خوف أبي وقلقه الدائم خصوصا حينما أمكث لساعات متأخرة خارج البيت كانت أول الأسباب التي أبعدتني عن أبي واعترض على نصائحه التي باتت كأنها طوق يقيدني لأفكر بالسكن المستقل بعيدا عن توجيهاته وما إن كبرت وأصبحت أباً حتى أحسست بما كان يعانيه في عنادي ورفضي لكلامه معي وأهم شيء حبه وخوفه عليّ، ولكن جاء هذا الشعور متأخراً جدا، جاء بعد فوات الأوان، جاء بعدما كان أبي في الجانب الآخر، جاء بعد مغادرته الحياة لأعيش أنا ألم الندم الذي لا يبرح ذكرياتي معه، في عيد الأب اقول له رحمك الله وانا أقبّل أعتاب قبره...
هذا ما سرده لنا الابن المنكوب على حد قوله رافضا ذكر اسمه وهو يتذكر في عيد الأب والده رحمه الله.
عيد الأب
يعتبر الاحتفال بعيد الأب احتفالا عالميا لتكريم الآباء والاعتراف بفضلهم ودورهم في حياة أبنائهم، ويُحتفل به بأيام مختلفة في أنحاء العالم من شهر حزيران أما في العراق يكون اليوم المختار هو يوم (21) ولكن يوم عيد الأب ليس باليوم المعروف بالمستوى المطلوب كيوم عيد الأم لذا هو يعاني من تهميش وغالبا ما ينساه الأبناء، فكان لـ(بشرى حياة) هذا الاستطلاع ليذكروا الأبناء بيوم عيد آباءهم لزيارتهم..
رد الجميل
لم أتوانى عن زيارة والدي يوما حتى بعد زواجي فقد كنت حريصة على المجيء إليهم في العطل والمناسبات، هذا ما استهلت به أم أحمد ربة بيت تعمل (خياطة) حدثتنا قائلة: أنا لا اعرف عيد الاب وعيد الام لكني اعرف ان رضى الله من رضاهما وواجب علينا رعايتهما لرد الجميل لهما فأنا احتفل كل يوم بوجودهما في حياتي لمجرد سماع صوتهما عبر الهاتف او رؤيتهما يزوراني في بيتي، وبما ان اليوم هو يوم عيد الاب فكل عام وابي بترليون خير واتمنى ان يحقق الله امنيته بحج بيته الحرام.
من جانبه قال المحامي سيف رضا واصفا الاب برحلة عطاء مع الأبناء وسائر أفراد الأسرة فالأبوين هما صمام امان العائلة ان رحل احدهما يهتز ركن البيت، الا ان الاب يكون العمود الاهم في ثبات العائلة والاهتمام بتوجههم.
مضيفا بالقول، بحكم عملي صادفت العديد من الاباء لا يستحقون ان يكون لهم ابناء وهناك العكس ولكننا اليوم نحتفي بمن يستحقون هذا الاحتفال وانا عن نفسي لطالما كنت اعارض ابي في بعض التفاصيل ولكن سرعان ما اشعر بالندم لأعود معتذرا طالبا الصفح وهو بدوره يربت على كفي ضاحكا وقائلا: (اني ابوك ما ازعل منك اني احجي المصلحتك وخايف عليك)... فكل عام وكل الاباء بألف خير.
فكرة يوم الاب
يعود الفضل في تخصيص يوم للاحتفال بعيد الأب عالميا إلى الأمريكية (سونورا لويس سمارت دود) فبعد وفاة امها منذ ان كانت صغيرة بقيت هي واخوتها الصغار في رعاية والدها حيث كان يرعاهم بحرص شديد وما ان كبرت (سونورا) أرادت أن تعترف بفضل والدها تجاهها وأخواتها الستة، فقدمت عريضة تطالب فيها بتخصيص يوم للأب، وأيدت هذه العريضة الكثير من الجهات وتوّجت جهودها بالنجاح في 19 من يونيو عام 1910 عندما احتفلت مدينة سبوكين بأول عيد أب، ثم انتشر الاحتفال بهذا اليوم بعد ذلك عالميا.
واجب أخلاقي
تقول الباحثة الاجتماعية بتول ناصر، لا يحتاج الكثير من الناس إلى يوم محدد لتكريم آبائهم، ولكن يوما معينا يساعدنا على تذكر هذا الواجب الأخلاقي إذا كان لدينا قلب ملئ بالحب والرحمة لعلاقتنا الوثيقة بهما واتجاههما، فللأب دور مهم كما هو حال الام وله تأثير في العائلة والمجتمع ووجوده في الأسرة يُعد واحدة من نعم الله الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى .
وأضافت: ومن مسؤولياتنا ليس فقط الاحتفاء بعيدة ففي ثقافتنا وحضارتنا العربية والإسلامية جميع أيامنا أعياد أب، لذا يتوجب علينا الاهتمام به من الناحية الطبية بإجراء فحوصات دورية للاطمئنان على وضعه الصحي والاهتمام بغذائه واصطحابه لزيارة الأماكن التي يحبها كالمراقد المقدسة أو الاماكن العامة للترفيه عن نفسه وتقديم كل ما يحتاجه ويرضيه فقد كان يقوم بهذا الدور حينما كنا صغارا دون ملل أو كلل وها قد جاء دورنا برد هذا الواجب كما أمرنا ديننا الإسلامي به.
ختمت حديثها: في عيد الأب أود أن أرسل تحية ود واحترام لكل أب قام بدوره اتجاه أبنائه على أكمل وجه وأخذ بأيديهم الى بر الأمان.
اضافةتعليق
التعليقات