شعرتُ بالغيرة من تلك الفتاة الهادئة اللطيفة؛ كانت تبدو كالوردة الجميلة في بستان مليء بالأشواك. كلما سقطت عيني عليها وجدتها تبتسم. كيف لا، وهي ابنة عائلة مرموقة وثرية وقد أنهت مسيرتها الجامعية بتفوق.
ما أثار غيرتي أكثر هو حصولها على وظيفة بسرعة وسهولة. فقد رأيتها تحظى بالتقدير والاحترام في مكان عملها، وكأن لديها المفتاح السحري للنجاح. ولم يكن هذا كافيًا، فقد لاحظت أيضًا تقدم رجال النفوذ لها، متنافسين لكسب انتباهها. كانوا يتسابقون للفوز بقلبها ويقدمون عروضًا مغرية. لو كنتُ مكانها لرقصت من فرحتي. واضح من تعابير وجهها أن المصائب لا تعرف الطريق إليها. انظري إلى أناقتها، ماذا لو أصبح لدي القليل من الخير الذي عندها؟ أحاور نفسي كالمجنونة، لكن دون جدوى. ما الذي سيتغير في حياتي؟
كانت لدينا صديقة مشتركة، فقلت لها إن الحياة قاسية على البعض ومنعمة على الآخر. انظري إلى زهراء، كم هي مرتاحة البال، لا هم ولا غم. قالت لي: "زهراء مرتاحة؟" قلت لها: "أجل، انظري إنها تملك كل شيء، فلماذا لا تكون مرتاحة؟"
قالت: زهراء، تجاوزت الألم بقلب مليء بالشجاعة، تبتسم لأنها لا تحب الشكوى، لا تحب أن ترى آهات أحبابها عليها، ولا تحب الشفقة. لقد فقدت منذ سنوات أختها الصغيرة وكانت شديدة التعلق بها، ومع ذلك، فإنها لم تستطع أن تعيش حزنها بالطريقة التي يجب أن تكون عليها لتواسي أمها. تركت البراكين تتصاعد في قلبها، ورسمت ابتسامة على وجهها. ولم تكتفي الدنيا بأخذ أختها.
قبل مدة ، تقدم لخطبتها احد زملائها في العمل وقد كانت تكن له في داخلها مشاعر ود. إلا أن أهله أفسدوا تلك الخطبة، ولم يكتفوا بل زرعوا فيها انعدام الثقة، وتنمروا عليها وعلى شكلها. ولم يروا بأنها لائقة لتكون زوجة ابنهم. هي ترفض الآن كل من يتقدم، ليس لأنها ترى أنها أفضل منهم، بل يوجد عندها جرح من الواضح أنه لم يلتئم. ليس كل ما ترينه حقيقة، ملامحها مبتسمة، ولكن البراكين قد سكنت قلبها على أختها التي فقدتها والرجل الذي أحبته فخذلها.
وهنا حقًا خجلت من نفسي، لقد شعرت بأنها تشبه البراكين الصامتة؛ ظاهرها هادئ وداخلها مستعر.
اضافةتعليق
التعليقات