منذ ذلك اليوم الذي تعلمنا به أن الواحد زائد الواحد يساوي إثنين و نحن نراهم يتفننون بإلتهام تفاصيل الحزن لحد التخمة و دون تقيؤ!.
هذه الثقافة الضيقة تحجب كل خيوط الأمل المتاحة في الحياة و تُودع صاحبها في آخر قوائم الدنيا ليكون شخصا منعزلا قد كبّرته الهموم سنينا فوق سنينه..
في السابق كانت الأسباب تعود إلى الجهل وعدم التوعية في هذا المجال، ولكن المؤسف هو أن تبقى تلك الأساليب في التعبير عن الحزن متداولة برغم هذا التطور الكوني!
فما الضير ان تتزوج الأرملة بعد رحيل زوجها إن تقدّم لها الكفؤ.. هل حَكم عليها ربها في القرآن بأن تقتل نفسها حزنا بعد رحيل زوجها؟!
قطعا لا و لكن العادات البائسة من تريدها منكسرة لنهاية حياتها كَونها أرملة و لديها أطفال و هذا مجرد مثال بسيط من جملة الأمثلة اللامتناهية!!
الأحزان تبحث مأوى
نعم فنوائب الحياة موجودة لا محالة و دواهيها تدور على البشر كما الفرح و السرور و حتما كان هذا الأمر بحكمة من البارئ الذي أضحكنا و ابكانا لأسباب، فربما يكون ذلك الحزن تأديبا للذات البشرية و سبيلا لنضجها و وعيها، و ربما يكون عقابا و درسا للأخطاء التي لا نتّعظ منها، و ربما يكون ضيفا قد يزورنا كل يوم لأنه إعتاد على حسن ضيافتنا !!
فهناك من يرّحب بالأحزان بكل جوارحه و يهيئ لها مكانا جيدا برغم ضيق الأمكنة بحياته ..
و هذا من أحد أسباب تراجع حياة البشر، فحين يسيطر الحزن على العقل و على الذات فبدوره ايضا يتحكم بأفعالنا.. و في النهاية ستكون أفعالنا مطابقة للصورة الذهنية البائسة التي تشكلت بفضل دوامات الأحزان ما ينتج؛ الخوف، التردد، العزلة، الإكتئاب وعدم الثقة بالخلق والحياة وبالتالي حياة بائسة بجدارة!.
حفلة شاي
ماذا يجب أن تفعل حين تحاصرك جنود الحزن التي تجتاحك بفضل نوائب الدهر و مشاكله؟!
هل قالوا لك.. ابكِ او أصرخ بملئ صوتك لتزول الهموم عن صدرك تاركة بك آثارها المدّمرة!؟
حسنا.. جرب و لو مرة واحدة بأن تستهزأ بها!.
تجرأ و أصنع حفلا لكل الاحزان المتناثرة في زوايا حياتك.. حفل ينتهي بمجرد ساعة عابرة، ثم إرسم ملامحها جيدا لتتعرف عليها لآخر مرة، علّق لها الزينة، هيئ لها ما لذ و طاب ..
و أدعُها للبكاء للنشيج للصراخ و دعها تبكي حتى تضحك على نفسها من شدة البكاء، فترى فتات أساها يتهاوى ببساطة و كأنه شيء لم يكن ..
الأحزان تحب التشبث، إضحك عليها لكي تخجل و تنكمش و تتساقط ثم تذوب و تضمحل، ثم تذكر أن الحياة تستمر بالأمل و تذبل بتنمية الألم يا أيها الانسان .
اضافةتعليق
التعليقات