يأتي عام 2025 محملاً بذكريات وإنجازات ذات أهمية بالغة، إذ يصادف مرور عشر سنوات على إعلان اليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم، ومرور ثلاثين عامًا على إعلان ومنهاج عمل بكين، ويُعد هذان الحدثان معلمين بارزين في الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز المساواة بين الجنسين في بعض المجالات وتمكين المرأة.
إن تحقيق المساواة بين الجنسين في مجال العلوم يشكل ضرورة حيوية لبناء مستقبل متوازن ومستدام ورغم التقدم الذي أحرز في هذا السياق، إلا أن النساء والفتيات لم يزل يواجهن تحديات عدة نتيجة للتحيزات المتأصلة والعوائق التي تحد من مشاركتهن الكاملة في المجالات العلمية.
ولضمان تحقيق تكافؤ الفرص في هذا القطاع الحيوي، يتعين العمل على كسر الصور النمطية التقليدية وتسليط الضوء على القدوات الملهمة، فضلاً عن إتاحة البرامج الموجهة التي تسهم في دعم تقدم المرأة، كما يستدعي الأمر وضع سياسات وإجراءات إدارية تُعزز من بيئة العمل الشاملة، بما يضمن تنوعًا ومساواة حقيقية في مختلف الميادين. مقتبس من موقع الامم المتحدة
تمثل النساء أقل من 30% من الباحثين في جميع أنحاء العالم في الوقت الحاضر، حيث أشارت بيانات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في الفترة ما بين 2014 إلى 2016، إلى أن زهاء 30% من جميع الطالبات يخترن مجالات ذات صلة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)في التعليم العالي وعلى الصعيد العالمي، فإن نسبة التحاق الطالبات منخفضة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصال وتبلغ 3%، فيما تبلغ في مجالات العلوم الطبيعية والرياضيات والإحصاء 5%، بينما تصل في مجالات الهندسة والتصنيع والتشييد %8.
ولهذا عمل المجتمع الدولي على إشراك المرأة والفتاة في مجال العلوم على مدى الـ 15 سنة الماضية، ومع الأسف، لم تزل المرأة والفتاة تستبعدان من المشاركة الكاملة في ذلك المجال ولضمان أن تتمكن النساء والفتيات من المشاركة في العلوم مشاركة كاملة متكافئة مع الرجل، فلا بد من تحقيق أكبر للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والفتاة، ولذا اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 11 شباط/فبراير بوصفه يوما دوليا للمرأة والفتاة في مجال العلوم بهدف تحقيق أكبر للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والفتاة من المشاركة في العلوم مشاركة كاملة متكافئة مع الرجل.
الاستثمار في المرأة والفتاة في مجال العلوم لنمو أخضر شامل، على مدى الـ 15 سنة الأخيرة، عمل المجتمع الدولي على إشراك المرأة والفتاة في مجال العلوم، إلا أنه لم تزل المرأة والفتاة تستبعدان من المشاركة الكاملة في ذلك المجال، وفق الأمم المتحدة. ولهذا ركّزت الأمم المتحدة في عام 2019 على رسالة الاستثمار في المرأة والفتاة في مجال العلوم لنمو أخضر شامل، حيث يعد عاملا العلم والمساواة بين الجنسين من العوامل الأساسية في تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة بحلول 2030، وهي الأهداف التي اعتمدها زعماء العالم في 2015.
مع تواجد عدد قليل جداً من النساء في مناصب صنع القرار ووظائف العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ذات الراتب الأعلى، فإن الفجوة بين الجنسين لها انعكاسات عميقة على مستقبل الاقتصاد العالمي. فعلى سبيل المثال، ستحصل النساء على وظيفة واحدة فقط جديدة مقابل فقدهن لعشرين فرصة في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، في تناقض صارخ مع الرجال الذين يحصلون على وظيفة جديدة مقابل فقدهم لأربعة فرص وظيفية. ويمكن أن يؤدي تحسين سياسات التوظيف والترقيات، وكذلك التعلم المستمر ورفع مهارات النساء، إلى قطع شوط طويل نحو سد هذه الفجوة.
ودعت الأمم المتحدة الجميع لتغيير هذا السرد والانضمام للمشاركة في الاحتفال بالنساء والفتيات اللواتي يقدن الابتكار، واتخاذ جميع الإجراءات لإزالة جميع الحواجز التي تعيق مساهماتهن في مجالات العلوم والابتكار. مقتبس من موقع منظمة المجتمع العلمي العربي
حوارات أجريناها مع خمس عالمات شابات عربيات سطعن في مجال العلوم، وحققن إنجازات واختراعات علمية بارزة، وحصلن على جوائز مرموقة تقديرا لدورهن في ترقية وتطوير العلم.
