بدأت الجلسة الاولى القاضي يقلب اوراق المجرم، متعصب رافع الحاجبين، ضرب بيده على تلك الاوراق السوداء، طلب حضور المجرم في قاعة المحكمة وامام الجميع، جاء المجرم ومعه اربعة حراس يقيدون يده بالحديد، دخل القفص وارتجل امام القاضي خجلا حانيا رأسه.
القاضي: اسمك الثلاثي.
المجرم: انا فلان.
القاضي: ما هذه الجرائم البشعة؟؟
المجرم.. لا يتفوّه بكلمة واحدة.
القاضي صارخا: تكلم، انت من فعل كل هذا، وهنالك شهود عليك.
المجرم: لا لا سيدي لست، أقسم لك، اني بريئ.
وقف القاضي وطلب ادخال الشهود .
نادى الشاهد الاول، أقسم بالله على ان فلان هو من فعل ذلك، قسم الشاهد وخرج، الشاهد الثاني كذلك، الثالث، والرابع.. ضرب القاضي بمطرقته الخشبية على تلك الطاولة المستديرة، قائلا: رفعت الجلسة لحين اخذ القرار و توقيع القاضي الاعلى.
في تاريخ غير معلن عنه تمت الجلسة الثانية والاخيرة، مقابلة المجرم، مع القاضي الاعلى، دخل المجرم وهو يرتدي ثياب بيضاء ومعه صفائح من الكتب، القاضي الاعلى طلب من المجرم ان يقرأ تلك الصفائح التي يحملها في يده اليسرى .
فتح المجرم تلك الاوراق ليرى اعماله السوداء، وبدأ يقرأ، وَ تَمضِي الأيَّامُ، وَ تتَوالَى الساعَاتُ، وَ الدَقائِقُ، والثَوانِي، وَ يَزْدَاد ذنبي بِجسدٍ جريء وَ رُوحٍ عاصية، تتَحمَّلُ الذنب وتقبل الخطيئة! بِعُمق وادي العصيان! صَرخاتٌ تتَعالَى كفى، وَ تناثرت بقايا الذنوب على ضفاف العمر، لا عقل يدبر، ولا جسد ينصح.
القاضي: أكمل ماذا فعلت؟
سيدي: انا الذي قتلت، الذي سرقت، انا الذي نافقت، انا الذي كفرت، انا الذي عصيت .
جاء النداء من الاعلى اهتز المكان، وخرّ الجبل صعقا، وفاضت الانهار، وتشققت الارض، بكيت من كثرة ذنوبي، وقلة حسناتي، فانحدرت دمعة من عيني، أشعلت قلبي ناراً، اللهم برحمتك فارحمني، وبمحمد فنجني وبعلي فأخرجني من نارك الى جنتك ..
رعد وبرق، ثمة صوت قادم من السماء يردد في المحكمة، بسم السلام و انا السلام و رب السلام، ادخل دار السلام عند محمد واله الكرام .
اضافةتعليق
التعليقات