بِسمِ مَنْ فَرش الأراضي بالزُروع وخلقَ الخَلائقَ من كل صنفٍ وَنوع، أمّا بَعد.. لو طرحتُ سؤالًا عليك: ماذا خَطر في بالك عند قراءتك للعنوان؟
إن كُنت من الذين أجابوا إنّ ما خطر في بالِهم وثنايا تفكيرهم هو الآن هي الأنظمة الغذائية والوزن والرجيم وما إلى ذلك فأنت واحِدٌ من بين ٨٠٪ ممن لديهم تفكيرٌ مُشابه لتفكيرك.. وهو التفكير المغلوط الذي نسعى لدحضهِ في هذا المقال.
أما لو كانت إجابتُك أنَّ أول ما استرسل إلى دماغِكَ هو النظام الصحي الذي يشمل كافّة جوانِب يومك الحالي من جانب غذائي ونفسي ومهني وذاتي فأنت تابِعٌ للنسبة التي تضم ٢٠٪ وهي القِلّة القليلة التي أصابت في تفكيرها.
بعيدًا عن كُلِّ شيء أنتَ كَفردٍ واعٍ تُجيد القراءة والكِتابَة ولعلّك قد أكملت دراساتك الجامعية أو العُليا وأصبح لديك الكَثير والكثير من السِلال المَملوءة بالمعلومات التي تجعلك مُحيطًا ومُطلعًا عَلى الدُنيَا فبلا شّك ستكون قادرًا عَلى تعريف مُفردة (الصِحّة).
الصحّة بمفهومها الجزئي الذي يعتقد بهِ بعضُ الأفراد هي خُلو البدن من الأمراض والعيوب الخلقية.
لكن لو أعدنا النظر لوجدنا أنَّ هذه المُفردة وما تحملهُ من مَعاني زاخِرة قد شملت جميع الجوانب المؤثرِة في كيان الإنسان وحياته من الجوانِب الصحيّة والنفسيّة والمِهنيّة والذاتيّة.
عَلى سبيل الأمثلة؛ مِنَ المحال الحصول على جسد سليم صحي إذا كان الإنسان غارقًا في بحر من المشاكل والضغوط النفسيّة، فقد أثبتت الدراسات إنَّ الآلام النفسيّة قد تسبب أمراض صحيّة على المدىٰ البعيد كَالسُكّر والضغط ومتلازمة القولون العصبي وتقرّح المعدة والأمعاء وما إلى ذلك، فهنا وصلنا إلىٰ الثمرة الأساسية التي أسندنا عليها شجرة بحثنا، وهي إنّ الصحة تشمل جميع جوانب حياة الفرد، فجانبٌ مُكمِّلٌ لجانب، تماما كَأعضاء البدن، إذا تهاوىٰ إحداها تداعىٰ له سائر الجسد بالسهر والحمى، فلا تكون الصحة إلا بصحة البدن والعقل والنفس.
فالإنسان العاقِل السوي إذا كان يسعىٰ لدوام الصحة في حياته فعليه أن يبدأ بتسجيل جميع المؤثرات التي عليها وقع سلبي ومؤذي عليه وعلى روتينه اليومي وعلى المدى البعيد في حياته.
الصحّة في الجانب البَدني
تقوم ركائزها عَلى مُتتابعة الجانب الصحي والقيام بالفحوص الروتينية ولو كانت مَرّة كُلِّ شهر لمُلاحظة التغيرات السلبية أو الإيجابية في الجانب الصحي لدى الإنسان، وبِشكل خاص لدىٰ المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة كالضغط والسُكّر.
أما بالنسبة للفتيات فلا بُدَّ من القيام بالفحص الدوري للثدي سواء كان فحصًا بيتيًا تقوم به الفتاة نفسها أو عند طبيب خَاص للكشف عما إذا كانت هُناكَ بعض الأورام للحد من حالات الكشف المُتأخر عن سرطان الثدي.
فالفحص الدوري يزيد من فرصة الكشف عن هذا المرض بوقت مبكر وبالتالي السيطرة عليه بشكل أكبر، وكذلك وضع نظام صحي وجدول غذائي للأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن مما يسبب لهم أمراض مُرهقة كداء السُكري والكبد الدهني وتشمّعه وآلام في عضلات الأقدام ناهيكَ عن الإحراجات التي قد يواجهها الانسان في ميادين حياته.
الصحّة في الجانب النفسي
سبق وقد ذكرنا مدى الترابط الوثيق بين الجانب الصحي والنفسي، وكيف يؤثر أحدهما عَلى الآخر، وتوسّعًا في هذا المَجال يجب عَلى الفرد إذا كان يمّر بفترة عاصفة في حياتِهِ من مشاكِل نفسية كحالات الاكتئاب والوسواس القهري وغيرها من المتلازمات المرضية أن يلجأ لشخص خبير في هَذا المَجال سِواءً كان مُرشدًا أو طبيبًا أو أخصائيًا وأن لا يُهمِل هذه العوائق لكي لا تَتضخّم وتُصبح مسدّات تُعرقل حياة الإنسان الدراسية والعملية وما إلى ذلك.
وللأسف الشديد، نَجد إنّ هَذا الجانب قد تراكم عليه الغُبار في بعض الدول والمناطِق فلم تُعطى لهُ أهميّة كما تُعطى للطب البدني عَلى الرُغم إن الطب النفسي والبدني يُوضعان عَلى نَفس الكفّة، ولعل من أقبح الأسباب التي يستعملها البعض حجّة لصدّهم عَن هذا الجانب هو خشيتهم من نظرة المُجتمع لهم، مُتناسين إنَّ الأمراض النفسيّة ليست إلا مُشكلة طبيعية حالها كحال الأمراض البدنية.
فلا عيب ولا ضرر من طلب المُساعدة عند الحاجة إليهَا، تذّكر لا أحد سيتأذىٰ غَيرك فضع آراءهم المغلوطة في سلّة مهملاتك.
خِتامًا لِكُّل ما سبق سأضع بعض النُقاط التي إختزلتُ فيها كُلَّ ما سبق..
- إنَّ الصِحة تشمل كافة ضِفاف الحياة سِواءً كانت صحية أم نفسية.
- أن يوازن الإنسان في جوانب حياته فلا يُراعي جانِبًا على حساب آخ ، فلا تقوم الصحة إلا بتوازن الجانب النفسي مع الجانب الصحي.
- أن لا يُهمِل الإنسان بوادر المشاكل في حياته فإن لاحظ عَلى نفسه بعض العلامات الصحية المتكررة فعليه أن يُحدد موعدًا لكشفها عند الطبيب المُختص وكذلك بالنسبة للمشاكل النفسية.
- أن يجعل الإنسان من التمارين الرياضية روتينًا إعتياديًا في يومه فالرياضة تحسن من الصحة العامة لبدن الإنسان وتنشط الدورة الدموية وتساعد الإنسان على التخلص من الاكتئاب والقلق المَرضي.
- تحديد عدد ساعات من النوم لا تقل عن الستّة ساعات يوميًا وتجنب التفكير السلبي قبل النوم لما يترتب عليه من عدم اكتفاء البدن من الراحة والشعور بالتعب بعد الاستيقاظ.
اضافةتعليق
التعليقات