تزامناً مع التغييرات البنيوية التي مرت بها المجتمعات في القرن الحالي والناجمة عن عملية التجدد والتحديث، فإن المنظمات والمؤسسات والهيئات الاجتماعية فقدت نسيجها التقليدي تماشياً مع متطلبات الحياة المعاصرة.
كما أن الأفراد بمثابة عناصر اجتماعية في داخل المنظمات وفي عالمنا المعاصر المتجدد مجبورون أيضاً على التكيّف مع هذه الحقيقة الاجتماعية. ومن هنا، فإن مؤسسة الأسرة تعرضت للتغيير، فمضافاً إلى تغيير دور الوالدين قياساً بالسابق، فقد بدأت المرأة تمارس الكثير من الأنشطة الاجتماعية وتؤدي دور تأمين الحاجات الاقتصادية للأسرة.
فعمل النساء وحصولهن على عائد اقتصادي مقابل عملهن خارج المنزل واحتلالهن مواقع اجتماعية جديدة غيرت بنية الأسرة التي كانت قد بقيت من دون تغيير لسنوات طويلة؛ حيث أدى ذلك بالضرورة إلى تطور جديد في المنزل؛ إلا أن الأوضاع التي تحيط اليوم بحياة النساء العاملات في أكثر بقاع العالم تبين أن المرأة مضافاً إلى قيامها بأدوار مثل التدبير المنزلي وتربية الأولاد وإعدادهم واهتمامها بالشؤون الزوجية وهي واجبات وأدوار كانت لسنوات طويلة ضمن مجال مسؤوليات المرأة، ومع دخولها سوق العمل وإضافة ذلك إلى واجباتها السابقة، فإن تعدد الأدوار Double Burden ضاعف من الضغوط الجسدية والنفسية التي تتعرض لها.
وقد أثرت هذه العملية مضافاً إلى تعدد الأدوار التي تقوم بها المرأة بشكل لا يمكن إنكاره على بنية المجتمع ونظامه القيمي، والرؤى التقليدية والموقع الاجتماعي للمرأة والرجل وبنية الأسرة والعلاقات التقليدية والأهم من ذلك كله أثرت على مصير الأطفال ومستقبلهم.
فتربية الأطفال وإعدادهم وصولاً إلى الكمال تعتبر من أهم قضايا الأسرة، بل تعتبر من قضايا البنى التحتية المهمة لتقدم ورقي أي مجتمع. وهذا الأمر يشكل أساساً لتقدم أي مجتمع في جميع مناحي الحياة.
ومن البديهي، أن هذه المسؤولية تقع على عاتق الأمهات بالدرجة الأولى في المجتمع. وهناك إجماع واتفاق بين جميع أصحاب الرأي على أن حنان الأم هو أهم أصرة تربط بين الأم والطفل، وهو يتضمن في الغالب الاهتمام بالجوانب الأخرى أيضاً.
فتأكيد الخبراء على تأثير الأم على تربية الأطفال، يعكس في الحقيقة الإيديولوجيا الكامنة وراء المعرفة العلمية؛ لأنهم يعتقدون أن سلوك الأمهات من شأنه أن يؤدي إلى نتائج كامنة مهمة بالنسبة للأطفال خلال مرحلة الطفولة إلى أن يصبحوا أحداثاً يافعين. فحنان الأم في مرحلة الطفولة غاية في الأهمية بالنسبة لسلامة الطفل النفسية؛ إذ إن هذا الحنان يجب أن ينعم به الطفل دون أي قيد أو شرط في كل الأوقات.
وقد أوجد هذا الأمر ثوابت لدراسة نفسية حول نمو الأطفال بمفهوم الأسس الأمنية اللازمة والمطلوبة لتربية الإنسان لتلبية أبسط حاجاته الأولية (أي الحاجات الفسيولوجية) وإلى حاجته للأمن والهدوء والطمأنينة والاعتداد بالنفس ومن هنا، فإن الارتباط الأولي والعلاقة العاطفية للأم مع الطفل له تأثير لا يمكن إنكاره على النمو العقلي والعاطفي والاجتماعي للطفل. ولذلك نقوم بدراسة دور الأمهات العاملات في ما يتعلق بالأسرة وخاصة بالأطفال.
اضافةتعليق
التعليقات