في كل بيت هناك ابنة لها مكانتها الخاصة في المنزل، تأخذ قيمتها من مدى اهتمام الأسرة بالبنت، سابقا لم تكن مكانة للفتاة فعندما تولد لهم مولودة انثى (ظل وجهه مسودا وهو كظيم)، ولازالت هناك بعض الآثار لهذه الفكرة مستمرة حتى الآن، بالرغم من أن الثقافة القرآنية حاولت أن تغير هذه النظرة، ورسول الله (صلوات الله عليه) كان يعمل على تفنيدها بالقول والعمل، من خلال علاقته بابنته السيدة فاطمة (عليها السلام)، "فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني ومن أحبّها فقد أحبّني".
لقد تواترت هذه الشهادات وأمثالها في كتب الحديث والسيرة عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) الذي لا ينطق عن الهوى، ولا يتأثّر بنسب أو سبب، ولا تأخذه في الله لومة لائم، في مدح السيدة الزهراء وبيان أهميتها والتفاخر بها أمام الجميع في قبال خجل غيره من التطرق لبناتهم، وهذا درس في اعطاء البنت مكانتها في العائلة وفي المجتمع حيث هي من ستبني الأسرة وتربي الجيل القادم بمفاهيمها الصحيحة، لذلك ركّز أهل البيت على الأمر ومن قبلهم الباري (عز وجل) حين جعل السلالة للسيدة فاطمة (عليها السلام) وهي وأبنائها إلى اليوم يتميزون بلقب (السيد أو العلوية) ويوضحه في (صلى الله عليه وآله): "إنّما فاطمة شجنة منّي، يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها، وإنّ الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري..."
كل ذلك وعند زواجها لم يصبر عليها رسول الله (صلوات الله عليه)، فبعد أيام قلال عاد لزيارتها وبدأ يزورها دائما ويتطمن عليها دائما ويقول (صلى الله عليه وآله): "فاطمة أعزّ البريّة عليّ".
كل ذلك أراد أن يصل الأفراد إلى الاهتمام بالبنت والعمل على تربيتها تربية استثنائية لمدى سيطرتها وتأثيرها على إدارة الأسرة اليوم مع تسفيه المجتمع لدور البنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في تحديد دورها بخدمة اخوانها وإنها ملزمة ببعض المهام المنزلية حتى تصل إلى أن بعضهم يحرمها من التعليم أو خروجها لتثقيف نفسها وتعليم مفاهيم دينها، وبدأتْ تتلقف ثقافتها واهتماماتها من بعض مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تسمن ولا تغني عن جوع بالتالي أصبح همهما كثيرا من الأمور المادية والتركيز على المظهر دون الجوهر، فضلا عن اعتمادها على المتوارث من العادات والتقاليد فبدأتْ تراه سنّة لم تفكر للحظة الوقوف والتساؤل عن مدى صحة هذه العادات، وهذه المسؤولية مناطة للعائلة للتركيز على تنمية الفتاة من عدة نواحي:
الناحية الفقهية: ضرورة تنشئة الفتاة على التعاليم الدينية القويمة، وزرع جذور سليمة من ناحية الواجب والمستحب، وما يتعلق بالأمور الفقهية الخاصة بالفتيات فهذه الأمور تقيها من التيارات والموجات الحديثة.
الناحية العقائدية: وهذه ضرورة للعودة دائما إلى المسار الصحيح فمعرفة العقائد وسيرة أهل البيت (عليهم السلام) وأخذ العبرة منهم وجعلهم المثل العليا الذين يحق لها اتباعهم وطاعة ما يقولون ويفعلون.
الناحية الأخلاقية: التأكيد على زرع قيم أخلاقية مستندة إلى دعاء مكارم الأخلاق والتأكيد عليه وحث الفتاة على قراءته وفهم محتواه وتطبيقه بدروس عملية.
الناحية الاجتماعية: لعل حياة الفتاة المتنقلة من بيت الأهل إلى الزوج ومنظومتة العلاقات الواسعة التي تمر بها في حياتها تحتاج لذكاء اجتماعي للتعامل بسلاسة مع الآخرين.
الناحية النفسية: مع كل ما مر من أساسيات الحياة لعلها أهمهن أن تنشئ فتاة سليمة نفسيا متصالحة مع ذاتها، مقتنعة بكل ما تعلمته، بعيدة عن العقد النفسية التي من الممكن أن تنقلها إلى أبنائها.
وختاما أن الجهد الذي تبذله العائلة في تربية البنت يختلف جدا عن تربية الولد كونها عاطفية وتحتاج إلى اهتمام وتعبئة، ومسؤوليتها مضاعفة في تربيتها وتربيتها لأبنائها.
اضافةتعليق
التعليقات