لو أردنا أن نأخذ مقولة ديكارت "أنا أشك.. إذن أنا أفكر.. إذن أنا موجود"، من جانب آخر غير ما هو مقصود بالشك والتفكير بالوجودية البشرية. فما هو الشك لدى البشر البسطاء صغار العقول إن صح التعبير، وبماذا يفكرون، وما حجم الحزن الذي يتلقونه ويعيشونه إزاء الشكوك والتفكير؟.
إن أصحاب العقول الراجحة شكوكهم وتفكيرهم حول مسائل عادة ما يلعب المنطق والعقلانية دور كبير بها بغض النظر إن كانت خاصة في حياتهم أو عامة إاذ كانت اجتماعية أو اقتصادية وسياسية... الخ، والسعي لايجاد الحلول وفق الوعي وسعة الأفق ليكون الأدق والأكثر شمولية لحل المشكلة.
ولكن سطحية الانسان البسيط عادة ما يكون شغله الشاغل الشك والتفكير في كلام الناس، ماذا قالوا ماذا فعلوا، فيعيش فترات من عمره ما بين نوبات من القلق أو الاكتئاب كل ذلك ينخر فى نفسه وشخصيته وثقته ويأكل طاقته.
مثلا فلانة تغيرت معاملتها معي، صديقتي لم ترد على رسائلي، هل فلان يكرهني أم مازال يحبني، لماذا فلان قام بحظري على أحد مواقع التواصل الاجتماعى، والكثير من توافه الأمور والتصرفات التي تشعر أنها حدثت معها دون ذنب اقترفته، لعدم دقتها في تفسير الأحداث.
فتشعر بالخذلان، والحزن، والاحباط والكثير من المشاعر السلبية، وتكون ردة الفعل بالغالب تحت ضغط مشاعر الغضب والحقد والبغض التي تهدم وتخنق علاقتها بأشخاص ربما هي بحاجتهم أو يربطهم الود والمحبة أو مصالح مشتركة، في هذه الحالة الندم لن يجدي.
فيما يختلف أصحاب العقول الناضجة فهم يبتعدون عن المبالغة في شكوكهم ولا يعيشون بعمق تفاصيل أشياء أو أشخاص، ويعرفون كيف يفصلون المواقف حسب أهميتها وتأثيرها كذلك هم يفسرون الموقف بحسب الأشخاص المشتركين بالموقف، وعادة ما يترفعون ويسمون بأنفسهم، وكثيرا ما يتجاهلون، والحذر والتأني هي السمة الغالبة في ردودهم.
وهم يعيشون مرتاحي البال ومتوازنين في أفكارهم وتصرفاتهم، لا تسرق الشكوك من طاقتهم ووقتهم، ولا يسمحون للظروف بتشويش أفكارهم، مهما كانت تبعات تصرفات من حولهم غبية أو حاقدة.
هم لا يعتذرون إلا إذا كانوا متأكدين من خطئهم، ولا يتنازلون عن أفكارهم وآرائهم لمجرد إرضاء آخرين، لأن هذه الأفكار والآراء كونوها بوعي ودراية وفهم واطلاع.
كما أنهم شجعان وصريحين مع أنفسهم، يواجهون المشكلة بإيجابية ويعتذرون إذا كانوا هم سببها .
هم يملكون الفطنة كي لا تتشوه الحقائق من أمامهم لتبديل ما تربوا عليه، هم يعتزلون ما يؤذيهم من قول وفعل ويمضون في تحقيق رسالتهم.
اضافةتعليق
التعليقات