تتجدد صيحة صيام الدوبامين خلال السنوات الأخيرة، إذ أصبح روتيناً شائعاً بين الكثير من الناس، بعدما أطلقه عاملون في مركز التكنولوجيا العالمي "سيليكون فالي"، ويتضمن عزل الشخص نفسَه عن كافة المحفّزات تقريباً لمدة 24 ساعة، وذلك لاستعادة توازن إفراز الجسم للهرمون الذي يُعتقد مسؤوليته عن الشعور بالسعادة.
ما هو الدوبامين؟
الدوبامين هو مادة كيميائية في أدمغتنا، لا يتفق العلماء حتى اليوم على كيفية عملها بالضبط، ولكنها تنشط بشكل خاص عندما يحدث لنا أمر جيد ومحبب، أو عندما نشعر بالمكافأة.
ورغم وصفه في كثير من الأحيان بـ"هرمون السعادة"، فإن الدوبامين لا يسبب مشاعر السرور والسعادة في مركز المكافأة في الدماغ، وفقاً لمايكل تريدواي، عالم النفس السريري والأعصاب لمجلة Live Science الصحية.
بدلاً من ذلك، يعتمد الدوبامين أكثر حول التحفيز، والاستعداد لبذل الجهد للوصول إلى الأهداف وكسب المكافآت. ورغم ذلك فإن المادة الكيميائية تخدم العديد من الوظائف في الدماغ أيضاً.
وبشكل عام، يعمل الدوبامين كنوع من "لوحة التبديل" التي تضبط كيفية تعامل مناطق الدماغ المختلفة مع المعلومات الواردة، بحسب عالم النفس. وتساعد المادة الكيميائية في توجيه انتباهنا وتخصيص مستويات الطاقة لدينا وتحريك أجسامنا حرفياً نحو الأهداف.
وأشار مايكل تريدواي أنه ليس من الممكن "الصوم" تماماً عن الدوبامين بإجراء تغييرات على نمط الحياة، وذلك لأن تقليل إفراز الهرمون في حد ذاته قد يكون إشارة على أعراض صحية مميتة، لكن الأمر يكون عبر "تحقيق توازن معين في السلوكيات اليومية المحفّزة للهرمون".
كيف يتم صوم الدوبامين إذن؟
وفقاً لموقع BBC، يعتمد صيام الدوبامين على الامتناع عن القيام بكافة أشكال المتعة الحسية والمعنوية خلال اليوم لاستعادة مستوى إفراز الدوبامين الطبيعي في الدماغ.
ويقوم الصائم عن الدوبامين بالامتناع عن استخدام الإنترنت والهاتف والتلفاز والموسيقى وغيرها، والاكتفاء بروتين هادئ من القراءة والذهاب للتنزه والتأمُّل والتفكير والاسترخاء والكتابة.
وقد بدأت صيحة هذا النوع من الصوم بسبب إفراط إنسان العصر الحديث في استهلاك وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام والمشتتات.
وأصبح الحصول باستمرار على "جرعات" الدوبامين مثل: علامات الإعجاب، أو أصوات تسلم الرسائل النصية والتعليقات وغيرها، بصورة يومية، وعلى مدار الساعة، لسنوات متواصلة من التكرار، كل ذلك جعل كثيرين لا يشعرون بالرضا بسهولة، وباتوا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية والاكتئاب.
ووفقاً لمقال نشره عالم النفس الأمريكي كاميرون سيباه، على موقع Linkedin، أوضح فيه للمرة الأولى كيفية القيام بصوم الدوبامين العام 2019، بعدما أشرف على علاج العديد من العاملين في وادي "السيليكون"، فإن "التنبيه المفرط يجعلنا أقل حساسية للدوبامين، وبالتالي يجب التدخل مثلما يجب التدخل إذا كان الشخص مدمن مخدرات".
هل سيسبب التأثير المطلوب؟
بدأ صوم الدوبامين بين العاملين في وادي "السيليكون" بعدما انتشرت بينهم أعراض إدمان وسائل التواصل الاجتماعي وصعوبة التركيز وأعراض الاكتئاب الحاد، بحسب مجلة Live Science العلمية.
ويُعتقد أنه من خلال أخذ استراحة قاسية من المحفّزات، يستعيد الإنسان بعضاً من تركيزه وتوازنه وإنتاجيته، ويبدأ في الاستمتاع أثناء القيام بالأشياء المعتادة.
وأثبت خبراء البيولوجيا العصبية للإدمان وفقاً للمجلة، أن "صيام الدوبامين" مقتبس بالفعل من بعض الأساليب المعتمدة في علاج الإدمان، وقد يكون مفيداً جداً لعلاج الاكتئاب والملل المزمن إذا تم تنفيذه بشكل صحيح.
ولفت تقرير لمجلة Harvard الصحية، أنه كلما كان الحصول على شعور المكافأة أسرع وأقل إجهاداً، قلت استجابة الجسم لمشاعر المكافأة التي يحفزها الهرمون. في حين أن أنشطة المكافآت بعيدة المدى كالعمل والتعلُّم وممارسة الرياضة، التي تستدعي بذل مجهود أكبر، تصبح مهمات غير قابلة للتنفيذ عند الشخص المصاب بفرط إدمان محفّزات الدوباين السريعة.
