في غربة الليل أناجي نجمي البعيد، اعانقه بتلك العيون الدامية، تعصف الروح زفراتها، فيضج الأنين في زوايا الجسد، يتسلل الدمع من مقلتي وتتجسد الآهات في كل مكان، ناعيا نجمة رحلت من سماء مدينتي، وتركتني اواجه الوميض، اخط كلماتها واتصفح ايام عمرها فتزهر الاوراق بتلك الاعمال وينثر اريج عطرها في بقايا العمر، فتبقى ايامنا مرهونة بين الفقد والذكرى، يترك فقدها جرح وثلم في الروح لا يسده شيء اخر، فترى في كل الوجوه لها أثر، حسن خلقها، بشارة وجهها، سماحة روحها، حتى في حزنها تلون ثغرها بابتسامة حتى لا تحزن وانت تنظر اليها، تلون ايام عمرها بلون العبادة، قائمة ليلها ساجدة ترتل في الفجر فكان قرآنها مشهودا..
عصفت الرياح اغصانها، ورغم فقدانها اكبر اغصانها لكنها بقيت تنتج العطر كلما هب عليها ريح الزمان، اناجي انامل كتبت بمسك الصدق والاخلاص حروفا كانت تفهم معنى التولي والتبري، فلم تأخذها في الله لومة لائم، لصدى كلماتها حنين يتناثر في القرطاس، ازهرت ايامها بكتابة المجموعة التي بلغت 9 عناوين وقد جمعت في (احاديث ومعجزات المعصومين)، كانت راضية مرضية، فما زالت صلاة الليل وصلاة غفيلة تفقد صوتها، ولطالما عرفت ان الوطن هو منفى الروح والجسد، فكانت تردد وطني كربلاء وطني نجف..
ثمة امور يكتبها المؤمن في صحيفة اعماله فما اجمل ما كتب فيها مساعدة المحتاجين وقضاء حوائج المحتاجين، ودفع الكثير من الاموال في احياء قضية الشعائر الحسينية والدفاع عنها.
أثر خطواتك وانت في طريق زيارة المراقد الطاهرة للمعصومين عليهم السلام ومراقد ابنائهم مشيا على الاقدام، ولما صعب عليها المشي لشدة الالام في الرجل طلبت من زوجها الامام الشيرازي الراحل (رحمه الله) ان تنقلها سيارة المكتب المرجعي الى حرم السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام فاجابها خذي العصا واذهبي الى الحرم مشيا، ولما اشتد بها آلام الرجل كانت تذهب الى الحرم يوميا على الكرسي المتحرك، وبعد سقوط الطاغية كانت تسافر الى العراق باستمرار وتبقى فترات طويلة لتزور المراقد المقدسة وهي تقول وطني كربلاء وطني نجف..
ذرفت بقايا الامنيات في ارض احتضنت قطعة من قلبها منذ سنين، ربما لايكفي الاحتضان والدموع فبعد هذه السنوات من الغياب ماذا سيفعل الابن في لقاء امه في عالم يخلو من الضجيج والحسرات، ستشفى تلك الاوجاع التي زرعت في جسده، ماذا عن الكدمات التي غيرت لونه!، عن اخفاء صوته، ستعود هذه ليلة بمجرد ان ترقد الام في جواره، هنا تهمس الاحلام وتعيد لنا احزان ليلة رحيله، ستجمع الاسرة عندها وعلى مائدة من النور كما وعدها الله وصالح المؤمنين، فما اكثر الاشواق التي تحملها وما اجمل لقاء بين الابن والحفيد..
ايتها الجدة المباركة عندما تحتضنين سيد محمد جواد رفقا بتلك الضلوع مهلا عليه، ايها الليل دع عنك شهقة الوداع، فهذه ليلة تجمع فيها المحبين، وترقد ارواحهم بسلام.
اضافةتعليق
التعليقات