لفتت انتباهي مقولة "الصمت هو الإجابة التي لن تندم عليها أبداً!".
ترسخت في ذاكرتي وتركت في روحي ألف قصة وحكاية ولكن بعد أن فكرت ملياً وصلت إلى نتيجة؛ ماذا لو تتغير المعادلة؟
في بعض الأحيان يتجرع الانسان كأس الألم ويصمت وفوق ذلك يشيرون بأصابعهم نحوه و يصبح هو المذنب في النهاية !
بالتأكيد كل شخص قد جُعل في هذا الموقف في يوم ما و صبر وصمت على أفعال الآخرين و في الأخير خرج من المعركة وعلى جبينه ملصق مكتوب عليه: ((المتهم)).
وبينما كانت هذه المقولة تدغدغ تلابيب دماغي بقسوة وصلت إلى الإجابة بطريقة غير متوقعة!
عندما كنت أرتوي من بحر علمه الواسع، رأيت مقطعا من إحدى أدعيته عليه السلام وكان من دعائه، إذا اعتدى عليه أو رأى من الظالمين ما لا يحبّ:
يَامَنْ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ أَنْبَآءُ الْمُتَظَلِّمِينَ وَيَا مَنْ لاَ يَحْتَاجُ فِي قِصَصِهِمْ إلَى شَهَادَاتِ الشَّاهِدِينَ
وَيَا مَنْ قَرُبَتْ نُصْرَتُهُ مِنَ الْمَظْلُومِينَ وَيَا مَنْ بَعُدَ عَوْنُهُ عَنِ الظَّالِمِينَ قَدْ عَلِمْتَ يَا إلهِي
مَا نالَنِي مِنْ [فُلاَنِ بْنِ فُلاَن].....
في المقطع الأول يكنّي الامام السجاد عليه السلام عن الظالم، مشيراً إلى السبب الحقيقي في ظلمه بعد أن يستفتح الدعاء بنداءات متتابعة يذكر فيها صفات الله سبحانه التي تستلزم نصر المظلوم وهي:
١_(يامن لا تخفى عليه أنباء المتظلمين؛ فحالة المظلوم الذي يتظلم إلى الله غير خافية عليه في الحقيقة وان انخدع الخلق بالدعايات الكاذبة للظالم لتبرير ظلمه أو التغطية عليه).
٢_(يامن لا يحتاج إلى شهادات الشاهدين؛ لأنه عالم السر وأخفى وإنما يفتقر إلى شهادة الشاهدين الحكام الذين تخفى عليهم الحقائق).
٣_(يامن نصرته قريبة من المظلومين؛ لأنه على كل شيء قدير مهما كانت قوة الظالم).
٤_(يا من بعد عونه عن الظالمين؛ لأنهم بعيدون عن العدل في قراراتهم الظالمة).
وهذه الصفات الأربع في الحقيقة هي السبب في رفع الدعاء إلى الله تعالى دون غيره ممن لا يلتزمون بأوامره.
كنّي عن الظالم ولم يسمّه وذلك: إما خوفا عن زيادة ظلمه أو تحقيراً له لظلمه والذين ظلموا الامام في حياته عليه السلام من ولاة المدينة كثيرون وإن أظهر بعضهم التكريم الذي فرضته شخصية الامام الروحية عليهم..*1
إذا أخترتِ الصمت فتذكري بأن الله يرى، إذن لا تبالي وتذكري ما يعوض الله عنك من الرحمة والعفو جزاء مضاعف للكف عن الانتقام والالتزام بالعفو...
ولكن تذكري ربما الصمت يكون أكثر ذنباً من ذلك الظلم !
ربما يكون الصمت هو الإجابة التي لا يندم عليها الانسان، ولكن ليس دائما لأن الصمت في بعض الأحيان يشجع الظالم على الظلم ويسبب تمردّه وخروجه عن عرف المألوف، و السكوت يشجعه على الطغيان والظلم وليس معك فقط بل يود تجربته على الآخرين أيضا ويصبح جبّاراً، لذلك الألم ليس في ظلم الأشرار فقط بل مع صمت الأخيار يكون أكثر وجعاً وآفة، إن الفرعون لم يكن فرعونا منذ البداية ولكن خضوع الناس لأوامره و انحناءهم أمامه جعله يتمرّد و يدّعي الألوهية.
"فكل من قبل الظلم ورضي به كان عبدا لمن ظلمه كعبودية بني إسرائيل لفرعون و كل من ذل لخصمه فهو عبد."
كما نشاهد في حياة الامام السجاد عليه السلام وهو تحمل أشد أنواع الظلم والقسوة ولكن لم يجلس مكتوف اليدين ولم يصمت أمام الظلام بل بطريقة ذكية دافع عن حقه ونقل الحقائق والعلوم ومفاهيم الاسلام إلى الأجيال القادمة، وعلمّنا أنّ هناك طريق سريع للإجابة والخلاص من الظلم، إن لم يكن بوسع الانسان الوقوف في وجه الظالم ألا وهو سلاح المؤمن: الدعاء....
اضافةتعليق
التعليقات