كان لسنة 2003 وليومنا هذا أمور كثيرة طرأت على المجتمع العراقي لم تكن موجودة، البعض يراها سلبية والآخر يراها ايجابية ووليدة الحاجة التي أصبحت ملحة، ومن أهم هذه الظواهر التي ولدت نتيجة الظروف التي يمر بها البلد من فقدان الأمان ودخول المندسين الذين يكون هدفهم أستهداف أرواح الأبرياء، حيث شهدت الساحة العراقية تجنيد الكثير من النساء لتكون قنبلة بشرية تستهدف الأبرياء من النساء والأطفال وهنا تأتي اهمية وجود المرأة كعنصر أمني يتكفل بتفتيش النساء في الأماكن المكتظة كالاسواق والأماكن القريبة من المزارات المقدسة، فباتت الحاجة الى عنصر نسوي متدرب لتفتيش النساء وكان لزاما تكوين قوة نسوية متدربة ذات كفاءات تسد هذة الثغرة التي حاولت منها العناصر الارهابية قتل أعداد لا يستهان بها من الشعب العراقي أغلبها من الأطفال والنساء، فكانت لهذة الظاهرة إيجابيات وسلبيات وبالإضافة الى إنقسام في رأي المجتمع العراقي بين رافض لفكرة إنضمام المرأة لهكذا وظيفة وبين مؤيد لها فكان لموقع (بشرى الحياة) الأستطلاع الاتي بصدد الموضوع:
قوة نسوية
وابتدانأ حوارانا مع الشرطية (و.س)، العمر 30 سنة قائلة: انضممت الى هذة الوظيفة عام 2005 وقد كنت مترددة في بادئ الامر خوفا من نظرة المجتمع لكونها وظيفة مستجدة او كانت قاصرة على اعداد محدودة من النساء ولكن حاجتي المادية دفعتني وعدم قدرتي على التعين بوظيفة اخرى لأنني لم أكمل دراستي، فكانت فرصة بالنسبة لتحسين وضعي المادي لكنني واجهت رفض من المحيطين بي والتحقتُ بهذة الوظيفة لكونها الأمل الوحيد لي في أن أعيش معتمدة على نفسي دون الحاجة لمعونة الاخرين علما أني ام لثلاثة أطفال وزوجي صاحب اعاقة جسدية.
وأضافت: استطعت من خلال وظيفتي تحسين حالتي المعيشية وتلبية احتياجات أطفالي وشراء الدواء لزوجي وان كان سعره باهظا ولم اندم على اختيار هذة الوظيفة بالعكس احسستُ بأنني قد وفقتُ الى الاختيار الصحيح.
تقول غيداء أحمد البالغة من العمر (35) عاما: والدي هو الذي دفعني وشجعني الى الانضمام في هذة المهنة ولم يجد حرجا ان اكون شرطية بل كان حريصا على تعليمي ما لهذه الوظيفة من أهمية كبيرة في الحفاظ على أرواح الأبرياء ومساهمة مني في دفع الخطر عن أبناء مدينتي ممن يستهدفون الاطفال والنساء في الاماكن المزدحمة وبأن المرأة يجب ان يكون لها دورا ايجابيا وان تساهم مساهمة فاعلة في خدمة المجتمع الذي تنتمي إليه .
فيما اكدت مروة رياض البالغة (25) عاما قائلة: لقد واجهت الكثير من النظرات المستهجنة بكوني اعمل شرطية وبأنها مهنة لا تليق بالنساء والكثير من النساء يتحرجن من الحديث معي مما اضطرني ان أرتدي وشاحا اغطي به وجهي عند خروجي من المنزل متوجهة الى عملي ناكرة التحاقي في الشرطة النسوية .
تدريبات
وكان لشيرين رزاق البالغة من العمر (33) عاما امتنانا لوظيفتها كشرطية حيث اكدت بأنها اكتسبت الكثير من المهارات من خلال التدريبات المكثفة التي كانت تقام وبشكل دوري من قبل مختصين منها تعلم أساسيات في العمل وحمل السلاح والتصدي لمختلف انواع اشكال الارهاب المتخفي فكان هناك تعزيز الثقة بالنفس والاطمئنان النفسي بأن تكون المرأة قادرة على ان تحمي نفسها من أي خطر يهدد حياتها واسرتها والمجتمع الذي تنتمي إليه.
وشاركتنا الرأي والحديث زميلتها عبير جاسم البالغة 28 عاما مبتسمة واجابت بضحكات متقطعة قولها بأنها كانت تشعر بالرهبة والخوف الشديد بمجرد رؤية زوجي حاملا مسدسه ولم يتبادر الى ذهني ان اكون متدربة على استخدامه ورمي الاهداف بكل مهارة وانا ممتنة للجهات التي جعلتني اشعر بالثقة والقوة في الدفاع عن نفسي وبأن اكون ذات صلابة بعدما كنتُ امرأة ضعيفة لاحول ولا قوة لي وان ادافع عن ابناء مدينتي من اي خطر يهدد حياتهم وممتلكاتهم من خلال ممارسة عملي في كشف الارهاب المتخفي والحفاظ على أرواح الابرياء.
علم الاجتماع
كانت لنا هذه الوقفة مع الباحثة الاجتماعية (نور الحسناوي) مشيرة في حديثها بأن المرأة وبمختلف العصور تخوض معركة شرسة ضد القيود التي تفرضها العادات والتقاليد في المجتمع وتختلف حدتها من مجتمع الى آخر.
فبالنسبة الى مجتمعنا العراقي هناك قيود كثيرة تقيد المرأة وتجد صعوبة في التحرر منها في مختلف ميادين الحياة، واهم ما في هذه العادات بأن المرأة انسان ضعيف وذات رأي ساذج ولا يمكن لها ان تعيش معتمدة على نفسها.
بل يكون الرجل هو السند والداعم الحقيقي وهو الذي يقرر الصالح والطالح متحكما بكل شؤونها سواء الاب او الاخ او الزوج.
واضافت: وبالرغم من ان المرأة العراقية قد مرت بظروف قاسية نتيجة الحروب التي طالت بلدنا وهناك عدد هائل من النساء الأرامل واللواتي تحملّن اقصى الظروف وحافظن على أسرهن وزاولن مختلف المهن لتوفير لقمة العيش.
إلا ان نظرة المجتمع بقيت قاصرة ولم تشيد بالدور البطولي الذي قدمته المرأة العراقية فترة الثمانينات وحتى يومنا هذا.
واستدركت الحسناوي حديثها: بعد عام 2003 طرأت العديد من الظروف التي جعلت هنالك حاجة ملحة لخلق قوة نسوية تكون رادع للهجمات الإرهابية وتكوين قوة نسوية، واختلفت الآراء وتضاربت في المجتمع بين رافض لانضمام المرأة وبين موافق على مضض لكن المرأة العراقية كانت هي صاحبة القرار الفاصل.
وبالفعل انضمت اعداد لا يستهان بها من النساء من مختلف الفئات العمرية في هذا المجال وبالرغم من تعرضهن الى مضايقات ونظرة قاصرة فقد اثبتن جدارة في التصدي لزمر الإرهاب وأصبحت ظاهرة الشرطة النسوية مألوفة لدى الشارع العراقي.
اضافةتعليق
التعليقات