تجلس سمية فاردة شعرها الذهبي على كتفيها وهي تشق وجهها النضر والصافي بإبتسامة عريضة، لطالما كان صفاء بشرتها سر أود سبب معرفته، فبادرتها بالسؤال في جمعتنا النسوية المقام ببيت صديقتنا فرح، من باب الاهتمام بالجمال.
قلت لها: (بشرتك أكثر من رائعة يا سمية عند أي مركز تجميل تقيمين جلسات النضارة؟، أسدلت الي نظرة تعجب وقالت: (عند مركز اللامبالاة)، واتبعت إجابتها بقهقهة طويلة.
كل الأنظار توجهت نحوها وكانت نظرة فرح ذات الثانية والثلاثين عمرا أشد حدة من غيرها وهي تقضم أظافيرها كعادة سيئة لم تستطع التخلص منها منذ أيام المدرسة.
ردت فرح: (هل تمزحين!، كوني جادة ولو لمرة واحدة في حياتك)، فقالت لها سمية: أنا لا أمزح، صدقيني لم أزر في حياتي مركزا تجميليا قط، حتى شعري الذهبي أختي التي تهوى التجميل تصبغه لي، فلما هذه التكاليف مادامت لي أخت تعرف كيف تغير لون شعري من الأسود إلى الذهبي وعقل يعرف كيف يحافظ على صحته؟).
دارت الرؤوس إليها في محاولة لفهم جملتها الأخيرة يا ترى ما علاقة سلامة العقل بنضارة البشرة؟ ما هذا الكلام الذي تهذي به سمية؟
أكملت سمية: (لا ترمقوني بهذه النظرات الغريبة، أنتِ يا فرح لا زلتِ في بداية عقدك الثالث ولكن الشيب أكل رأسك، وبشرتك امتلأت بالبثور وأظافرك لم يبق منها شيء من كثرت قضمك لها؟.
ألا تعلمين بأن "الهم يذيب الجسد"[1]، كما أن "الهم نصف الهرم"[2]، مثلما قال الإمام علي (عليه السلام).
فلكل فعل ردة فعل يا صديقتي، ما دمت تهلكين عقلك بالمشاكل وتعاسات الحياة وثغراتها الكثيرة سيبدي عقلك ردة فعله السلبية على صحتك وتشيخين أسرع من غيرك، فإذا فكرتي بالسعادة والأمور الإيجابية وتفائلتي بالخير دائما، انعكس ذلك عليك وإذا فكرتِ بالتعاسة كذلك انعكس عليك بصورته السلبية، إذ إن نظام جسم الإنسان هو نظام ترابطي كل جزء منه متصل بالجزء الآخر، فالصحة النفسية لها علاقة كبيرة بالصحة الجسدية ولا يمكن فصلهما عن الآخر، كلما حافظتِ على صحة روحك وعقلك كلما شاهدت الأثر الإيجابي على صحتك الجسدية والعكس كذلك.
انظروا إلى فاطمة كم وجهها منير بالرغم من إصابتها بمرض سرطان الدم، ألم تسألوا عن السبب؟ إن تغذيتها الروحية جيدة جدا وخصوصا التزامها بصلاة الليل قد بات إنعكاسه جليا على محياها. فكما قلت لكم لكل فعل ردة فعل، التزمت بصلاة الليل فترك أثرا نوريا على وجهها.
وأما بالنسبة لي يا صديقاتي العزيزات، فأنا لا أعطي مشاكلي أكبر من حجمها وأحاول أن أعيش اليوم بيومه، وأقلص كل الثغرات الموجودة في حياتي لدرجة تصعب علي رؤيتها، فأنساها شيئا فشيئا، إن الأمر يحتاج إلى ممارسة فلا أحد يستطيع أن ينسى مشاكله بضغطة زر واحدة، ولكن بإمكانه أن يتناسى، والتناسي شيئا فشيئا يتحول إلى عادة والعادة بالتدريج ستتحول إلى نسيان حقيقي.
فالتفكير السلبي كالمرض الخبيث ينهش بالجسد ويأكل خلاياه بصورة بطيئة، فلماذا أتعب صحتي بالتفكير في أشياء مصيرها بيد الله؟، وإني أعلم جيدا ومتيقنة بأن الله أدرى بمصلحتي مني ومن خلقه؟
فالجسد في كل الأحوال هو أمانة الله عندنا، فهل يجوز أن ننهكه بأمور زائلة ونسلم الأمانة إلى الله متعبة ومدمرة من الداخل والخارج؟
بالتأكيد لا، إذن داروا هذه الأمانة بشكل جيد، واعتنوا بصحة عقولكم وأرواحكم وأجسادكم.
واستعينوا بالله ولا تأكلوا هم الدنيا فهي زائلة، فكما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "اطرح عنك واردات الهموم [الأمور]، بعزائم الصبر وحسن اليقين"[3] ولا تنسوا يا صديقاتي العزيزات زيارة مركز اللامبالاة إذ إنكم ستشاهدون نتائج مذهلة على صحة بشرتكم من الجلسات الأولى.
اضافةتعليق
التعليقات