كيف يمكن لشخص شرير أن يصبح بطلاً في أعيننا؟ وكيف يستطيع صناع الأعمال السينمائية التلاعب بالمشاهدين وجعلهم يتعاطفون مع شخصية شريرة؟
تتمثل الإجابة في قدرة صناع الأفلام على بناء شخصيات معقدة ومؤثرة، حتى وإن كانت شريرة.
من خلال خلق خلفية مأساوية للشخصية وغالبًا ما يتم تقديم الشرير على أنه ضحية للظروف، مما يثير التعاطف لدى الأطفال والشباب غالبا. وقد يكون لديه قصة مؤلمة في الماضي أو أسباب وجيهة (من وجهة نظره) لأفعاله، فعندما نشهد تطورًا في شخصية الشرير، فنراه يتغير وينمو، ويصبح من الصعب التماهي معه وقد يدل هذا في نظر البعض على قوة الشخصية.
النزاعات الداخلية في الشخصيات الشريرة التي تعاني من صراع داخلي وتواجه قرارات صعبة تثير اهتمامنا وتشجعنا على فهم دوافعها فالشخصية ذات القرارات الغريبة والمفاجئة تثير المُشاهد.
يستخدم صناع الأفلام مجموعة من التقنيات النفسية للتأثير على مشاعرنا وتوجيه تعاطفنا نحو الشخصيات، حتى وإن كانت شريرة. بعض هذه التقنيات تشمل لقطات مقربة: تركز على عيون الشخصية وتعبيرات وجهها، مما يساعدنا على فهم مشاعرها الداخلية مع موسيقى مؤثرة إذ تستخدم الموسيقى لتعزيز المشاعر التي نريد أن نشعر بها تجاه الشخصية.
مثال عن شخصية في أحد الأفلام كانت شخصية جيدة يتحول المعلم المتواضع الطيب إلى صانع مخدرات، ولكننا نشهد تحوله تدريجيًا ونفهم الصعوبات التي يواجهها، مما يثير تعاطفنا والتقبل التام لما يفعل.
إن قدرة صناع الأفلام على خلق شخصيات شريرة معقدة ومؤثرة هي دليل على قوة السينما وتأثيرها على عقولنا وعواطفنا. من خلال فهم هذه التقنيات، يمكننا أن نكون أكثر وعياً بكيفية تأثير القصص علينا وكيف يتم توجيه مشاعرنا.
لا ننكر إن مهارة صناع السينما في اللعب على أوتار عواطفنا وعقولنا عالية جدا ومؤثرة. لنأخذ مثالاً؛ والتر وايت في مسلسل Breaking Bad. رجل عادي، أستاذ كيمياء طيب، يواجه السرطان والفقر. هل من المنطقي أن نلومه لأنه يريد تأمين مستقبل عائلته؟ هنا يبدأ التعاطف، وهذا ليس صدفة!
صناع المسلسل والسينما يستخدمون نظرية (العزو السببي) ، نتساءل: هل الشرير شرير لأنه يريد ذلك أم لأن الحياة دفعته؟ لابد من طرح أكثر من سؤال حتى نفهم النقطة التي يستغلها صناع السينما.
والتر ليس مجرد تاجر ممنوعات؛ هو أب يائس. وعندما نرى دوافعه، نشعر أنه ربما لو كنا مكانه، كنا سنفعل الشيء ذاته!؟
فجأة، يصبح والتر ليس شريراً، بل ضحية قرارات صعبة ، ولماذا نستمر في حبه حتى عندما يتحول تماماً إلى شخصية شريرة!
لأن هناك دائماً مشاهد تظهر ضعفه، حبه لعائلته، أو ندمه، لتذكرنا أنه ليس شراً خالصاً..!
كيف تحول الرجل الخجول إلى أسطورة جريمة؟ هنا، المسلسل يلعب على (التقمص العاطفي)، فنشعر أننا نعيش معه هذه التحولات، حتى لو كنا نعرف أنها خاطئة!
وهكذا بذكاء شديد، يجعلنا صناع السينما نتساءل: هل والتر بطل أم شرير؟ والإجابة دائماً تكون: إنه إنسان جيد ولكن الظروف أحالته إلى عكس ذلك، حتى يجعلون الأمر طبيعي ومقبول عند المُشاهد ويتآلف مع الشر.
اضافةتعليق
التعليقات