أحيانا القلب يخبرنا ببعض الأحداث القادمة وما يجب فعله ولكن العقل ليس باستطاعته أن يتقبل الأمر، لم أنسى تلك الليلة التي طلبوا مني الالتجاء اليهم ، فقد انقطعت سبل الأرض قيل لي اتجهي إلى سبل السماء نحو سيد الماء واطلبي منه اعادتها إلى الحياة!
اتجهت نحوه هناك وقف كل شيء، الزمن، الأمل، الحياة ، عقلي، قلبي ولكن صوت دق الباب ارجعني للزمن، إلى المستشفى، الاوكسيجين، الباب المغلق، النظرات البائسة و العيون المنهمرة بالدموع ، كانت طارقة الباب تردد بصوت عال (يا بو راس الحار دكيت بابك اريد جوابك) نعم هكذا تنادي النسوة في العراق بكل ثقة و يخرجن من عنده حاملين معهم صكوك بيضاء لقضاء حوائجهن ، طرقت الباب وكلي أمل هؤلاء هم سادات الأخيار والنجباء الكرماء اللذين لا يردون سائل ، وأنا اتجه نحو ضريحه المبارك رأيت امرأة كبيرة في السن دخلت وجعلت يديها تحت عبائتها كأنها تريد أن تلتقط شيئا من السماء ربما قطرة ، حاجة أو حتى نجمة من يدري ربما إناء وجودها كبير بقدر كاف ويتسع لإستقبال نجوم السماء.
فقد تعرف كمال المعرفة أين هي وفي محضر من؟
أقسم بكل ثقة انها تثق كمال الثقة وسوف تلتقط ما تريد وتذهب، هكذا كانت رافعة كفها نحو السماء وتقسم رب العزة ببركة من قطعت كفه أن تخرج مستبشر ، في هذه الاثناء أدركت عجز عقلي عن كيفية فهمه للأمور للقدرات الخارقة أدركت عجز قلبي عن ايمانه بسادات الكون ، المصائب ليست نقمة على الدوام بل انها تحمل في طياتها نعم كبيرة ربما تكون هذه النعمة نعمة الادراك وطريقة رؤية الأمور بشكل آخر ، ربما تكون النعمة، بصيرة تفتح أمامنا آفاق غريبة تجعلنا نعيد حساباتنا.
ربما توقظنا من نوم الغفلة وتهدينا الى الصراط المستقيم بينما كنا نتحرك يمينا وشمالا دون وعي في كل نقمة نعمة مخبوءة فقط تطلب منا البحث عنها كي نعرف لماذا بين ملايين البشر قد حدثت هذه الحادثة لي فقط؟
لماذا أنا؟ بعدئذ ندرك كنه الأشياء وسبب حصولها ، ربما هذه كانت أول مرة خجلت من نفسي وايماني، أين أنا وأين هؤلاء؟ كيف وصلوا الى هذه المكانة الرفيعة في الايمان؟
كيف يمكن أن يصل الانسان الى هذا تلمستوى الرفيع من الثقة؟
بين الخجل من تقصيري وعدم ثقتي التامة كما يجب وبين القلق مما سيحصل وأن كيف أتقبل الأمر وبين: (انت للحوائج باب وانا ملتجي ببابك
طلبتك يا ابوفاضل وابد ماخاب طلابك).
شعرت وكأن يدي ثقلت تحت عباءتي التي رفعتها نحو السماء لألتقط شيئا … هذه المرة قرأت بثقة أكبر من ذي قبل :
(طبيب انت وانا المعلول وانته الي تداويني
فقير انا والك المديت يراعي الجود جفيني ).
شعرت بنور يضيء قلبي وأمل جعلني أحلق فوق السحب ، في هذه الأثناء شعرت برضا يغمر قلبي ، استسلمت بشكل غريب كأن جسدي المنهك أصبح ذرة غبار بدأ يطفو في الجو ، ولكن صوت الاتصال جعلني أردد بصوت مرتجف:
(من جفوفك المكطوعة يخو المظلوم تنطيني
عليك اقسم بحق زينب يبو فاضل ياعباس)
هذه أول مرة أكون بهذه الشجاعة …انها أفاقت من غيبوبتها رجعت الى الحياة بعدما كانت على وشك السقوط الى وادي الموتى ، صغيرتي رجعت الى الحياة ، تعلمت آداب الالتجاء وكيفية طلب المهمات، يقال الخلل سيكون في الفقير ان لم يعرف كيف يطلب حاجته، وهكذا نحن أشبه الأمر ، بأن نذهب الى أفخم مكان لبيع السيارات ونطلب منه عود كبريت وهكذا نكرر الامر مرارا ونستصغر قدره و نجهل أين نحن وماذا نريد ، قد أفاقت من غيبوبتها ..وجعلتني أطيل النظر الى الضريح وأردد شكرا جزيلا عباس ماقصرت ويانه ، ولكن هذه المرة يدي على رأسي ، لأطلب منه أن يديم علي هذه النعمة.
اضافةتعليق
التعليقات