دخل إلى ذلك المحل الفاخر؛ يتجول هنا وهناك، ليختار أفخم الأريكات وأغلى الطاولات، لا يهم إن كانت بمئات الدولارات، وتم الشراء، أخذها إلى منزله لتتزين بها صالة البيت، أما محمد الإبن، الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، فإن لعبه وشغبه كان دفئا لأمه.
في إحدى المرات كان يحمل بيده لعبة أشبه بالمسمار الحديدي، فخدش الطاولة بها، وصل الأب من عمله في الليل مرهقا، فرأى ما فعله الطفل محمد، ثار غضبا وصرخ بأعلى صوته، جاء محمد مرتجفا، يتمتم بكلمات خافتة وصوت ملائكي رقيق (أنا.. أنا آسف)، أخذ بيده ووضعها على الطاولة، ثم جاء بعصا (ضربها وضربها)، لكي لا يكرر فعلته مرة أخرى، في اليوم التالي لاحظ بأن يده قد تورمت؛ وأزرق لونها، أخذه إلى المستشفى، قال له الطبيب: لقد وصلت في وقت متأخر، كف الطفل قد أصابها تسمم، ويجب أن تبتر، وإلا قد يصل إلى يده بأكملها، هذه هي المستندات لبتر يد طفلك وعليك أن تبصم بالموافقة.
أصاب الأب الذهول، والدهشة، قلبه يكاد أن يقف! يداه ترتعشان، فهو عليه أن يوقع على حياة إبنه، لكنه مجبر، أجريت عملية بتر اليد للطفل، نقل إلى غرفة خاصة دخل عليه والده، فاستقبله بابتسامة تجمل ثغره الصغير، وقال له: ( بابا، أنا آسف لأنني خدشت الطاولة، ولكن إذا كبرت وعملت واشتريت لك أجمل منها، هل ترجع لي يدي؟!)، خرج الأب من الغرفة مهرولا، كشخص فقد عقله، لا يدري ماذا يفعل؟ كيف سيعيش ونظرات ابنه تأكله؟ الجنون ركب رأسه.....
أخرج المسدس وضرب نفسه، ومات!.
هذه قصة معروفة لرجل إنتحر، إمرأة ترملت، طفل تيتم.. والسبب هو الغضب لذا فقد قال الأمير عليه السلام: (إياك والغضب فأوله جنون وآخره ندم).
من آثار الغضب الجسدية :
1- يتسبب الغضب بإجهاد القلب؛ فعند الغضب تزداد كمية الدم التي يضخها القلب نتيجة للإنفعال الشديد، مما يجهد عضلة القلب فيؤدي إلى تصلب الشرايين وإفقادها لمرونتها.
2-يعمل على رفع ضغط الدم ويتسبب في ارتفاع نسبة السكر في الدم، ومن الممكن أن يتسبب في العمى المفاجئ نظراً لما يحدثه من تأثير على الأوعية الدموية الموجودة في العين.
علاج الغضب في منظور أهل البيت عليهم السلام
1- أن يستعيذ الغاضب بالله - تعالى - من الشيطان الرجيم.. فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. فأشد جنود إبليس الغضب، والغضب مفتاح كل شر.. وقد وجد في التوراة مكتوب: يا بن آدم!.. اذكرني حين تغضب؛ أذكرك حين أغضب.
2- أن يفكر الغاضب في فضائل كظم الغيظ، والعفو، والحلم.. ويقرأ آيات من القرآن الحكيم، المتعلقة بكظم الغيظ، مثل قوله تعالى: فاعف عنهم واصفح انا الله يحب المحسنين.
وقد ورد انه قال رجل لرسول الله (ص): يا رسول الله، أوصني!.. قال: (لا تغضب).
اضافةتعليق
التعليقات