من مصر.. سارة عبد القادر تعالج مشكلة زراعية عصية
تخرجت المهندسة سارة عبد القادر في الجامعة الأمريكية في الشارقة وحصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية. كما حصلت على درجة الماجستير في الهندسة البيئية في الجامعة الأمريكية في القاهرة، شاركت في عدد من الأبحاث المتعلقة بالمياه ومعالجتها وإدارتها وقد فازت بجائزة برنامج "لوريال-يونسكو للمرأة في العلوم 2021 للمواهب الشابة".
وتشير إلى أن فكرة بحثها تقوم على تصنيع أو تصميم وحدة معالجة مكونة من مواد قليلة التكلفة ومن المخلفات الزراعية الصلبة. يمكن وضع هذه الوحدة في المصرف بحيث يتمكن العامل أو المزارع من أخذ المياه منها مباشرة بعد معالجتها.
وقدمت المهندسة سارة نصيحة للفتيات اللواتي يرغبن في دراسة الهندسة:
"أقول لهن إن هذا المجال يحتاج إلى الشغف، والحب، والاتقان، والالتزام والبنات لديهن هذه الصفات، تبلغ نسبة الفتيات اللواتي يتخرجن من كليات العلوم والهندسة في مصر حوالي 48 في المائة. معروف دائما أن البنات أكثر التزاما بالجامعات والدراسة. لدى البنات الكثير من الطاقة، ولكن هذه الطاقة إما أنها مهدرة بسبب بعض القيود المجتمعية، أو القيود التي تفرضها الفتيات على أنفسهن، ويتعقدن أنهن غير قادرات، طبعا يعود هذا إلى موروث ثقافي أو تربوي. نصيحتي لأي بنت هي عدم الاستسلام للقيود الداخلية، كأن تعتقد إحداهن بأن مجال الهندسة صعب، وأن الرياضيات معقدة وتسبب (وجع دماغ)".
من العراق.. سما حسان علي تبتكر حلولا لمعالجة التلوث النفطي
هل يمكن معالجة التلوّث النفطي بطرق صديقة للبيئة ومنخفضة التكلفة؟ ما من شيء يستحيل على العقول الحالمة الشابة. فقد ركّز بحث أجرته الشابة العراقية سما حسّان علي رحمة الله، طالبة الدكتوراه في جامعة المستنصرية في العراق على الوسائل الممكنة للتخلص من التلوث البيئي. وتأمل سما في أن يتم تطبيقه في بلدها العراق وخارجه.
ويركّز بحث سما على معالجة المحتوى العالي من المعادن الثقيلة المتراكمة في النباتات والتربة بواسطة مخلفات النفط الخام التي تسبب أضرارا بيئية كبيرة وتهدد صحة المجتمع حوله بواسطة استخدام طرق بيولوجية (من مخلفات الطبيعة) صديقة للبيئة ومنخفضة التكاليف ورسالة مهمة للشابات:
"يجب تشجيع الفتيات على الدخول في المجال العلمي لأن المرأة هي نصف المجتمع، وبالتالي هي نصف إمكانياته. فعند دخول المرأة إلى المجال العلمي، يؤدي ذلك إلى إطلاق إمكانيات المجتمع الكاملة، وتحقيق أحد أهداف التنمية المستدامة".
من الإمارات.. حليمة النقبي وتكنولوجيا زرع الأعضاء
العالمة الإماراتية الشابة حليمة النقبي كانت من بين من تم اختيارهن للفوز بجائزة فخرية من برنامج لوريال-اليونسكو عند تكريمه أعمال 14 عالمة عربية، ويهدف مشروع حليمة النقبي البحثي إلى حل التحديات المرتبطة بالتكنولوجيا الحالية لمطابقة الأنسجة بين المتبرعين ومرضى الزرع من أجل تقليل الآثار الجانبية لزرع الأعضاء، وتحسين الجودة من خلال دراسة الجينات التي تتحكم في استجابة الجهاز المناعي في سكان دولة الإمارات العربية المتحدة، وتقول النقبي "الطريق لأي أمر عظيم يحتاج منك المثابرة، فرحلة العلم ليست سباقاً، بل هي ماراثون. لذلك، يجب أن تكوني دائما على اطلاع دائم بالتطورات الجديدة من خلال القراءة وحضور المؤتمرات العلمية أو الانضمام إلى مجتمعات علمية في مجال تخصصك، قد تشعرين بالإرهاق من الساعات الطويلة في المختبر والنقد المباشر من الآخرين فيما يتعلق بفرضيتك أو منهاجك العلمي أو منشوراتك. ومع ذلك، يجب أن يكون حبنا للتحدي هو دافعنا لعدم التوقف أبدا ويجب أن تكون لدينا مرونة في التعامل مع العوائق".
اضافةتعليق
التعليقات