لم تعد المفاهيم التي يعقلها الناس عن الأشياء كما كانت من قبل فقد أغارت البراجماتية على كل شئ وأعطته مفهومه النفسي الجديد واختزل الكمبيوتر البراجماتي القيم الأصيلة المستمدة من ديننا الحنيف إلى قيم جديدة تتوافق مع العبث البراجماتي وانتهازيته..
فالواقعية صارت تعني الاستسلام للأمر الواقع. والحق والصدق صارا يعنيان التبرير والتمرير..
والإخلاص صار يعني قصد العبودية للمال لا غيره. أما الكرم فهو قرض مؤقت مشروط بالسداد بأعلى الأرباح. والتضحية صارت تعني البذل من أجل تحقيق أقصى المنافع. أما الحب فهو جنس ولذة. والصداقة شركة نفعية قابلة للتغيير والتبديل.
والأمان هو النوم على سرير من المال بأية طريقة. والحكمة هي القدرة على تكديس الثروات واستغلالها. والنجاح هو تحقيق أكبر رصيد متراكم من الأموال، والشجاعة تهور، والثقافة جنون لا معنى له.. والإسلام هو كل ما لا يتعارض مع المصالح والمنافع. إن لم يكن هو كل ما يساعد على تحقيقها.
والحياة كلها هي مجموعة من الرغبات المادية المفرغة من العواطف والشعور والأحاسيس الإنسانية. أما الكذب فهو فن لا يتمتع به إلا الأذكياء.
والخيانة واقعية، والنفاق لباقة. والنصب والسرقـة والرشـوة والاخـتـلاس والاسـتـغـلال شطارة ومهـارة يستلزمها العصر. والجبن حلم. واحتقار الفقراء عصرية. واستغلال أزمة المتأزمين ضرورة. وهكذا اختزلت باقي القيم والمفاهيم.
هل الإسلام ضد المنفعة؟
قد يصرخ فينا معترض فيقول: ما كل هذا الضجيج المفتعل حول المنفعة؟ أليس من الطبيعي جدًا أن يحرص كل إنسان على ما ينفعه ويسعى إليـه ويدفع عـن نـفـسـه كـل مـا يـضـره؟ وأليس الإسلام ذاته يحرضنا على أن يحرص كل منا على نفسه؟ ومن الذي قال إن الإسلام ضد المنفعة؟
إن الرد على كل هذه التساؤلات يتركز في أمـر واحـد هو: نعم إن الإسلام يوجهنا إلى نفع أنفسنا ولكن بأي مفهـوم للمنفعة؟ إنها المنفعة التي يحددها لنا الإسلام، فالنافع هو ما يحدده الإسلام أنه نافع. وليس ما يحدده أي تصور أو مذهب آخر .
فالشئ النافع لإنسان في الإسلام يكون محددًا بانطلاقه من التصور الإسلامي للوجود ومن الشرائع والقواعد التي وضعها الإعلام لاستخلاف الإنسان لله في الأرض وإعلاء عـبـوديته فيها والتي تعمل على تنظيم المنافع والمصالح بين البشر..
وبهذا فليست المنفعة في الإسلام يترك تحـديدها لمذهب أو هيئة أو سلطة أو لرأي أي شخص من الأشخاص مهما كانت درجته من العلم أو الكفر، كما أنه لا يترك تحديدها لكل إنسان على حدة كما يتهيأ لهواه فيترك الحبل على غاربه للصراعات والانتهازات. فالحق في الإسلام هو الذي يحدد المنفعة والسعي إلى الحق هو غاية النفع ذاته تتحدد على أساسه باقي المنافع .
اضافةتعليق
التعليقات