الشباب هم اللبنة الأهم لبناء الأمم والشعوب، فالمجتمع الذي يمتلك هذا العنصر الثمين؛ يمتلك القوة والحيوية والتقدّم على سائر الأمم، حيث إنه بإمكانهم استلام مناصب، وشغل مواقع مهمةً في المجتمع، وقيادة الأمم للنجاح والتطور، وما نراه اليوم من التيه المرسوم على وجوه شبابنا والضياع بين نقطتين قد يوجد خط انتقال بينهما فمن الدراسة والتكور حولها الى الوظيفة والتمسك بها وعدم تحرير جزء من فكرهم عنها، هذا الفراغ النفسي لشبابنا يجعلهم مهددين من انفسهم اولا ومن المجتمع ثانيا، ولأهمية هذا الموضوع ارتأت بشرى حياة ان تناقش ذلك مع الكاتبة بنين قاسم فكانت بداية طيبة افتتحناها بمعرفة بسيطة عن حضرتها، فقالتْ: اسمي بنين قاسم من العراق/ محافظة كربلاء المقدسة، ادرس كلية الادارة والاقتصاد قسم الاحصاء بمرحلته الاخيرة، واعمل كاتبة صحفية وناشطة إعلامية وناشطة مدنية وكذلك مدربة تنمية بشرية بشهادة معتمدة على مركز العراق الحبيب.
ثم سألناها عن رأيها.. ماذا اضاع الشباب بين خطي الدراسة والوظيفة؟
-لتجيب لنا، حقيقة موضوع مهم جدا، ذلك لان غالبية شباب اليوم انقسموا الى محورين الاول، اكمال الدراسة وبذل كل طاقتهم فيها متغاضين عن العمل بحجة الدراسة وان تكلمنا بموضوعية اكثر قلة فرص العمل جعلتهم يتكورون حول دراستهم باعتقاد منهم ان اصحاب الشهادات العليا لم يجدوا فرصة للعمل كيف سيحظون هم بفرصة العمر ليعملوا ويدرسوا سوية.
اما المحور الثاني من الشباب العامل صب كل اهتمامه في بناء المستقبل كلا حسب اختصاصه مما جعلهم لم يجدوا وقتا كافيا للامور التي تغذي العقل والروح كالقراءة والانشطة الاجتماعية التي تبعث الراحة في النفس قبل الفائدة منها وهذا كله يعود الى التخوف تجاه الحاضر والمستقبل.
-هل هذا التكور حول خط الدراسة او خط العمل بدون الخروج من هذه الدائرة سبب في قلة ثقافة واطلاع الشباب ام هناك اسباب اخرى برأيكم؟
-هنالك اسباب اخرى بيئية واجتماعية وحتى نفسية لكن هذا التكور هو أهم الاسباب المهمة في قلة الثقافة فالانشغال بالذات والابتعاد عن حذاريف الحياة يولد عدم التفهم الكامل للحياة لأن الحياة هي خوض عدة تجارب فما بالكم بشخص تكور حول ذاته وانشغل فقط بدراسة او عمل فكيف سيدرك الثقافة وهو غاطس في بحره.
-كثيرا ما نشاهد شباب مبدعين في مجالهم سواء عملهم او دراستهم لكن ما إن خرج من هذا المجال افتقر احيانا الى ابسط مقومات المعرفة فعلى من يقع عاتق هذه الحالة؟
-بالمرتبة الاولى يقع على البيئة التي عاشها واعتاد عليها، وبالمرتبة الثانية عليه لانه لم يفكر في الاطلاع على مختلف العلوم مما جعله يبدع في مجاله ويتعرض للفشل في مجالات اخرى بسبب عدم اطلاعه الكافي على جوانب الحياة..
وهو بهذا يعرض نفسه للهزيمة بالمستقبل لان ثقافته محصورة فقط في دائرة واحدة.