التطبيق: خطوات تدريجية لضمان الالتزام
وفقاً لمقال عالم النفس كاميرون سيباه على Linkedin، هناك عدة طرق للتحكم في المحفزات الخارجية التي تساعد في ممارسة تلك العادة، ومنها:
إخفاء محفزات الدوبامين الفورية والامتناع عنها، مثل الهاتف والتلفاز ومشغّل الموسيقى.
الانخراط في الأنشطة الهادئة مثل القراءة والتأمُّل والمشي.
الزهد في مكونات الطعام بحيث لا يكون محفّزاً للهرمون.
ولفت سيباه إلى أنه يمكن البدء بممارسة هذا النوع من الصيام بشكل تدريجي يبدأ من ساعة واحدة يومياً، ثم زيادة مدتها كلما تمكن الإنسان في التمرُّس.
مشيراً إلى أن صوم الدوبامين هو في الواقع محاولة اقتباس تأمل بوذي قديم يُدعى "Vipassana"، ويشتهر بشكل كبير في عالم اليوغا والاسترخاء، وما يتم هو تكييفه فقط مع إنسان القرن الحادي والعشرين، الذي تتحكم التكنولوجيا في مسار حياته. حسب عربي بوست
دليلك للتخلص من عاداتك السيئة
في الوقت الذي تسيطر فيه التكنولوجيا على كافة نواحي حياتنا، ظهر مصطلح "صيام الدوبامين"، على الساحة العالمية، مؤخرا، وانتشر، أولا بين العاملين في قطاع التكنولوجيا الأميركي في "وادي السيليكون".
يعتمد "صيام الدوبامين" على الامتناع عن أي تجربة تجلب المتعة، باعتباره طريقة فعالة للتغلب على العادات الإدمانية التي يمارسها المرء يوميا -خاصة التكنولوجية منها- وتؤدي إلى الاكتئاب وفقدان للشغف والشعور بالرتابة والملل المستمر.
الدوبامين، في الأساس هو نوع من الناقلات العصبية يصنعها الجسم، لتوصيل الرسائل بين الخلايا العصبية، لهذا السبب يطلق عليه "رسول كيميائي". وهو أيضا الهرمون المسؤول عن الشعور بالرغبة والحافز على بذل الجهد للوصول إلى الأهداف وكسب المكافآت، بحسب "لايف ساينس" (Livescience).
أما مصطلح "هرمون السعادة" فهو مصدر شائع لفهم خاطئ عن طريقة عمل الدوبامين، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سبب الشعور بالسعادة، بينما في الحقيقة دور الدوبامين الأكبر في الشعور بالرغبة والحافز وليس السعادة والإشباع.
ولذلك يفرز المخ الدوبامين قبل الحصول على المكافأة وليس بعدها، بمعنى أن مخ الشخص الجائع يفرز الدوبامين عندما يرى الطعام، لتحفيزه على تناول الطعام، حتى يحصل على جائزة الشعور بالشبع.
الدوبامين وعتبات المتعة
يرتبط مقدار الدوبامين الذي يفرزه المخ بمدى سرعة الحصول على المكافأة ومقدار الجهد المطلوب للحصول عليها.
وكلما كان الحصول على المكافأة أسرع وبجهد أقل، كان إفراز الدوبامين أكبر، ويرتبط ذلك بشكل أساسي بعدد من السلوكيات التي قد تستجيب لسرعة إفراز الدوبامين كالأكل، والمقامرة، والتسوق، والجنس، ومسببات الإدمان بأنواعها، وفقا لـ"هارفارد هيلث" (Harvard health).
جميع الأفعال السابقة يحصل منها الشخص على مكافأة سريعة وبجهد قليل، فبمجرد بدء الفعل يحصل على المكافأة في شكل الطعم اللذيذ أو التسلية والمتعة.
في حين أفعال أخرى، كالعمل، والمذاكرة وحتى الأنشطة الرياضية تكون فيها المكافأة مؤجلة والجهد المبذول أكبر، حينها يفرز المخ مقدارا أقل من الدوبامين، لكنه كافٍ للقيام بالعمل.
التوازن في إفراز الدوبامين أمر ضروري وأساسي في صحة العقل والجسد، ويؤدي إفراز الكثير أو القليل منه إلى مجموعة واسعة من المشكلات الصحية والنفسية.
عند إفراز الدوبامين بكثرة وباستمرار يعتقد، وقتها، الجسد أن ما يفرز بكثرة هو المقدار الطبيعي، كما يحدث في حالات الإدمان وتعاطي المخدرات.
ومع الاستخدام المتكرر للمخدرات يرفع عتبة هذا النوع من المتعة، مما يعني أن الشخص يظل في حاجة إلى بذل المزيد من الجهد وزيادة الجرعة باستمرار للحصول على المستوى العالي نفسه من النشوة الذي كان يحصل عليه في البداية. وفي الوقت نفسه، تجعل الأفعال، التي يدمنها الشخص، الجسم أقل قدرة على إنتاج الدوبامين بشكل طبيعي، ويصبح الإحساس بالرغبة والحافز تجاه الأشياء الضرورية كالتعلم أو العمل أقل مما هو عليه. حسب الجزيرة
اضافةتعليق
التعليقات