإمام محمد الجواد عليه السلام: «من هجر المداراة قارنه المكروه». وعلى هذا، فإن منطق العقل يقضي باعتماد الرفق منهجاً في الحياة بشكل عام لضمان السلامة والاستقرار والأمن، وقد جاء في الأثر: «الرفق يؤدي إلى السلم».
٣- الطمأنينة والاستقرار
إن الرفق والمرونة في الحياة الأسرية مما يفجر ينابيع الخير؛ فتسود حالة من الصفاء أجواء الأسرة، وترفرف في فضائها البهجة والطمأنينة. وبالعكس، فإن غياب المرونة وحسن الخلق في العلاقات الإنسانية يؤدي بالفرد والمجتمع إلى هاوية الشرور، حيث يقول الإمام الباقر عليه السلام:
«من أُعطي الخلق والرفق فقد أُعطي الخير والراحة وحَسُن حاله في دنياه وآخرته، ومن حُرم الخلق والرفق كان ذلك سبيلاً إلى كل شر وبلية».
٤- تحقيق وبلوغ المطالب
إن من انتهج الرفق والمرونة في حياته الاجتماعية أوشك أن يحقق أهدافه ويبلغ غاياته وينال مطالبه. وقد قال الإمام الصادق عليه السلام: «من كان رفيقاً في أمره نال ما يريد من الناس».
فعندما يسود الرفق العلاقات بين الرجل والمرأة، وتكون المرونة شعاراً وشعوراً في التعامل والتفاهم، يتحقق الاستقرار الذي هو هدف الإنسان، حيث يقول الإمام علي عليه السلام: «عليك بالرفق، فمن رفق في أفعاله تمّ أمره».
وهكذا يبلغ الإنسان ما يريد ويقصد من خلال الرفق: «بالرفق تُدرَك المقاصد».
فتصبح الحياة يسيرة سهلة: «الرفق في المطالب يسهّل الأسباب».
٥- تعزيز العلاقات الاجتماعية
بالرفق والمرونة وحسن الخلق في المعاشرة والعلاقات تتعزز عُرى الأسرة والمجتمع، وتصبح العلاقات الإنسانية أكثر قوة وصلابة واستحكاماً، حيث يقول الإمام علي عليه السلام: «بالرفق تدوم الصحبة».
وعندما يكون الرفق منهجاً في حياة الفرد، يصبح محبوباً بين الناس، وتكثر علاقاته الاجتماعية، فتُصبح حياته مفعمة بالفرح:
«ما استُجلبت المحبة بمثل السخاء والرفق وحسن الخلق».
ويصبح الرفق طريقاً إلى النجاح، وهو هدف كل فرد:
«من عامل بالرفق وُفّق».


اضافةتعليق
التعليقات