لم تعد المرأة في العصور الحديثة حبيسة البيت ومهتمة فقط بشؤون بيتها بل باتت تساهم مساهمة معتبرة في الوظائف والإنتاج سواء أكانت في المدينة أم في الريف، وعلى الرغم من العراقيل التي تتعرض لها المرأة العربية وما تواجهه من تمييز في سوق العمل إلا أنها حققت تقدما كبيرا في مسعاها لسد الفجوة بين الجنسين من حيث التعليم والصحة والتمثيل السياسي والمشاركة في قوة العمل.
في عالمنا العربي امرأة واحدة من بين كل 4 نساء تنضم إلى القوى العاملة، وإن كانت ما تزال تعاني من معدلات بطالة مرتفعة حيث تصل إلى أكثر من 60% في السعودية وليبيا والعراق، وذلك وفق التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن مساهمة المرأة العربية في سوق العمل تصل إلى نسبة 23% وإن كانت هذه النسبة ما تزال متدنية قياسا بنظيرتها في شرق آسيا والتي تصل إلى 65%.
الارتفاع الكبير في نسبة التعليم بين النساء العرب لم يؤدي الى ارتفاع نسبة العاملات في كل الدول العربية بينما تنخرط 45% من النساء العرب في التعليم ما بعد الثانوي، 25% منهن فقط يعملن يتناقض ذلك مع المعدلات العالمية حيث 44% من النساء يعملن و37%من النساء تحظى بالتعليم ما بعد الثانوي طبعا تختلف الأرقام بين دولة عربية وأخرى حيث تحظى قطر بنسب مذهلة حيث 36% من النساء يعملن و44% ينخرطن في التعليم ما بعد الثانوي في المقابل الأرقام في الأردن والسعودية عكس ذلك إذ 13% و 21% من النساء يعملن بينما نسبة انخراط المرأة في التعليم ما بعد الثانوي يبلغ 47% و62%على التوالي أمّا الدول الأخرى التي تشهد هذا الفارق الهائل بين معدلات التعليم ما بعد الثانوي والمشاركة في سوق العمل، فتشمل الجزائر وتونس ولبنان وفلسطين.
المرأة العربية المتعلمة تحاول أن تبحث عن عمل أكثر من المرأة غير المتعلمة مما يؤدي إلى تنافس كبير على الوظائف التي تتطلّب كفاءات عالية والتي هي محدودة العدد وبالتالي يواجه الكثير منهن البطالة نسبة البطالة عند النساء العرب الحاصلات على تعليم جامعي هي أعلى من تلك عند النساء اللواتي لم يحصلن على تعليم جامعي مثلاً، 30% من غير الحاصلات على التعليم ما بعد الثانوي في الأردن ومصر كنّ عاطلات عن العمل في العامين 2011 و2012، بينما نسبة البطالة بين النساء الأكثر تعليماً في هذين البلدين فاقت 60% و40% على التوالي.
أجور ضعيفة وأشغال غير مربحة
تشير الدراسة التي قام بها منظمة العمل الدولية ونشرت بهذه المناسبة حول المرأة العاملة الى "أن الفوارق التي لا زالت تعاني منها المرأة العاملة، سواء بالنسبة للمسؤوليات التي تتولاها أو التكوين الذي تحصل عليه أو الأجور التي تتقاضاها أو التأمين الذي تحصل عليه ضد البطالة، تشجع على تزايد ظاهرة العاملات الفقيرات".
ويكفي أن نشير الى أن 60% من مجموع عمال وعاملات العالم الذين يتقاضون اقل من دولارين في اليوم، والبالغ عددهم 1،37 مليار عامل وعاملة، هن من النساء يضاف الى ذلك أن النساء هن اللواتي يعانين اكثر من الذكور من مشكلة البطالة، بحيث تبلغ النسبة عالميا 6،6%، بينما لا تتعدى لدى الذكور 6،1%، وهو ما يشكل حوالي 81،8 مليون عاطلة عن العمل من بين مجموع 195 مليون عاطل في العالم.
كما أن دراسة منظمة العمل الدولية تشير الى أن النساء يزج بهن في الأشغال غير المربحة او ذات الدخل الضعيف، مثل الزراعة والخدمات، بحيث نجد 40،4% منهن في القطاع الأول و42،4% في القطاع الثاني وتزداد هذه الفوارق عمقا عندما يتعلق الأمر بالمرأة العاملة الشابة وبمجال التكوين، وهذا ينطبق أيضا على الدول المتقدمة، وهو ما دفع المدير العام لمنظمة العمل الدولية خوان صومافيا الى التصريح بأنه "على الرغم من تحقيق بعض التقدم، فإن العدد الكبير من النساء بقين محاصرات في مواطن شغل ذات دخل ضعيف، وفي الكثير من الحالات في قطاع الاقتصاد غير الرسمي بدون اية حماية قانونية وبدون حماية اجتماعية وفي هشاشة كبيرة".
رقم قياسي في تأخر العالم العربي
إذا كان عدد النساء العاملات قد سجل، بحكم الزيادة السكانية العالمية، ارتفاعا ملموسا، حيث قفز من مليار عاملة في 1996 إلى 1،2 مليون عاملة في 2006، فإن حظوظ حصول سيدة في سن العمل، أي 15 سنة فما فوق، تقل بكثير عن حظوظ الذكور، بحيث لا تتعدى لدى النساء 1 من 2 بينما تصل النسبة إلى 7 من 10 لدى الذكور.
ولكن واقع العالم العربي بقسميه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حطم الرقم القياسي في نسبة الفوارق بين الرجال والنساء في ميدان الشغل، بحيث لا تحصل سوى 2 من 10 على موطن شغل، بينما تبلغ النسبة عند الذكور 7 من 10.
فقد احتل العالم العربي المرتبة الأولى في ترتيب نسبة بطالة النساء بأكثر من 17% بعيدا أمام أمريكا اللاتينية التي سجلت 10% وإفريقيا وراء الصحراء بأقل من 10%. كما سجل العالم العربي رقما قياسيا في نسبة بطالة الشابات، بحيث فاقت النسبة 33% بعيدا أمام أمريكا اللاتينية في حدود 21% وشرق أوروبا حوالي 19% وإفريقيا جنوب الصحراء في حدود 18%.
اضافةتعليق
التعليقات