كل انسان في هذا العالم يحلم بالنجاح، ولكن دافعية الفرد قد تختلف من شخص لآخر، فهناك من لا يحتاجون إلى قوة دفع خارجية ليعملوا ويتقنوا وينجزوا وينجحوا... بل هناك قوة دفع داخلية أي ذاتية تحثهم على أن يعملوا ويعملوا ويعملوا، لا يستطيعون الحياة بدون إنجاز وبدون نجاح... وإذا حاولنا أن نتأمل معنى الدافع الذاتي أو الدافع الداخلي فسنكتشف أنه حركة وجدانية نشطة، مشاعر يقظة، وأحاسيس متنبهة تشمل كل جوارح الإنسان وتدفعه إلى الإنجاز.
شيء ما غير المنطق الذهني الذي يحث على ضرورة العمل وقيمة العمل في حياة الإنسان، المنطق الوجداني غير المنطق الذهني. المنطق الوجداني هو روح تتلبس الإنسان وتطبع شخصيته وتشكل خياله وطموحه وآماله.
روح تحرم الإنسان من أن يهدأ إلا إذا أنجز. ويظل الإنسان ينتقل من هدف إلى هدف. وأهدافه دائما أبعد من حدود أنفه. أهدافه عالية وبعيدة تستلزم جهدا، وهذا هو الفرق بين الدافع الذهني والدافع الوجداني في حالة الدافع الذهني يعمل الإنسان أما في حالة الدافع الوجداني أي الذاتي الداخلي فإن الإنسان يشقى ويتعب ويضني من أجل الوصول إلى الأهداف الصعبة وليس الأهداف السهلة ولا يهتم بالعقبات والصعوبات والمشاكل بل يذللها ويتخطاها. لا شيء يقف في طريقه من أجل الوصول إلى هدفه ليمسك السماء بيديه.
ولهذا فأهدافهم التي يضعونها هم بأنفسهم تنطوي على تحد ولكنهم يأخذون مخاطر محسوبة وهنا تدخل الحسابات الذهنية لتلتقي مع الوجدان في تناغم وتألف، فالشيء محسوب ذهنياً ولكن الانطلاقة الصاروخية الرهيبة تكون مدفوعة وجدانياً ولهذا فإن هؤلاء الناس يحققون أهدافًا أبعد مما يطلب منهم ويكون عملهم جديراً بالإعجاب لما يتمتع به من إتقان، ولا نغفل الجانب الإبداعي الذى لا يتحقق إلا من خلال وجدان نشط، ولذا فإن هؤلاء الناس يحاربون الروتين الذي يعوق العمل، بالرغم من أنهم يعشقون النظام ولكنهم يكرهون الروتين الغبي، هم فقط يقفون في صف الروتين الذكي هؤلاء الناس أصحاب الهمة العالية الذين يتمتعون بقوة ذاتية للإنجاز دائماً يرتبطون بالأهداف القومية أو على الأقل أهداف المؤسسة أو الجماعة التي يعملون معها سواء في موقع القيادة أو بين صفوف العاملين، إنهم يخرجون من حدودهم الذاتية ويتعدون دائرة مصالحهم الشخصية ويتوحدون مع الجماعة ليس التزاما فقط ولكن إيمانًا وحباً ليس بدافع التضحية ولكنهم يعتقدون أن نجاح الجماعة في تحقيق أهدافها هو نجاح شخصي لكل فرد من أفراد هذه الجماعة وأن نجاح الوطن في تحقيق أهدافه يعود بالخير على كل مواطن.
ولذا فهؤلاء الناس صالحون لأنهم لا يتسمون بالأنانية، ولك دائما أن تتوقع منهم الخير. هؤلاء الناس إذا كانوا في موقع القيادة فإنهم يعملون من منطلق تحقيق النجاح وليس الخوف من الفشل. كما أنهم يرون النكسات ناتجة عن ظروف يمكن التحكم فيها وليس عن هفوات شخصية إنهم لا يلقون تبعية الفشل على أشخاص، وإنما يراجعون الخطة ولا يتخذون مواقف عدوانية ضد أشخاص بعينهم، وإنما يعملون إيجابياً على توحيد الصفوف والعمل بروح الفريق إنهم يحاولون خلق الدافعية الذاتية للإنجاز لدى بقية أفراد الجماعة حتى تزداد قوة الجماعة، وتكون قادرة على الإنجازات العظيمة والإبداعات غير المسبوقة، وهم يكرهون المديح لأشخاصهم ويكرهون النفاق ويبعدون المنافقين عنهم، كما يكرهون الإعلان عن أنفسهم ؛ لأن سعادتهم الحقيقية في الإنجاز الحقيقي .
ولذا فإننا لا نستطيع أن نفصل الدافعية الذاتية للإنجاز عن الضمير الإيجابي والبصيرة الصائبة. ولا نستطيع أن نفصل كل هؤلاء عن ضبط النفس والوعي الوجداني الذاتي وكلها تشكل في النهاية معا النضج الوجداني وتلخيصاً، فإن النضج الوجداني - وهو إحدى الحلقات الثلاث التي تشكل فطنة الوجدان يتكون من خمسة عناصر:
أ-الوعي الوجداني الذاتي
ب- ضبط النفس
ج-الضمير الإيجابي
د-البصيرة الصائبة
هـ-الدافعية الذاتية للإنجاز
اضافةتعليق
التعليقات