في كل عام يحتفل العالم في 9 ديسمبر بـ اليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذى يشكل مناسبة هامة لتأكيد رفض الفساد بكافة أشكالها وصورها وعلى كافة المستويات، حتى لا تمس المجتمعات والاقتصاديات، وبالفعل تتأثر الدول النامية بتلك الجريمة بشكل خاص، ويعد عقبة في طريق تحقيق تنميتها المستدامة.
وتعود سبب الاحتفالية في 9 ديسمبر من كل عام، هو أن هذا التاريخ يتوافق مع تبني اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في عام 2003، ثم دخولها حيز النفاذ في عام 2005.
حيث اتخذت الأمم المتحدة الخطوة الأولى ضد الفساد الدولي في ديسمبر/ كانون الأول 2003 وفي 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2003، صوغت حينها اتفاقيتها لمكافحة الفساد والتوقيع عليها من قبل دول الأعضاء في العالم ،حيث قامت بتخصيص يوماً عالمياً له ليوافق بذلك في التاسع ديسمبر من كلِ عام.
يحتفل به و يسلط الضوء من خلاله على حقوق ومسؤوليات كل فرد، بما تتضمنه الدول من رؤساء، مسؤولين وموظفين، بغض النظر عن أي جهة رسمية يتبعون لها، كما يتم الاحتفال بهذا اليوم لتوعية الناس بأثر الفساد على العالم وأهمية التخلص منه.
إذ يشهد العالم كله في الآونة الأخيرة احتفالاُ بهذا اليوم تحت شعار “قل لا للفساد” خاصةً بعد ارتفاعه بنسبة لم يسبق للعالم وأن وصل إليها من قبل ، لهذا تسعى المنظمات الإنسانية والجهات الأخرى إلى منع الفساد ومكافحته بما يحقق المرونة والنزاهة على كافة مستويات المجتمع بعيداً عن أثره و تخريبه.
تعريف مفهوم الفساد
يمكن تعريف الفساد على أنّه ذاك السلوك غير السوي الصادر من قبل الشخص ذو المسؤولية العامة في وظيفته والذي يأخذ أنماطاً وأشكالاً مختلفة تتراوح بين استقبال وإرسال الأموال بقصد الرشوة أو ربما تكون عبارة عن هدايا تقدم في غير موضعها الصحيح علاوة على المعاملات المخفية وغير المرصودة من قبل الجهات الرقابية أو التلاعب بسير الانتخابات وتحويل الأموال وغسيلها أو الاحتيال على المستثمرين.
أهداف يوم مكافحة الفساد
يهدف الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد لعام 2021 إلى إلزام الجميع بـ مجابهة الفساد بجميع صوره وأشكاله، بما فيهم الدول والمسئولين الحكوميين والموظفين المدنيين وموظفي إنفاذ القانون وممثلي وسائل الإعلام والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والجمهور والشباب.
المسئول عن مكافحة الفساد
وبالرغم من أن المسئولية الكبيرة والأهم على الدول والمسئولين الحكوميين، إلا أنه يجب على كل شخص، صغيرا كان أو كبيرا، أن يكون لديه دور يضطلع به لمنع الفساد ومكافحته، مما يساعد في تحقيق النزاهة والشفافية في جميع طبقات المجتمع.
أسباب انتشار الفساد
فيما يلي قائمة بأبرز الأسباب المؤدية إلى انتشار الفساد
تسبب الطمع في وصول صاحبه إلى رغبة غير منتهية في الحصول على المال بغض النظر عن الطريقة القيم الأخلاقية.
تراجع مستويات الأخلاق عند الإنسان وغياب الوازع الشخصي؛ وذلك بسبب النقص في التعليم والتجارب التعليمية السلبية التي يتم تطبيقها في المؤسسات التعليمية.
غياب حس العمل عند الأشخاص الذين يعملون سواءاً في القطاع العام أو الخاص وتجييره للصالح الشخصي.
انخفاض الوعي.
وجود فلسفة ثقافية مشجعة على الفساد سواءٌ بالدفاع عن الفاسد أو التحفيز له عن طريق تصوير القيام بعملية فساد معينة بأنها نوع من الشجاعة والحنكة.
التحجيم لردود الأفعال المواتية لظهور أي تهمة فساد.
ومن أهم أسباب انتشار الفساد الأستبداد والجشع وانعدام الضمير وأنهيار الأخلاق، وغياب المسائلة والعقاب.
أحد الأعداء الرئيسيين للديمقراطية هو الديكتاتورية والفساد وهذا لا ينتشر إلا في الدول التي تفتقد إلى الديمقراطية، الفساد وهو منظومة هلامية صعب تفكيكها والقضاء عليها يتولى الفساد محاصرة الديمقراطية في أي دولة لحين التمكن منها، فترى الفاسدين يتمكنون من ايصال أعضاء للبرلمان بأجندة فساد، وما حدث في احدى الدول العربية التي كشفت فيها حالة فساد اعتبرت فساد القرن بمبالغ تزيد عن 3 مليار دولار أمريكي إلا أحد الشواهد التي تبين كيف لهؤلاء الفاسدين من الوصول الى مواقع المسئولية واتخاذ القرار والسيطرة على مقدرات الدول.
