وثبتنا على أسانا خريفاً.. وربيعاً فما جمال الحياة؟ وأرى النهر من بعيد كسرٍّ.. غلّفته أيدي الخريف الكئيب.. هذا ما تقوله الشاعرة العراقيّة نازك الملائكة في إحدى قصائدها، تصف فيها فصل الخريف بأنه أكثر أوقات السنة كآبة. ولطالما ارتبط اسم هذا الفصل لدى كثير من الناس بالحزن، نظراً للونه الباهت، وجعله شوارع المدن ممتلئة بأوراق الشجر الصفراء المتساقطة. لكن دراسة جديدة وجدت أن فصل الخريف هو أكثر أوقات السنة التي نشعر فيها بالانتعاش. وبحسب صحيفة التلغراف، فإن باحثين في جامعة تورونتو وجدوا أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن السبعين يصبحون أذكياء بشكل ملحوظ مع بلوغ الوظائف الإدراكية ذروتها في 23 سبتمبر/أيلول.
وكان الفرق بين أدمغة المشاركين في الربيع، مقارنة مع الخريف، يعادل أربع سنوات من التقدم في العمر. ورغم أن العلماء لم يتمكنوا من تحديد سبب «ميزة الخريف» هذه، قالت روزا سانشو من مركز أبحاث ألزهايمر في المملكة المتحدة عن النتائج: «يمكن أن تؤثر المواسم المتغيرة على أسلوب حياتنا وصحتنا بطرق متنوعة». ويقول المدرب الشخصي مات روبرتس، الذي عمل مع ديفيد كاميرون والمصمم توم فورد: «إن شهر سبتمبر/أيلول يشبه أول يناير/كانون الثاني، ولكن في الحقيقة، إنه وقت أفضل للحصول على اللياقة والصحة». الأمسيات أخف، والهواء بارد ولكن ليس للغاية، وبعد صيف حار تركنا مرهقين، يشعر الكثيرون منا الآن بأنهم أكثر إشراقاً. لأن شعور العودة إلى المدرسة يمتد إلى الكبار أيضاً. ويضيف: «إن الخريف هو الوقت المثالي لإعادة ضبط صحتك». لذا مع أخذ ذلك في الاعتبار، إليك كيفية الاستفادة القصوى من ميزة الخريف.
إنه أفضل وقت لتحسين لياقتك البدنية
المدرب مات روبرتس يرى أنه يقرر معظمنا البدء في نظام لياقة جديد في شهر يناير/كانون الثاني، تتزايد وتيرة الاشتراك في صالات الألعاب الرياضية، فإن شهر سبتمبر/أيلول هو في الواقع وقت أفضل بكثير، مضيفًا أنه كما أن لدينا ميلاً إلى الإفراط في الاستغراق في المتع خلال عطلة عيد الميلاد، يمكن أن يكون للصيف نفس التأثير الذي يدفع إلى الإفراط في الأكل والشرب. وعلى عكس يناير/كانون الثاني، وبحلول الخريف تكون قد حصلت على جرعة جيدة من فيتامين (د) من أشهر الصيف وعطلتك، مما يساعد على رفع مستويات الطاقة. وعلى الرغم من أن فترة شهر يناير/كانون الثاني يمكن أن تكون شديدة البرودة وأن الصيف قد يكون شديد الحرارة (خاصةً في هذا الصيف)، فإن الخريف هو الوقت المثالي للخروج إلى الخارج وممارسة الرياضة – ولا تزال الأمسيات منعشة، ولا يزال الجو ممتعاً والتغيرات الموسمية جميلة. كما أنه أيضاً الوقت المثالي لـ«حمام الأشجار»، وهو صيحة صحيَّة من اليابان تتضمن «استنشاق» هواء الغابات والمناطق المشجرة. في ثمانينيات القرن الماضي، درست الحكومة اليابانية الفوائد الصحية لهذه الممارسة، التي تشمل خفض ضغط الدم، وانخفاض مستويات التوتر وتحسين التركيز والذاكرة. وجدوا أيضاً أن المواد الكيميائية التي تطلقها الأشجار، وتسمى phytoncides، لها تأثير مضاد للميكروبات وتعزز نظام المناعة لدينا، وأدخلت برنامجاً صحياً وطنياً لممارسة «حمام الأشجار». ومنذ ذلك الحين، كان ممن تبنوا ممارسة حمام الأشجار الممثلة غوينيث بالترو، وقد انتشرت جولات حمام الأشجار في الغابات في نيويورك ولندن. كما بدأت لجنة الغابات، التي تدير مليون هكتار من الغابات في إنكلترا، برنامجاً لممارسة حمام الأشجار على مستوى البلاد في العام المقبل.