- عندما نعود الى الاجيال التي تسبقنا نجد لديهم معرفة عن كثير من الامور وكما وصفوا العلم هو معرفة شيء عن كل شيء.
هل كما قلتم هو خوضهم لأغلب تجارب الحياة ام انهم كانوا اكثر اهتماما بالعلم قياسا بشبابنا اليوم؟
-الاجيال السابقة كانوا يستلهمون الحكمة بكل افعالهم، ومعرفتهم عن الامور ناتجة عن تجارب عديدة ودراسة لمعنى الحياة الحقيقي وكما نلاحظ اليوم اكثر اهتمام الشباب يتمحور حول مواقع التواصل والانشغال بالاتيكيت اما الاجيال السابقة اهتمت بالعلم ودراستة فهم كانوا يدرسون اي شي يقع نظرهم عليه واليوم نحن نفتقر الحدس نحو المجهول وانجرف الكثير نحو اللاشيء.
- كيف يمكن اخراج الشاب من هذه القوقعة وكيف يمكنه مسك زمام الوقت ليتعرف على المعرفة الموجودة خارج دائرة معرفته؟
-لمعالجة مثل هكذا مواضيع حرجة يجب اولا بث اساس الحل في العقل وفهم ان الحياة لا تعتمد على المال في الدرجة الاولى وانما هي علم ومعرفة قبل العنصر المالي فالشخص الذي يفهم مفهوم الحياة ويسعى لادارة الوقت بتكتيكات تناسب الوضع المعاش سيكون حاله افضل مما كان محصور بمحور واحد..
هنالك امر مهم وهو التخطيط اليومي والسير حسب خطة موضوعة قبل يوم تجعل الامر اكثر سلاسة للشباب بغض النظر عن الامور الطارئة التي تحدث دون سابق انذار..
-كثيرا ما يتوارد على لسان الشباب مسألة التعيينات وان الدولة يجب ان توفر لنا التعيين وبعضهم تخرّج وكل جهده يتركز في البحث عن تعيين وإن لم يجد ستكون نهايته ويغضب وينتفض ويسبب في مشاكل مع زوجته او مع عائلته فما توجيهكم لمثل هذه الحالات المتكررة؟
_موضوع التعيينات اصبح من اكثر المواضيع المملة التي لا تطاق، فيجب على الشباب عامة ان لا يتأملوا كثيرا في الحصول على تعيين يناسبهم لذا من الافضل ان يعمل الشباب بقطاع خاص حتى لو ابتدأوا من نقطة الصفر فالتعب للحصول على حياة كريمة افضل من انفاق كذا مبلغ يوميا على اوراق تخص التعين للحصول على وظيفة، وفي النهاية لا يأت شيء إليه لا ماله ولا وظيفة..
اما من ناحية ان يصب الرجل غضبه على اهل بيته هو امر مبتذل وغير محبوب وكرأي احب ان اقول للشباب ككل ان الامور التي تحدث خارج المنزل لا تسمحوا لها بالدخول الى منازلكم وحاولوا بما فيكم ان تعيشوا بقية يومكم مع العائلة دون ان تسببوا في اذيتهم لأنهم بمجرد ان يلاحظوا الحزن مرتسم على وجوهكم سيحزنون وخاصة نساءكم ولأنكم بكل تأكيد ترغبون براحة عوائلكم يتحتم عليكم ان لا تصبوا غضبكم عليهم لترتاح قلوبكم وان صعب الامر عليكم يكون من الافضل ان تشاركوها مع زوجاتكم او العائلة.
ثم اختتمنا لقاءنا معها فقالت:
كان وقت ممتع معكم، لقد تشرفت بدعوتكم الجميلة واتمنى لكم الاستمرار في العطاء، جزيل الشكر وكل الحُب لكادر بشرى حياة انا فخورة بإنتمائي لكم، وفقنا الله وإياكم لكل صلاح ودمتم بوِد، ممتنة للجميع.
اضافةتعليق
التعليقات