في ذلك الفجر، دوى الأنين من كل بيت وتعالت الصرخات مع نشيج الآهات ارتجت لعلوها الجدران وارتخت دموع اليتامى وتناثرت كأنهن حبات لؤلؤ على وسادة الفجر القاتم الذي اعتراه الحزن بأنين الفاجعة..
إنه فجر الشهادة التي خطت بدماء زكية ما زال عبقها يلوح في الضريح العلوي ليومنا هذا..
في ذكرى ليلة استشهاد أبا الحسنين علي (عليه السلام) أجرت (بشرى حياة) هذه الجولة الاستطلاعية:
استعداد سنوي
أمير جهاد من مدينة كربلاء سكنة الإبراهيمية حدثنا قائلا: في كل عام نهيب بيوم المصاب، أو كما يسميه والدي ليلة الجرح إذ تبدأ استعداداتنا السنوية بالتجهيز للسفر إلى مدينة النجف الأشرف وذلك لمشاركتنا أبناء عمومتي مراسيم العزاء ونصب الموكب الخاص بهم وذلك لأن أبي بعد اقترانه بوالدتي لكربلائية استقر في المدينة منذ أكثر من عشرين عاما.
وأضاف: تكون مراسيم موكبنا خاصة لكوننا في الشهر الفضيل حيث نجهز وجبة إفطار للزائرين ثم نقيم مجلس عزاء خاص في السرداب بعدها نتجه إلى الحرم لإحياء مراسيم الزيارة وحضور المواكب ومشاركة المعزين، ثم نعود قبل أن يدركنا الفجر لتجهيز وجبة السحر.
ختم حديثه: تستمر طقوسنا هذه لمدة ثلاث ليالي إذ نبدأ منذ ليلة المصاب إلى يوم استشهاد الامام روحي له الفداء، عظم الله لكم ولنا الأجر بهذا المصاب الجلل.
فيما اعتادت أم وسن صاحبة موكب القسيم على تحضير وجبة افطار الصائم الخاصة المتعارف عليها والمتكونة من حبات تمر وقنينة من اللبن وايناء من حساء العدس (شوربة) حدثتنا قائلة: في كل ليلة خميس من شهر رمضان وليالي القدر وليالي الاستشهاد أباشر بتحضير هذه الوجبة الخاصة وهذه العادة كانت خاصة بزوجي (رحمه الله) حيث بدأ بمزاولتها منذ أن أتيحت له الفرصة وذلك بعد عام (2003) وحينما وافاه الأجل رأيته في منامي وهو مشمرا عن ساعديه يستعد في تجهيز موكبه الخاص وتحضير ما يلزم، وبعد سردي الحلم لأبنائي قررت إقامة طقوس الموكب من كل عام إلى آخر عمري ليرثه ابني البكر من بعدي.
وعن شعورها لما تقوم به قالت: شعورك وأنت تطفئ ظمأ صائم بشربة لبن وهو يدعو لك بالصحة في شهر الله وفي ليلة مقدسة كليلة القدر هو أثمن ما في الوجود وأسمى المشاعر التي لا يدركها المرء إلا إذا أحسها وذلك لن يكون إلا بخدمة الزائرين والتقرب إلى الله بدعواتهم وإلى ولاية أمير المؤمنين، نسأل الله أن يتقبل من هذا العمل البسيط ويجعله في ميزان حسناتنا ويكون مولانا علي (عليه السلام) شفيعا لنا يوم الدين.
وشاركنا الحاج كامل الأنصاري قائلا: أنا من سكنة مدينة الديوانية أحضر كل عام لإحياء مراسيم الزيارة واحضر مآتم العزاء ولا ننسى بالذكر إحياء ليلة القدر العظيمة في هذا المكان المقدس.
وأضاف: اعتدت أن أحضر إلى موكب القسيم لتناول وجبة الإفطار كما أني أشاركهم في خدمة الزائرين وأساهم بشراء بعض المستلزمات، وأساهم أيضا في إحدى الحسينيات بطهي الطعام لكوني أجيد هذا العمل بحرفة إضافة إلى إن إقامتي تكون في الحسينية حيث تستضيف العديد من الزائرين للمبيت وغيرها من الاحتياجات الأخرى.
اشكر الله لأنه أتاح لي هذه الفرصة لأكون من خدمة أمير المؤمنين (عليه السلام).
ليلة مباركة
وختامنا كان مع الشيخ كاظم العابدي استهل حديثه قائلا: قد اعتاد المؤمنون بإحياء ليلة القدر وذكرى شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ تعد ليلة الشهادة ليلة مباركة لكونها تقترن بليلة القدر العظيمة فبجانب طقوسها المتعارف عليها يحيي المؤمنون ليلة العزاء الأليمة التي يستذكرها كل محبي أهل البيت وهي استشهاد الإمام علي (عليه السلام) عندما ضربه اللعين ابن ملجم وهو يصلي في محرابه في مسجد الكوفة المعظم.
فكان النداء (فزت ورب الكعبة) نداء يقشعر الأبدان وشعار يشار إليه بالبنان رفعه إمامنا العظيم وهو شعار يرمز للثائرين والسائرين في خط الله خط الإسلام المحمدي الأصيل، شعار يعبر عن ثقة النفس ويبعث الأمل فيما أعده الله تعالى للمؤمنين الصابرين.
وأضاف: إن إحياء الشعائر من تقوى القلوب فلا يسع أي موالي أن يتغاضى عن ذكرى فاجعة فجر الشهادة، فهنيئا لمن لبى النداء وأحيى تلك الليلة، وعظم الله لكم الأجر.
اضافةتعليق
التعليقات