لقد حان الوقت لتناول طعام الخريف
إذا كنت مفتقداً لحفلات الشواء والسَّلَطات، فاستفِد إلى أقصى حد مما يقدمه هذا الموسم. تقول إخصائية التغذية الغذائية أميليا فرير: «على الرغم من أن الصيف قد انتهى تقريباً، فإن الوفرة المفاجئة في الطعام الخريفي اللذيذ والصحي هي تعويض كافٍ». وهي توصي بأصناف مثل الخرشوف، الشمندر، القرع، اليقطين، الجزر، الكرفس، الكوسة، الكرنب والفاصوليا لتحصل على الطعام الخريفي. وتقول فرير: «أنا مدمنة على الطبخ البطيء في هذا الوقت من السنة، وأتناول دفعات من الحساء، واليخنة والخضار المطبوخة». يمكنك بعد ذلك تجميدها بحيث يكون لديك دائماً وجبة سريعة وصحية جاهزة لليالٍ إن لم يكن لديك الوقت لطهي الطعام. وتنصح بالابتعاد عن الكربوهيدرات النشوية مثل الأرز، واستبدالها بالخضار الداكنة الخضراء والمورقة والموسمية مثل اللفت واليقطين. كما تقترح فرير تقليص السكر في الخريف لتجنّب تذبذب مستويات سكر الدم بين ارتفاع وانخفاض، والتي قد تزيد من الخمول، وبدلاً من ذلك الاستمتاع بالفواكه الحلوة الموسمية مثل العليق والتفاح والكمثرى والخوخ والتين. وإذا كنت تخبزها أو تطبخها مع التوابل الخريفيّة، فستحصل على دفعة صحية مضاعفة: لقد ثبت أن رائحة القرفة تشحذ ذهنك. وجد الباحثون في جامعة ويلنغ غيزويت في الولايات المتحدة أن رائحة القرفة مرتبطة بتحسن الانتباه والذاكرة.
أعِد ضبط عقلك
وفقاً لفرير، فإن الخريف هو أيضاً وقت مهم للبالغين، وتنصح بالاستفادة من شعور «العودة إلى المدرسة». من حيث الأكل الصحي، وإدارة مستويات الإجهاد أو الخروج كل يوم للحصول على بعض الهواء النقي وجرعة من فيتامين (د)، إنه وقت رائع من السنة لإنشاء عادات جديدة. ويقول كاري كوبر، أستاذ علم النفس والصحة في كلية مانشستر لإدارة الأعمال، إن سبتمبر/أيلول يمكن أن يكون «شهرًا محدِّداً للحياة». ويضيف: «ما أسمعه من خلال عملي، وكأب لأولاد بالغين لديهم عائلات خاصة بهم، هو أن شهر سبتمبر/أيلول، وليس يناير/كانون الثاني، هو الشهر الذي نقيّم فيه حياتنا». في شهر يوليو/تموز، أعلنت الجمعية الملكية للصحة العامة أيضاً عن بدء حملة Scroll Free September، التي تحث الناس على التخلّي عن وسائل التواصل الاجتماعي خلال هذا الشهر. كانت الحملة نتيجة لمسح أجروه ووجدوا من خلاله أن نصف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي شعروا بأن التوقف عن استخدامها من شأنه أن يحسّن نومهم وعلاقاتهم ورفاهيتهم وإنتاجيتهم في العمل. حسب عربي بوست.
اضافةتعليق
التعليقات