لاوجود لأجواء العيد، غياب طقوس العيد، أو الطقوس تبدلت بين الماضي والحاضر، تغيرت معالم العيد ولا يوجد معنى للعيد.. هذه العبارات التي باتت تتداول بين الناس مؤخرا استنفارا منهم بسبب غياب الأجواء الروحية للعيد، ومن شدة تردد هذه العبارات أصبحت معالم العيد فعلا مغيبة عن مجمتعنا.
فالعيد في الماضي يختلف كثيرا عن العيد في الحاضر فعندما يتحدث أجدادنا عن طقوس العيد وكيف كانت جميلة وكذلك آباءنا وحتى نحن عندما كنا صغارا كنا نعيش أجواء أجمل من الآن.
حتى الطقوس الروحانية الجميلة التي توجد في العيد باتت تغيب ونقضي أيام العيد كأي يوم طبيعي يمر لا بل الأتعس من هذا يكون يوما مملا وروتينه مزعجا وكل شيء نفعله بتململ.
ذهبت فرحة العيد التي كان ينتظرها الصغار والكبار ولا يوجد لطقوسه أثر، كان الجميع من صغير وكبير ينتظر العيد بشغف وسط فرحة تملأ القلوب أما الأيام التي تسبقه فلها تحضيرات وترتيبات خاصة تتضمن تزيين البيت والتنظيف الشامل وعمل الأكلات والمعجنات (الكليجة العراقية) التي لها نكهة خاصة خلال الأعياد وشراء الملابس وغيرها.. ولا نغفل على أهم طقس من طقوس العيد وهو تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب..
وفي وقتنا الحاضر ونتيجة للتطور المفروض تكون هذه الأمور متوفرة وبنكهة أجمل ولكن مع الأسف تتوفر هذه الطقوس لكن بدون طعم ولذة فالكل يشتري ملابس كتحصيل حاصل حتى لا تنكسر نفسية ابنه وسط أقرانه، ولو أن بعض العوائل باتت لا تهتم بهذه الظاهرة أيضا إما بسبب الوضع الاقتصادي والمادي أو لسبب الوجهة التي يريدون الذهاب اليها، وتناسوا أهمية هذه الفقرة في العيد ولما لها أثر على نفسية الطفل وترسيخ حب العيد لديهم وانتظار أيام العيد لارتداء ملابسهم الجديدة.
وبعض العوائل تصنع الحلوى والمعجنات أو تكتفي بشرائها من المتجر لتبقى طيلة أيام العيد مركونة في الصحون، فغابت الزيارات بين الأهل والأقارب وغابت النفس الجميلة وروح الألفة والمحبة، واكتفوا بارسال رسائل الكترونية وأحيانا غير مكتوبة إنما صورة بتصميم معين مكتوب عليها كل عام وأنتم بخير، وهكذا انتهى العيد.
وإرسال صور الملابس على مواقع التواصل الاجتماعي وأغلب الناس تلوم الزمان والوقت والظروف ولا يلومون أنفسهم، الناس تبدلت نفوسها والتطور التكنولوجي طرق أبواب بيوتها ودخل وتربع حتى أخذ منهم ما أخذ من لذة الحياة فصار كل شيء سهلا وينتهي بنقرة زر واحدة.
إن بساطة الحياة قد اختفت فالكل ضد الكل والأخ لا يطيق الأخ ودقات القلب تتسارع مع دقات الساعة لانتهاء الزيارة الممتلئة بالمجاملات المحشوة بالعبارات الرنانة، يؤسفني أن أتحدث هكذا ولكن هذا هو الواقع.
ربما السبب في ذلك هو الوضع السياسي والاقتصادي المتردي الذي يمر به الوطن وبالتالي أثر سلبا على نفسية الناس وطريقة تفكيرهم.
بالإضافة إلى كثرة الحروب التي جعلت في كل بيت شهيد أو مصاب متأثر من الحروب هذه أيضا أثرت في نفوس الناس وفي طريقة استقبالهم للعيد فكيف يستقبلون العيد والحزن يملأ قلوبهم والدموع مطبوعة بعينهم.
ولكن هذه الأسباب ليست كافية في جعل أجواء العيد باردة وليس بها أي حرارة أو معنى فالعيد هو عيد الله وأمرنا سبحانه وتعالى أن نفرح به ونعيش أجواءه ولحظاته الجميلة بروح المحبة والألفة ونفتح صفحة جديدة مع خصومنا ونفصح عمن ظلمنا.
كل هذا يجب أن يكون في عيد الله ولكن الذي يجري الآن من عدم وجود أجواء للعيد وغياب طقوسه الروحية بسبب ضعف الإيمان والابتعاد عن ذكر الله ما جعل القلوب تملأها القسوة والغشاوة على العيون.
مهما تمر بنا من ظروف أو تعب يجب أن نعطي كل ذي حق حقه بمعنى أن لكل شيء له طقوسه وأجواءه التي يأمرنا الله بتنفيذها، فهل تستطيعون أن يأتي رمضان ولا تصومون بسبب أن النفسية تعبة، وهل تستطيعون عدم الحزن على أبا عبد الله الحسين في عاشوراء، أيضا للعيد طقوسه التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها، لذا اجعلوا من العيد فرحة وعلموا أولادكم على حب العيد وانتظاره من عام إلى عام لكي يكون صفحة مليئة بالحب والألفة واللحظات الجميلة.
اضافةتعليق
التعليقات