أبو ذر من الصحابة المقربين لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وحاز بمرتبة رفيعة من القرب للرسول ولله عزل وجل فقد جمع بين أفضل الصفات التي وضعها الدين الاسلامي للحصول على فرد مؤمن، متقي.
يتمتع هذا الصحابي الجليل بمنزلة رفيعة مرموقة خاصة بين الإمامية، فيسمُّونه والثلاثة الآخرين معه (سلمان والمقداد وعمّار) الذين ثبتوا على ولائهم للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)و بعد النبي (ص) بـ(الأركان الأربعة). وتدل الروايات المأثورة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في أبي ذر على أنهم كانوا ينظرون إليه كرجلٍ زاهد كامل، وقوله وعمله أسوة للشيعة، وكانوا (عليهم السلام) يحدثون شيعتهم دائماً بسيرته ومواعظه كان فرد يمثل الاسلام حق التمثيل فمن بين أهم صفاته:
• الأمر بالمعروف: أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، حيث طبق الدستور الإسلامي الجديد وفـق مـا جـاء في القرآن الكريم، لذا كان يتلو قوله تعالى: (ولتكن منكن أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأوليك هم المفلحون)( ۱). ويعمل بها ليلاً ونهاراً، دون أن تأخذه في الله لومة لائم أو خشية الجبابرة والظالمين.
• الزاهد: من الميزات المهمة في شخصية أبي ذر الغفاري أنه كان زاهداً الله، فعـن رسـول اللہﷺ أنه قال: «من أراد أن ينظر إلى زهد عيسى بن مريم فلينظر إلى زهد أبي ذر الغفاري» ولكن زهد أبي ذر هـذا لم يكـن عزوفـاً عـن الـدنيا وإدارة ظهـر لمشاكلها وأحـداثها، وإنما كان موقفا نضالياً يرفض صاحبه الانغماس في الملذات والترف، وفي الوقت نفسه يكافح ضد الذين سلكوا هذا السبيل، فأبو ذر كان يؤمن بأن له وعليه في أموال المجتمع حقوقاً مثل ما للآخرين.
• الصادق: من الصفات المهمة في شخصية الصحابي الجليل هو الصادق، وقد وصفهُ نبينا الحب (صلى الله عليه وآله) بصفة لم يشترك معه فيها أحد من أصحابه بشهادة الرسول(صلى الله عليه وآله)، وهي (صدق اللهجة)، أي أنه أكثر الألسنة صدقاً في التعبير عن الرأي الحر، وأكثر الناس جرأة في إعـلان مـا يعتقـد حقاً، وأن لسانه كان أكثر منابر العصر تعبيراً عن الحقائق التي شهدها، أما شهادة الرسول (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر بهذه الميزة، فإنها قد جاءت في حديثه الذي يقول فيه (صلى الله عليه وآله): «ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر» ولقـد اشتهر أمـر هـذا الحـديث حتى أصبح مـن الصـفات الشائعة لأبي ذر في كتب الطبقات الخاصة بالصحابة والمحدثين: صفة (صدق اللهجة)، وهـو وصـف لم يطلـق على أحد غيره من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله). فالتأكيد على صدق لهجة الرجل، هـو اليقين بأنه أصـدق أهـل زمانه لهجة، وهذا بدوره يقطع الطريق على مـن يحـاول مـن بعـض العلماء وبعض الناس النيل منه، والتشكيك في إنصافه عندما صوروه أداة لبعض من أسلم مـن اليهـود.
العالم: إن لأبي ذر رؤيا خاصة، وعقل فريد، ونظرة شاملة ومتكاملة للكـون والحياة، فهـو يـصـف حالته الفكرية بعد أن اكتسب ما اكتسب من صحبة الرسول (صلى الله عليه وآله)، كونه ملازماً له منذ لحـق بـه في المدينة، لكن مع شديد الأسف كثير من كتب التاريخ والتراجم لم تنصف هذا العالم الكبير، لأن التاريخ المدون هو تاريخ الملوك والحكام، وبطبيعة الأمر يكـون التدوين بإشراف السلطة الحاكمة والأمراء والسلاطين وقادتهم بشكل مباشر فاهتموا بتـاريخهم وأعطـوا النـور، وبأرخص الأشياء في أمورهم وملذاتهم، وغضوا أبصارهم عن شخصيات تعد أنموذجاً للاقتداء من جميع النواحي العلمية والفقهية والاجتماعية ولم يهتموا بها، ومنها شخصية أبي ذر الغفاري رضوان الله تعالى عليه.
• الكريم: الكرم من الصفات المهمة في الإنسان العربي عامةً، التي لا يمكن تجاهلها في كثير من الشخصيات، ومنها شخصية الصحابي أبي ذر الغفاري، الذي كان كريماً لضيوفه وهـو في آخر لحظات عمره.
اضافةتعليق
التعليقات