تصاعد حاد لأشكال الفساد في العالم:
هذا العام العاشر على التوالي ، يظل معدل الفساد العالمي دون أي تغيير يطرق عليه بالرغم من الالتزامات المتعددة للقضاء عليه ، في حين لم تحرز 131 دولة أي تقدم ملحوظ في مكافحة الفساد الفترة الماضية ، إذ تعد 27 دولة منهم تحت خط الصفر، مما يشير إلى أن هناك اضطرابات خطيرة اعتاد فعلها الناس تجعل من الفساد العامل الأكثر انتشاراً هناك بحسب الاتحاد العالمي لمكافحة الفساد.
في حين تتعرض حقوق الإنسان للاعتداءات والانتهاكات في العالم، مع ضعف الجهود في مكافحتها ، حيث العنف يسيطر على عدة دول و مناطق منه ، ما يخلق بيئة ملائمة يتفاعل فيها الفساد بأشكالٍ مختلفة ، تختلف اختلافًا كبيرًا من بلد إلى آخر.
تكشف مؤشرات ودراسات لدى الإتحاد العالمي ضد الفساد لهذا العام أن مستويات الفساد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ،تكثر نتيجة استمرار السيطرة و الهيمنة على أمور الدولة من قبل بعض المستفيدين و يعيقوا أي تقدم ملموس على مستوى المساءلة والشفافية.
في حين أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، يزداد المؤشر لديها بإزدياد النزاع المسلح والتحولات العنيفة للسلطة ، عدا عن سياسة الحكومة في حرمان الأهالي من حقوقهم وخدماتهم الأساسية ما يضطرهم لإتخاذ أساليب فاسدة لمواجهة الصعوبات المفروضة عليهم .
الآثار السلبية للفساد
تعتبر ظاهرة الفساد أزمة مالية عميقة وتتسبب في مشاكل اقتصادية وهيكلية واجتماعية للدول وعلى الأخص الدول النامية التي يزداد فيها الفساد بسبب البيئة السياسية المشجعة للفساد بغيات الديمقراطية والمحاسبة والشفافية مما يزيد على هذه الدول عبئ التنمية وبالتالي تخلفها تمام عن الركب الحضاري لذلك نجد إن الدول النامية دائما ما تتبوأ المراكز الأخيرة على سلم مدركات الفساد الذي تعده منظمة الشفافية الدولية كما يتسبب الفساد في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في الدول التي ينخر فيها الفساد لحين أن يأتي قائد سياسي يؤمن بمكافحة الفساد كما حدث مثلا في سنغافورة، أو البرازيل أوأثيوبيا حيث تمكن القائد السياسي من انتشال هذه الدول من براثن الفساد والانطلاق بها لبرامج التنمية.
كيف تتمكن الدول من الحد من الفساد ومكافحته؟
ولمواجهة الفساد في أي دولة لا بد من توافر عناصر أساسية أهما توفر الإرادة السياسية كما ذكرت سابقاً وكذلك توفر البيئة القانونية واستكمال القوانين المتعلقة بالمسائلة والشفافية والنزاهة والحوكمة الرشيدة سواء في المؤسسات العامة ـو الوزارات والجهات الحكومية أو ضبط وتوفر المعايير المناسبة للقطاع الخاص وأهمها الشركات المملوكة للدولة والشركات المطروحة في البورصات. ومن أهم ما يجب الالتزام به هي اتفاقية الأمم المتحدة وعلى سبيل المثال:
- انشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد.
- وجود استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد.
- قانون لحماية الشهود والمبلغين.
- اصدار قانون حق الوصول إلى المعلومات.
- دعم منظمات المجتمع المدني وفسح المجال لها للعمل لدعم الجهود الحكومية في نشر ثقافة النزاهة والشفافية والمسائلة بدلا من التضييق عليها بشكل مستمر ومتواصل.
- العمل على نشر ثقافة النزاهة من خلال اعتماد برنامج اكاديمي ضمن برامج الجامعة والجامعات الخاصة كمقرر اختياري، بالإضافة الى تمكين المجتمع المدني للقيام بدوره التثقيفي، والدورات والبرامج التثقيفية في هذا الشأن بشكل عام.
- توفير الدعم إلى وسائط الإعلام وعلى الأخص الصحافة الاستقصائية.
التعاون الدولي لمكافحة الفساد
التعاون الدولي لمكافحة الفساد تهدف الحملة إلى تبادل الممارسات الجيدة والأمثلة في مجال منع مكافحة الفساد، من خلال تعزيز التعاون الدولي. وأهم بند في هذا المجال الذي يتطلب هذا التعاون هو استرداد الأصول المسروقة وإعادتها للدول التي سرقت منه، وهذا بصرحة ما تعانيه الدول النامية في هذا المجال، حيث يقوم الفاسدين من الدول النامية بتحويل الأموال المسروقة الى بنوك الدول الغنية أو لشراء عقارات أوشركات فيها لذلك لابد من تعاون بين الدول لاسترداد هذه الأصول، والعمل على تطوير حلول مبتكرة للقضاء على الفساد بشكل نهائي. وهذا يتطلب دعم المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص للقييام بأدوارهم.
اضافةتعليق
التعليقات