إن التمييز الطائفي وليس الإنتماء المذهبي هو الذي يجعل المرء طائفياً. حيث أن التمييز جور وظلم، والانتماء حق مشروع.
وواضح أن الذي ينهض بمهمة التمييز ينبغي أن يكون بمركز القوة، أي أنه يمتلك امتيازات عامة قابلة للتوزيع فيتصرف في توزيعها بطريقة متحيزة.
وطبيعي أن السلطة هي أكبر الامتيازات. وأن الدولة باعتبارها مؤسسة المؤسسات، هي القوة الأساسية التي تملك القدرة والحق في صناعة القانون والمراكز، ولها حق توزيع الأراضي ومنح الامتيازات للناس.
إن التمييز الطائفي أعلى مراحل التمييز في المجتمع البشري. وهو في درجة أوطأ من التمييز العنصري رغم قسوة الأخير وبشاعته؛ ذلك أن التمييز العنصري يشترط لحصوله وجود عنصرين أو نوعين أو لونين من البشر. أبيض وأسود، آري وسامي، أوربي وأفريقي، وقد يجد دعاة العنصرية في اللون واختلاف المنشأ واختلاف مصالح العرقين سبباً للتمييز والاضطهاد، بينما يحصل التمييز الطائفي داخل النوع الواحد واللون الواحد، فهو لا يجري بين عربي وغير عربي، ولا بين مسلم وغير مسلم، ولا بين عراقي وغير عراقي.
لكن تطورا دخل إلى التمييز الطائفي لتبريره بجعل العرب الشيعة فرساً أو إيرانيين، ليتسنى إيجاد ركيزة كالتي يعتمدها التمييز العنصري. وفي هذه الحالة سنكون أمام تمييز مركب، ضد الشيعة العرب. وكان رائد هذا التطور المفكر القومي ساطع الحصري في الفترة التي عمل فيها مسئولاً عن التربية والتعليم مطلع تأسيس الحكم الملكي وحتى عام 1941 .
هذا التطور كان نقلة كبيرة لإضفاء طابع قومي على التمييز الطائفي. فالعراق يعاني ليس من مشكلة داخلية بين مذهب حاكم ومذهب محكوم، ولا بين يمين ويسار، بل بين حكم عربي وفئات إيرانية شعوبية تعرقل النمو القومي، وتطبيق برامج السلطة القومية.
وجرى تصدير هذا الانطباع إلى الإعلام العربي وإلى مسئولين عرب.
اضافةتعليق
التعليقات