إن الصلاة كما تكشفه لنا مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام)، ومدرسة آبائه الأطهار تعد من أهم مفاتيح الكون، وهي ليست أمرا تعبديا وتشريعيا وروحياً فحسب بل لها تأثيرتكويني مباشر على الكون كما إن الصلاة كما الطائرة لها تأثير تكويني، حيث تنقلك من مكان إلى آخر، أو أشعة لليزر التي لها تأثير تكويني على الأجسام.
إن الصلاة تمثل سر من أعظم أسرار التأثير في الكون، فالصلاة لیست مجرد معراج روحي للمؤمن، إنما لها تأثيراتها الكونية الكبرى، وهذا ما سنتحدث عنه بعد قليل بإذن الله تعالى.
هكذا نقرأ ونتعلم في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وهكذا أيضاً نشاهد ذلك في مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام)
صلاة الاستسقاء والتأثير التكويني
أبان حكومة أمير المؤمنين على العالم الإسلامي وهو حقا حقاً الخليفة المنصوب من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قضية (غدير خم) والآيات الأخرى والروايات المتواترة والواضحة، وفي ظل الظروف الجديدة، شهدت مدينة الكوفة جفافاً وقحطاً شديداً إذ حبست السماء قطرها فعم الغلاء الشديد، وشحت المواد الغذائية، فلجأ الناس إلى الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) واستغاثوا به.
هنا نشهد الدقة المتناهية في تعامل الإمام مع هذا البلاء السماوي والابتلاء الإلهي حيث فضل أن لا يذهب بنفسه لصلاة الاستسقاء، وهي الصلاة التي تؤثر في المعادلة الكونية وتسبب هطول المطر كما تؤثر في كل شيء آخر، بل التفت إلى ولده الإمام الحسين ، وقال له: (اذهب فاستسق لنا) أي أنه طلب منه أن يذهب لصلاة الاستسقاء.
وقبل أن نقرأ دعاء الاستسقاء الذي التجأ به الإمام الحسين (عليه السلام) إلى ربه سبحانه وتعالى نتوقف ونتساءل عن سبب اختيار الإمام أمير المؤمنين الإمام الحسين (عليهما السلام) دون أي شخص آخر؟!
فلم يذهب هو بنفسه (عليه السلام) بل حتى أنه لم يختر الإمام الحسن (عليه السلام) لوحده مثلاً نعم توجد رواية أخرى تذكر أنه أمرهما معاً بأن يذهبا لصلاة الاستسقاء.
لكنني استظهر أنه كانت هناك حادثتان وأنه تكررت ظاهرة القحط فأمر (عليه السلام) مرة الإمام الحسن (عليه السلام) للذهاب لصلاة الاستسقاء، ومرة اخرى أمر الحسين (عليه السلام) وحده، لكن يبقى السؤال عن سبب هذا الاختيار؟!
لعل من الأسباب التي تكمن وراء اختيار أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه السبط الشهيد (عليه السلام) هو: لكي يطبع في أذهان أهل الكوفة أنهم في يوم من الأيام سيواجهون هذا الرجل الذي جرت على يديه الكرامة الإلهية، وأرسلت السماء المياه الغزيرة بدعائه بلطف الله سبحانه وتعالى ثم مع ذلك تجتمعون عليه لقتله، ثم سبي عياله.
هذه هي المفارقة المؤلمة التي ثبتها أمير المؤمنين (عليه السلام) في أذهان أهل الكوفة، وفي أذهان الأجيال على مر التاريخ.
تقول الرواية ما أن قرأ الإمام (عليه السلام) هذا الدعاء وصلى صلاة الاستسقاء حتى تجمعت الغيوم في السماء وتراكمت وتكاثفت وبدأ المطر ينهمر بغزارة كبيرة بحيث امتلأت الحياض والغدران، والطرقات بماء كثير وافر غامر.
وذلك يعني فيما يعني أن الإمام الحسين (عليه السلام) وبأمر من أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يريد أن يبين لنا أيضاً بعداً آخر من أبعاد (الصلاة)، وهي أنها مفتاح تكويني لاستمطار الرحمة الإلهية.
الصلاة مصدر إشعاع كوني
وهذا هو ما اكتشفه العلم الحديث أخيراً في أبعاد عديدة، وعلى سبيل المثال فإن أحد العلماء وهو الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب.
يقول: (كما إن معدن الراديوم مصدر إشعاع، وهو يعد حقيقة عينية تكوينية فإن الصلاة أيضاً مصدر لاشعاع غريب).
الصلاة تعالج الأمراض الخطيرة
ويقول هذا الطبيب الشهير أيضا: (شاهدت شخصي وهي مشاهدات طبيب متمرس وخبير۔ حالات كثيرة لمرضی تماثلوا للشفاء من مرض السرطان بالصلاة، وأيضا هنالك حالات مرضية زالت بالصلاة، مثل التدرن البريتونی، وهو من النوع السيء جدا والخطير من أنواع التدرن).
ويقول كاريل أيضا: (كانت الصلاة السبب في شفاء الكثيرين من التهاب العظام، والجروح المتقيحة، التي يصعب علاجها)، وغير ذلك من الأمراض. إذن الصلاة لها تأثير تكویني؛ فبالصلاة تستمطر السماء، ويشفی المريض، ويغاث الملهوف، وتقضى الحوائج.
الصلاة عامل تطهير الأرض
وإلى جوار ذلك كله، فإن الصلاة هي عامل لتطهير الأرض فإنه ثبت علمي أنه إذا اجتمع قوم في مكان ما وصلوا، أو حتى إذا صلی شخص واحد، فأنه يخرج من بدنه إشعاع يطهر الأرض من الشحنات السالبة التي تؤثر على وتسبب توتر الأعصاب، أو تؤدي إلى اختلال مسارات الطاقة في بدنه.
هكذا نتعلم في مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام) هذه الدروس والعبر، ونتعلم أن الصلاة هي مفتاح تكويني للرحمة الإلهية، وليست مفتاحا عباديا تستوجب لقرب لله تعالی فقط.
اضافةتعليق
التعليقات